منار حداد – الحل

ماذا حلَّ بفصيل “هيئة تحرير الشام” عسكرياً وسياسياً؟، لعل كثيراً من السوريين باتوا يسألون عن مصير هذا الفصيل الذي شكّل قوّة ضاربة في الشمال السوري طيلة السنوات الماضية، غير أنّه لم يعد كذلك اليوم، حيث ثمّة كثير من الأمور تغيّرت، أبرزها حالة الانشقاقات السياسية والعسكرية داخل جسم الهيئة، إضافةً لصعود “هيئة تحرير سوريا” كقوة منافسة لها، الأمر الذي جعل “هيئة تحرير الشام” لا تعيش أفضل أحوالها في هذه الأيام.

يسرد موقع “الحل السوري” في هذا التقرير، المناطق التي تسيطرعليها “هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب، إضافة إلى مدى قوة نفوذها السياسي عقب سلسلة الانشقاقات عنها، ووصول فصائل العاصمة إلى الشمال السوري.

تراجع ميداني

ما قبل تاريخ الثامن عشر من شهر فبراير ليس كما بعده، وخصوصاً بالنسبة لهيئة تحرير الشام، حيث شهد هذا التاريخ تأسيس أول قوة عسكرية في الشمال السوري، من الممكن أن تقف في وجه الهيئة، وذلك بعد أن تربّعت لسنوات على رأس هرم القوى العسكرية.

تأسّست “جبهة تحرير سوريا” نتيجة الاندماج بين “حركة نور الدين الزنكي” و”حركة أحرار الشام” وكان التشكيل من أبرز أهدفها، هو اتحاد توجهات كلا الفصيلين في قتال الهيئة، بناءً على خلافات جوهرية وثأرٍ قديم.

يشهد ريفا #حلب و #إدلب معارك عنيفة منذ تأسيس “تحرير سوريا” تخلّلتها معارك كر وفر بين الطرفين، ما أسفر عن خسائر فادحة لتحرير الشام في جنوب إدلب وريف حلب الغربي، الذي سيطرت فيه تحرير سوريا مؤخراً على “قرى بسطرون وعاجل وتلتي النعمان والضبعة”، فيما بقي لتحرير الشام كل من دارة عزة وجبل الشيخ بركات والجمعيات السكنية غربي حلب.

أما على صعيد إدلب، فتسيطر تحرير الشام على مدينة إدلب وقرى في محيطها، فيما يتقاسم المنطقة الريفية لإدلب إضافةً إلى الهيئة، جبهة تحرير سوريا وفصائل معارضة أخرى، إلّا أن مناطق السيطرة لكل فصيل تُعتبر متداخلة مع الآخر، وهو الأمر الذي يعصّب من مهمّة حصرها.

خسارة الكوادر

المحلل العسكري العقيد حاتم الراوي اعتبر أن تحرير الشام لم تكن خسائرها متوقّفة على الجغرافية وحسب، وإنما بدأت تفقد كوادرها المحترفة، موضحاً أن الهيئة استقطبت بالمال والإيديولوجيا خلال السنوات الفائتة الكثيرين من النخب في سوريا، لا سيما أنّها أبدت مرونةً أكثر في بداية تشكيلها، ما دفع الكثيرين للانضمام إليها بفعل العواطف ودافع إسقاط النظام.

بحسب الراوي فإنه بعد اتضاح أن الهيئة “لا تريد أن تعمل لسوريا وإنما تريد العمل لإمارتها”، بدأ قسم كبير من كوادرها يتخلّون عنها، ولا سيما من الجنسية السورية، موضحاً أن الانشقاقات عن النصرة تعود إلى أن كل من يريد أن يعمل في الشمال يجب “إما أن يعمل تحت إرادة #تركيا ويصبح في #الجيش­_الحر أو يتبخّر بسبب عدم احتمالية مقارعة تركيا”.

أوضح الخبير أن “الخسائر الجغرافية تعود إلى أن كل من يعمل في الشمال يجب أن يعمل تحت الإرادة التركية، كون تركيا تضع يدها على الجيش الحر في الشمال، وتمسك بمفاتيح تحرير الشام، فإن الغلبة ستكون لفصائل الجيش الحر حتماً عندما تشتبك مع الهيئة، ولا سيما أن هذه الفصائل تحظى بالدعم التركي”.

وتوقّع الراوي غلبة تحرير سوريا في المعارك الدائرة حالياً ضد تحرير الشام وخاصة بعد التنسيق بين الزنكي وأحرار الشام.

الانشقاقات

عندما تشكّلت هيئة تحرير الشام قامت على خمس فصائل رئيسية، وهي جبهة فتح الشام (النصرة)، حركة نور الدين الزنكي، جبهة أنصار الدين، لواء الحق، جيش السنة.

وخسرت الهيئة نصف قوتها العسكرية بعد انشقاق فصيلي النزكي وأنصار الدين، وما زاد من ضعف  فتح الشام هو أن فصيل الزنكي الذي انشقّ عنها تحالف مع أحرار الشام ضدّها وشكّلت قوة ضدها.

عملية الانشقاقات هذه ليست الوحيدة التي تعطي مؤشّراً عن فقدان تحرير الشام لربيعها في سوريا، إذ أن وصول فصائل قوية من #الغوطة_الشرقية و #القلمون الشرقي هي أصلاً على خلاف سابق مع تحرير الشام قد يزيد من الضغط ضدها، ولا سيما مع احتمالية انخراط هذه الفصائل في تحالفات مناهضة لتحرير الشام.

هذا الأمر دفع المحلل العسكري العقيد حاتم الراوي لاعتبار أن أيام الهيمنة العسكرية المطلقة لتحرير الشام وفتح الشام وقبلها النصرة قد انتهت.

بعد تهجير النظام لمقاتلي المعارضة من الغوطة الشرقية، وصلت فصائل عُرفت بقوتها العسكرية وتنظيمها إلى الشمال السوري، أبرز هذه الفصائل هي جيش الإسلام الذي قوامه نحو ٩ آلاف مقاتل مدرّب ومجهّز، إضافةً إلى فيلق الرحمن الذي يُقدّر عدد مقاتليه بما يزيد عن ٥ آلاف مقاتل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة