نشاط داعش الاقتصادي في أوروبا بين الهجمات منخفضة التكلفة وحقائب الدفع الالكتروني

نشاط داعش الاقتصادي في أوروبا بين الهجمات منخفضة التكلفة وحقائب الدفع الالكتروني

حسام صالح

تعتبر مسألة ملاحقة وتتبع الأموال الخاصة بالمنظمات الإرهابية معضلة تواجه معظم دول العالم، حيث تواجه حكومات دول العالم وخصوصاً الأوروبية مشكلة حقيقية بعد بدء تلاشي تنظيم الدولة #داعش من #سوريا و #العراق، وهروب عناصره وقياداته مع أموالهم إلى دول الجوار ومنها إلى أوروبا، فتعقد مؤتمرات واجتماعات لمناقشة هذا الخطر القادم ومحاولة “تجفيف منابع وتمويل الإرهاب”، إلا أنها تبدو أكثر صعوبة خصوصاً مع التطور التكنولوجي وسهولة وسرعة نقل الأموال وتحويلها في أي مكان بالعالم.

في هذا التقرير سنحاول تسليط الضوء على أهم الطرق التي يقوم تنظيم الدولة بتحريك ونقل أمواله إلى الدول الأوروبية، وكيف يمول عملياته المختلفة، وهل بإمكان الدول الأوروبية تتبع هذه الأموال، وتجفيف مصادرها؟

نقل الأموال الكترونياً

لم يعد تنظيم الدولة بحاجة كما جرت العادة في التنظيمات الجهادية المتطرفة، إلى الطرق التقليدية في نقل وجمع الأموال، في المساجد أو الجمعيات، أو عبر الحسابات البنكية التي تخضع للمراقبة والمساءلة، بل أصبحت الشبكة العنكبوتية هي الوسيلة الأضمن، فأصبح التنظيم قادراً على جمع ونقل الأموال بكل سهولة، ووجد في منصات التمويل الرقمية والعملة الافتراضية ملاذاً لمواصلة جمع الأموال، مستغلاً ظهور شركات التمويل الرقمي الجديدة التي يقول المسؤولون إنها تعقد إمكانية تعقب التحويلات المالية.

في هذا الصدد، أعلنت مجموعة “جوست سيكوريتي جروب”، وهي شركة أمريكية مختصة بنظم الدفاع، وتستخدم تقنيات لتعقب الإرهابيين، في تشرين الأول من عام ٢٠١٥ اكتشافها محفظة بيتكوين يملكها داعش وبداخلها أموال تبلغ قيمتها الإجمالية ٣ ملايين دولار تقريباً، ولفتت إلى أن التنظيم يستخدم بيتكوين على نطاق واسع لتمويل عملياته، حيث تمكنت من كشف العديد من عناوين بيتكوين التي يستخدمها التنظيم.

في مقابل ذلك، كشف النائب العام في #باريس فرانسوا مولينس قبل أيام، أنه تم تحديد أكثر من 400 متبرع لمنظمات إرهابية في فرنسا، خلال عامين، وذلك عبر تمويلات صغيرة لكن حجمها كبير، ما يعزز المخاوف بشأن استغلال التنظيمات الإرهابية لمنصات التمويل الرقمية والعملة الافتراضية لتجاوز الرقابة المفروضة على التحويلات المالية.

هجمات منخفضة التكلفة

المحققون ووحدات مكافحة الارهاب واجهوا في السنوات الاخيرة اعتداءات أو محاولات اعتداء أطلق عليها تسمية “الارهاب المنخفض التكلفة” تتعلق بكميات صغيرة جداً من الاموال يصعب تتبعها أو حتى يستحيل تتبعها مسبقاً.

الكثير من التحقيقات الأوروبية، كشفت أن الهجمات التي تتم على أراضيها تتم بتكلفة قليلة جداً، وأن خلية مكونة من شخصين تكلف بين 500 إلى ألف دولار شهرياً فقط، حيث كشفت دراسة صادرة عام 2015 عن مركز أبحاث الدفاع النرويجي أنه من بين 40 هجمة إرهابية تعرضت لها أوروبا خلال الفترة بين عام 1994 وعام 2013 كان 75% منها بتكلفة أقل من 100 ألف دولار، وهى تكلفة مرتبطة بالحصول على بندقية هجومية أو متفجرات أو تدريب، وما إلى ذلك من متطلبات قد تكون في واقع الأمر منخفضة التكلفة.

ولعل تكتيك “الذئاب المنفردة”، وهو ابتكار “المتحدث باسم تنظيم داعش أبو بكر #العدناني” أصبح الاستراتيجية الحالية للتنظيم في الدول الأوروبية، وهو ما أشارت إليه صحيفة لوبوان الفرنسية، حيث أكدت أن “الجهاد” لم يعد مرتبطاً بالمنظمات المعقدة والخلايا النائمة الخاضعة لمركز تنظيم داعش، وإنما صار مشروعا ذاتياً، فبمجرد أن يعلن الشخص الذي استقطبه التنظيم ولاءه، يخوَل بتنفيذ العملية القادمة، حيث مكن هذا التغيير في مفهوم الجهاد تنظيم داعش من تجنب مخاطر وتكاليف التنقل إلى المناطق التي سينفذ فيها هجماته.

ملاحقة الكترونية

البحث في خفض إخفاء الهوية في التحويلات المالية، وطرق نقل الأموال واستخدام البطاقات المدفوعة مسبقاً والمحافظ الرقمية، كانت محور اهتمام أكثر من 450 خبيراً في أنحاء العالم في مؤتمرتمويل الإرهاب الذي عقد في باريس في 27 من شهر نيسان 2018، حيث اقترحت فرنسا خطة تشمل جانبين الأول: التركيز على البطاقات المدفوعة سلفاً والعملة الافتراضية، خصوصاً وأنها استخدمت في تدبير اعتداءات باريس لتمويل تأمين سيارات وشقق للمهاجمين، بديلاً من بطاقات الدفع العادية لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين ليست لديهم حسابات مصرفية، والبطاقات التي تحمل أختام شركات فيزا أو ماستركارد والمزودة برقم سري تتيح لمستخدميها أن يسحبوا الأموال نقداً من أجهزة الصرف الآلي، أو الشراء من متاجر أو عبر المواقع الإلكترونية على غرار البطاقات الائتمانية العادية الصادرة من المصارف.

أما الجانب الثاني من الخطة، فيشمل الأوراق النقدية من فئة 500 يورو، وهي المفضلة في أوساط الجريمة المنظمة لسهولة حملها في شكل سري.

ويبقى السؤال الأهم، الذي يتم تداوله في الأوساط الأوروبية، هل ستكون المعركة مع التنظيم في أوروبا طويلة الأمد، مع تعقد عمليات التتبع المالي لأفراده، وما مصير مئات الملايين من الدولارات التي تم نقلها خارج سوريا والعراق إلى #تركيا والتي بدورها يتم تحويلها إلى أوروبا تدريجياً ويصعب تعقبها؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.