منار حداد

وجد #السوريون داخل البلاد، في نظام العمل الالكتروني عن بعد، المعروف باسم “العمل أون لاين” فرصة ثمينة لتخفيف عبء الحياة #الاقتصادية من جهة وإيجاد فرصٍ تمكّنهم من العمل والهروب من الملاحقة الأمنية في نفس الوقت.

وانتشر نظام العمل عن بُعد خلال السنوات الأخيرة بشكلٍ كثيف، حتى بات داخل كل ميادين #المهن المختلفة، ما ساعد على ذلك هو توفّر الانترنت، الذي يقوم هذا العمل عليه في متناول الجميع، إضافة إلى انتشار ثقافة هذا النوع من #العمل بين الشركات والمحال من جديد.

عملة صعبة

قد يجلب العمل بنظام “أون لاين” فرصةً ذهبيةَ للمقيمين في داخل #سوريا، وهي العمل مع شركات وجهات خارج سوريا، وهو ما يتيح لهم فرصة الحصول على رواتب بالعملة الصعبة “الدولار” والتي بدورها قد تساهم إلى حدٍّ كبير في تسهيل حياتهم ونفقاتها داخل البلاد، حيث يُعتبر راتب ٣٠٠ دولار في خارج سوريا، مُتدنّياً، لكنه في #سوريا يُعادل نحو ١٥٠ ألف ليرة، وهذا المبلغ يكفي للعيش باكتفاءٍ اقتصادي لمدّة شهر كامل لثلاثة أشخاص، بحسب تقديرات الأسعار.

رهام الأسود، تعمل منذ عامين كمترجمة في شركة مباني بالعاصمة دمشق، وتقول لـ “الحل” إن “الشركة تمنحها مبلغ ٥٠٠ دولار أمريكي لقاء ترجمة مراسلاتها اليومية”.

المبلغ بالنسبة لرهام يُعتبر ممتاز مقارنة بظروف الحياة داخل العاصمة، وتوضّح الفتاة أنّها تتمكّن من تأمين جميع مصاريفها اليومية، إضافة إلى دفع أقساط #الجامعة الخاصة التي تعمل بها، فضلاً عن أنّها تعيل أسرتها.

قبل هذا العمل، كانت رهام تعمل بدوام يومي في مكتب طيران بمنطقة الشعلان بالعاصمة دمشق في مجال الترجمة أيضاً، ولكن راتبها كان ٦٠ ألف ليرة “نحو ١٣٠ دولار أمريكي”، ينقص منه نحو ٣٠ دولاراً للمواصلات اليومية ويتبقّى نحو ١٠٠ دولار فقط، أما بعد العمل أون لاين تضاعف راتبها خمس مرات بفضل العمل مع شركة أجنبية.

تضيف رهام، أن “معظم أصدقائها الذين يعملون بمجالات #الترجمة والتسويق يبحثون عن أعمال عن بُعد مع شركات خارج سوريا ليتمكّنوا من الحصول على دخل يشابه دخلها.

حل لمشكلة التضخم

يحصر الخبير والمدرب في إدارة المشاريع والتفاوض (معن الهمة)، مجالات العمل بنظام “أون لاين”، بأنّها تتعدّد بين “الترجمة وادخال البيانات بكميات كبيرة في الشركات، والمبرمجين ومصممي #الغرافيك والتعليم عن بعد”.

وقال الهمة لـ “الحل السوري”، إن “مشكلة #التضخّم ازدادت بشكلٍ كبير بعد عام ٢٠١١، حيث تضاعفت تكلفة المعيشة بنسبة ١٢ مرة في حين أن كتلة الرواتب تضاعفت مرة واحدة”، مشيراً إلى أن هذا الواقع خلق فرصة مهمة للعمل “أون لاين”.

وأوضح الهمة الذي يقيم في #ألمانيا، أن هذا العمل يحقّق نوعاً من الاستفادة للشركة وللموظف على حدٍ سواء، حيث تجد الشركات خدمات بعمولة أرخص بالنسبة للسوريين المقيمين داخل #سوريا، في حين أن الموظفين بالداخل يجدون فرصة للعمل بالعملة الصعبة.

واعتبر الهمة أن سوريا لا تزال متأخرة فيما يخص مجال العمل “أون لاين”، لافتاً إلى أن الشركات الكبيرة في #أوروبا بات لديها جميعها خدمات أون لاين وباتت تتسابق على أتمتة الخدمات وتحويلها إلى رقمية.

وعن مستقبل هذا النوع من العمل أكد الهمة، أن سوريا تفتقد إلى بنية تحتية تتركّز في ثلاث مقوّمات، الأول شبكة أنترنت عالية الجودة، وثانياً البنية القانونية من أجل قوننة هذا #العمل لحفظ حق طرفي الإنتاج، إضافةً إلى بنية تحتية مصرفية للتمكّن من إجراء التحويلات المالية بشكل آمن وغير مكلف.

هرب من المصاعب الأمنية

ووجد بعض آخر من السوريين، في العمل “أون لاين” فرصة للهروب من المصاعب الأمنية، فمنذ أكثر من عام وشهرين، استدعي فؤاد للخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا، فمكثف بمنزله في منطقة “باب شرقي” بالعاصمة، وامتنع عن الخروج منه إطلاقاً خوفاً من أن يتم القبض عليه وسوقه للخدمة.

غير أن العشريني يعيش وحيداً بدمشق كون عائلته تعيش في محافظة أخرى، وهو ما يتطلب مصاريف كبيرة من أجل تأمين نفقات حياته بما في ذلك إيجار #المنزل المرتفع الذي يعيش فيه، والذي يبلغ ٦٠ ألف ليرة سورية شهرياً.

يقول فؤاد لـ “الحل السوري”: “لم أخرج من منزلي إطلاقاً منذ أن انتهى تأجيلي وطلبت للخدمة، أمضي وقتي في المنزل بين العمل على #الحاسوب أو ممارسة الرياضة عبر أجهزة اقتناها وجلبها إلى منزله.

أما عن عمله داخل المنزل فيُشير فؤاد، وهو خريج تجارة واقتصاد، إلى أنّه يعمل محاسباً ومحلّلاً مالياً بنظام “فري لانس” مع ثلاث جهات، تتنوّع بين مطاعم وشركة أجهزة كهربائية، لافتاً إلى أن مدير إحدى الجهات التي يعمل بها لم يقتنع بالعمل عن بعد وطلب منه الحضور إلى مقر العمل، لكنّه طلب فترة تجريبية مدّتها أسبوع وتمكّن خلالها من إقناع رب العمل.

ويوضح الشاب، أنّ الأعمال التي يقوم بها تحقّق له دخلاً يمكّنه من تأمين مصاريف حياته الأساسية وإرسال أموال إلى عائلته المقيمة في محافظة الحسكة شهرياً.

وبخلاف فؤاد، فإن العمل عن بعد بات الملاذ الوحيد للسوريين الملاحقين ليتمكّنوا من تأمين متطلّبات الحياة #الاقتصادية دون أن يضطروا للخوض في مغامرة عبور الحواجز العصية على العبور لمن هو على لوائح الأمن السوري.

ومن أبرز ميزات العمل “أون لاين” على الحالة #السورية، هو المشاركة النسائية فيه، حيث أتاح هذا النوع من العمل للفتيات اللاتي لا يُسمح لهنَّ بالعمل بدوامٍ كامل خارج المنزل، أن يعملنَ من منازلهن عبر طريقة “أون لاين”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة