في مستجدات الدعم الأمريكي والتمويل في الملف السوري .. فوضى ومستقبل غامض

في مستجدات الدعم الأمريكي والتمويل في الملف السوري .. فوضى ومستقبل غامض

حسام صالح

تعد مسألة الغموض والقرارات المفاجئة من قبل الولايات المتحدة الامريكية تجاه الملف السوري هي السمة الأبرز في التعامل الأمريكي مع القضية السورية، نتيجة تعقده والتداخلات الإقليمية والدولية فيه وصراع المصالح، تارة يتم وضع برنامج لتدريب وتسليح المعارضة السورية، ومن ثم يعلن عن إيقافه، وتارة أخرى يتم تخصيص ميزانيات للداخل السوري للمنظمات المدنية والإغاثية وحتى الإعلامية ومن ثم ينقطع التمويل عنها جزئياً أو كلياً.

حجم التمويل

في نهاية العام 2017 أصدرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المعروفة باسم (USAID) تقريراً حول حجم المساعدات التي تقدمها #واشنطن إلى الدول العربية، وكان من بينها #سوريا، فبحسب التقرير “حصلت سوريا على مايقارب 916.4 مليون دولار، خصص منها حوالي 94 مليوناً في المجال الأمني، في حين قدرت المساعدات الإنسانية والإغاثية بـ471 مليوناً، إضافة إلى 320 مليوناً للمعونات الغذائية العاجلية، و20 مليوناً لبرامج إغاثية متعددة، في حين خصص مايقدر بـ1.8 مليون لما أسمته (المشاركة الديموقراطية والمجتمع المدني).

وأشار تقرير الوكالة إلى أن “المعونات الأمريكية اتجاه سوريا ارتفعت منذ بدء الحرب بهذا البلد عام 2011، فبعدما كانت لا تتجاوز حوالي 22 مليوناً، أضحت في ارتفاع مستمر، إذ يتوقع أن يكون عام 2018 أكبر من سابقيه في تلقي الدعم الأمريكي.”

وفي بحثنا عن الموضوع ذاته، وجدنا تقريراً مفصلاً لمكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية نشره موقع سفارة الولايات المتحدة في سوريا بتاريخ 21 أيلول من العام 2017، قيل فيه إن “مجموع ما تم إنفاقه منذ بداية الأزمة حوالي 3.8 مليار دولار، منها حوالي 516 مليون دولار داخل سوريا”.

وقف الدعم العسكري وسحب للقوات

أعلنت الولايات المتحدة، بتاريخ 22 تموز (يوليو) 2017،  عن إنهاء برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية المعني بتسليح فصائل المعارضة السورية، والذي أطلقته الوكالة في عهد الرئيس السابق باراك #أوباما، حيث قال ترامب في تغريدة عبر حسابه على تويتر، إنه “لا فائدة في الاستمرار ببرنامج دعم فصائل المعارضة وتسليحها، فهو ضخم ومكلف وغير فعال”.

ويعود قرار تسليح وتدريب المعارضة السورية إلى عام 2012، وقد وقعه آنذاك الرئيس السابق، باراك أوباما الذي كان قد قرر زيادة الدعم المقدم للمعارضة السورية في أعقاب فشل مجلس الأمن بإقرار عقوبات قاسية بحق #الأسد ونظامه بسبب الفيتو من #روسيا و #الصين.

تبع هذا وقف الدعم العسكري، تصريح آخر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية الشهر الماضي، أعلن فيه أن بلاده ستنسحب قريباً من سوريا وتترك “الآخرين” يهتمون بالأمر، معبراً عن أسفه لما اعتبره ” تبديد واشنطن سبعة تريليونات الدولارات في حروب الشرق الأوسط” لتظهر فيما بعد دلائل أن ما قيل غير واقعي مع استمرار الدعم ورفع ميزانية جديدة لدعم القوات المقاتلة لداعش في 2018.

في هذا السياق، اعتبرت أوساط أمريكية، تصريحات ترمب الأخيرة، ليست سوى ابتزاز واضح للسعودية، فيؤكد موقع “ديلي بيست الأمريكي” أن “ترمب يخلق الكثير من الالتباس حول انسحاب القوات الأمريكية من سوريا بهدف ابتزاز السعودية وسحب الأموال منها مقابل تقويض النفوذ الإيراني في البلد الذي أنهكته الحرب منذ العام 2011”.

إعادة إعمار بتمويل سعودي

يعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب السعودية هي الشريك الأساسي له في أي نشاط ينوي عمله داخل الأراضي السورية، تجلى ذلك بعد إعلان ترمب نيته سحب قواته من سوريا ثم تبعه تصريح آخر له في بداية نيسان الجاري بإنه “إذا كانت السعودية تريد بقاء القوات الأمريكية في سوريا فعليها دفع فاتور بقاء تلك القوات هناك”.

على الصعيد الخدمي، يتجلى التنسيق من خلال الزيارة التي قام بها وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان لريف الرقة الشمالي مع المبعوث الأمريكي، حيث نقلت صحيفة عكاظ السعودية عن مصادر مقربة من التحالف الدولي إن “هناك تفاهم سعودي أمريكي حول إعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة، وأفصحت أن الرياض وواشنطن ناقشتا إعادة إعمار الرقة، بحيث يكون للسعودية الدور البارز في إعادة الإعمار”.

وحول رغبة السعودية في الوقوف بجانب الولايات المتحدة فيما يخص ملف إعادة الإعمار في سوريا فيشير محللون إلى أن السعودية لاترغب بدفع ملايين الدولارات لتصب في مصلحة إيران والمليشيات التابعة لها، وأنه من الأفضل لها أن يكون الأمر تحت إشراف الولايات المتحدة المتقاربة معها في سياستها بشأن سوريا، والخوف من التوغل الإيراني، فيكون دور السعودية هو دفع الأموال مقابل ضمان وقوف واشنطن في صفها وهو ماترغب فيه إدارة ترمب بشكل علني.

تجميد أموال وملفات فساد

منذ تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، اتسمت قراراته فيما يخص الملف السوري بالمفاجئة، وفي بعض الأحيان غير المنسجمة مع دوائر القرار في واشنطن، فكان تصريح ترمب بتجميد أكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة لإعادة إعمار سوريا وفقاً لما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال.

الدكتور محمد صبح، الخبير في الشؤون الأمريكية قال لموقع الحل “ترامب جمد هذا المبلغ لهدفين أساسيين، الأول هو بسبب إقالته لوزير الخارجية ريكس تيرلسون وهو من تعهد بدفع مبلغ 225 مليون دولار من أجل سوريا في اجتماع للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الذي عقد في شهر شباط الماضي في دولة الكويت”.

وأضاف صبح أن “ترامب يتعامل مع المسائل السياسية من ناحية مادية اقتصادية، بمعنى أنه يعلن دائماً أن دول الخليج هي يجب أن تمول وتدعم أي قرارات تتخدها الولايات المتحدة، وهو ماحصل مؤخراً عندما أعلن ترمب نيته سحب قواته من سوريا، لتتدخل السعودية ويتراجع عن قراراه”.

في مقابل ذلك، وعلى مدار سنوات الثورة، ثبت تورط العديد من المنظمات والهيئات العاملة في سوريا في ملفات وقضايا فساد، حيث توصل تحقيق أجرته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى أن التحقيقات التي تجريها هيئة رقابية حكومية أمريكية حول الفساد في تقديم المساعدات عبر الحدود التركية السورية تكشف عن تورط عدد أكبر من المنظمات غير الحكومية مما ذُكر في تقارير سابقة.

وعلى الرغم من أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ترفض التعليق على حالات محددة، فقد كشفت المقابلات التي أجرتها شبكة الأنباء الإنسانية أن التحقيقات قد أثبتت تورط العديد من المنظمات الرئيسية، وأن تلك المنظمات عوقبت بتعليق التمويل جزئياً على الأقل، وهو ما قد يوضح تخفيف وتجميد الدعم المقدم للكثير من المنظمات العاملة في تركيا والتي تعنى بالمجالات المدنية والأمنية وفق ما يرد تباعاً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.