محمد النجار

قديماً كانت مهنة #الحلاق تعتلي عرش المهن الرصينة والمحترمة حيث تحتل المهنة مرتبة اجتماعية مهمة تتماهى مع مهنة الطبيب في الوقت الحالي، ويبدو أنها عادت لتحتل تلك المكانة بعد أن فقدت بريقها لصالح مهن أخرى، أو أن سوريا عاد بها الزمن لعصر الحلاق والعطار والخستخانة.

تفاجأ أحمد لدى دخوله إلى محل حلاقة في #صحنايا بأن المحل قد تحول إلى أشبه ما يكون بعيادة طبيب أسنان، وأن الحلاق بات مساعداً لطالب طب الأسنان في جامعة دمشق، وتمكن من مزاولة المهنة تحت غطاء من حاجز المخابرات الجوية بالقرب من العيادة حيث ابن قريته أحد عناصر هذا الحاجز.

يقول أحمد، “من المهين جداً لهذه المهنة التي تهتم بأجمل ما في الإنسان وهي ضحكته والواجهة التي يستقبل بها من يقابلهم، أن تنحدر إلى هذا المستوى، فأنا مهيأ نفسياً لرؤية أدوات الحلاقة في هذا المكان مثل (الموس) وماكينة الحلاقة والخيط والشمع والمناشف والبشاكير، لكن ما كان موجودا هو أدوات الفحص والتشخيص مرآة الأسنان، مسبار الأسنان، الكفوف المعقّمة، الكمّامات، الشاش #الطبيّ، القطن الطبيّ”.

ويضيف أحمد، “من المؤسف جداً أن نتحول ونحن في القرن الحادي والعشرين إلى هذا المستوى من التخلف”.

مخاطر طبية تهدد قلوب المرضى

الموضوع لا يقف عند التلوث الشكلي الذي وصفه أحمد، فموضوع التعقيم الطبي من المواضيع الحساسة والخطيرة التي لا يأبه لها العوام عادة، دفعتنا الظاهرة الجديدة للحديث مع الطبيب (مصطفى يحيى) ليشرح لنا مخاطر الاستسهال بموضوع التعقيم وهو المختص بهذا المجال، يقول يحيى: ” لعل معيار التعقيم والأدوات المعقمة هي التي تميز طبيب أسنان ناجح عن غيره من أقرانه، حيث أن نظافة الأدوات تحمي المريض من خطورة انتقال الجراثيم الطبية العنيدة من تلك الأدوات إلى دورته الدموية حيث أضعف مكان للاختراق يعتبر لثة الإنسان، فالطبيب مطالب أكثر من غيره من الأطباء بمراعاة قواعد التعقيم السليمة، حيث يجب أن تحتوي كل عيادة أسنان على جهاز تعقيم لتنظيف أدوات جراحة #الفم والأسنان والشفرات الجراحيّة، والمشرط، والماسك الشرياني”.

يعود أحمد للحديث عن التغيرات التي أصابت المكان من حيث المفردات المستخدمة حيث حلت كلمات مثل، ما هي مشكلتك تسوس، حفر وحشو، سحب عصب، تركيب جسر، تبييض تنظيف لثة، بعد أن كانت المفردات شو بتحب “سبايكي”، “فرزاتشي” شعر ودقن، بالمكانية، تنظيف بشرة، شمع، وهنا ينسى الحلاق استخدام المفردة الجديدة “مريض” عوضاً عن كلمة “زبون”، والعطلة بالتأكيد تحولت من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة.

فساد بغطاء وتبرير حكومي

الأوساط الرسمية للنظام ألقت باللائمة على المهجّرين والنازحين، حيث قال رئيس فرع نقابة طب الأسنان في دمشق (رشاد مراد)، “هناك دخلاء على طب الأسنان بسبب الأزمة الحالية التي فرضت الكثير من الأمور منها أنه تم السماح لمواطنين ممن تهجروا أن يفتحوا عيادات غير مرخصة”.

وأعلن مراد عن ورود العديد من الشكاوى غير أخلاقية تمس بالمهنة منها أن أشخاصاً يمارسون مهنة طب #الأسنان في صالونات الحلاقة، كاشفاً أن النقابة تتلقى ثلاث شكاوى أسبوعيا عن أطباء أسنان بمعدل 100 شكوى سنوياً. ومشاكل أخرى فبعض الأطباء يمارسون اختصاصات غير اختصاصهم.

العامل الاقتصادي يحسم الموضوع

ضرب الغلاء كل مفاصل الحياة في سوريا، الممكن بات مستحيلا في قاموس من تبقى متمسكاً داخل البلد، هذا الغلاء شمل أيضاً العيادة السنية التي كانت توصف بأنها غالية حتى وقت الرخاء.

قطاع طب الأسنان من القطاعات الذي يتعامل به #المرضى بالدفع عبر الأقساط لكنه بات مرهقاً اليوم فتسكين ألم ضرس يكلف 10 آلاف ليرة فكيف بجهاز تقويم أو تركيب جسر!
هذه الأسباب مجتمعة دفعت أحمد ومن في حكمه من الطبقة دون المتوسطة إلى الاعتماد على تلك العيادات التي توصف أسعارها بالمقبولة نسبياً حيث لا تتجاوز جلسة حفر الضرس وحشوه مبلغ ال2500 ليرة.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.