منار حداد

شهدت سوريا واحدة من أقسى موجات الانحباس في #الأمطار هذا الشتاء، وذلك للعام الثاني على التوالي، حيث شهد الشتاء الماضي ندرة في سقوط الأمطار، ما انعكس على حال #الزراعة في سوريا.وأدّى ذلك الجفاف إلى تراجع حاد في المحاصيل #الزراعية ولا سيما تلك التي يعتبرها النظام “استراتيجية” كالقمح والشعير والقطن، إضافةً إلى خيبة أمل #الفلاحين الذين مُنيوا بخسائر كبيرة بسبب اعتمادهم بشكلٍ رئيسي على “الزراعة البعلية” وهي الزراعة التي تعتمد على الأمطار، في ظل غياب أي خطط للنظام في توسيع المساحة المروية لمواجهة أي موسم مطري بخيل.

أسوأ موسم للقمح

بعد أن كانت سوريا من الدول المُكتفية ذاتياً بالقمح، شهدت هذا #الموسم أسوأ مواسم قمح في تاريخ البلاد، حيث تشير إحصاءات صادرة عن وزارة الزراعة التابعة لحكومة النظام، إلى أنها استلمت فقط ٣٠٠ ألف طنّاً من القمح، وذلك بعد أن كانت تنتج ما يقارب ٤ مليون طن في #الموسم الواحد.

وعلى الرغم من أن الكميات التي تسلّمها النظام لا تمثّل كل #القمح السوري بسبب وجود صوامع للإدارة الذاتية والمعارضة، إلّا أن الموسم يبقى منخفضاً جداً مقارنة مع مواسم ما قبل ٢٠١١، وهو ما جعل البلاد تغرق بالقمح الروسي المستورد.

وعن مجمل المساحة المزروعة هذا العام، تبيّن إحصاءات وزارة الزراعة، أنه تم زراعة ما يقارب مليون ومئة ألف هكتار هذا العام، غير أنّها لم توضّح كمية الإنتاج عن هذه المساحات.

ويُرجع المهندس الزراعي المقيم في داخل سوريا (منار معروف)، السبب في هذا التضاؤل الكبير إلى قلّة الأمطار، مُعتبراً أن القمح تحديداً يُعتبر من المحاصيل البعلية في سوريا.

وقال معروف لـ “موقع الحل”، إن “مزارع #القمح لم تشهدّ تضرّراً عمّا كانت عليه في العامين السابقين” مُتسائلاً عن سبب هذا التراجع الكبير في الإنتاج.

غياب المساحة المروية

وأضاف معروف، أن تضاؤل الهطولات #المطرية كان أمراً متوقّعاً من قبل خبراء الأرصاد منذ نحو عدة سنوات، سواء على سوريا أو دولاً أخرى في المنطقة، موضحاً أنه كان بالإمكان تدارك هذا الأمر فيما لو تم توسيع المساحة المزروعة بالري الصناعي، بدلاً من #الزراعة البعلية والتي لا يمكن الوثوق بها بشكلٍ كامل.

واعترفت وزارة زراعة النظام بهذا الخلل، ونقلت صحيفة “الأخبار” المقرّبة من جماعة “حزب الله” اللبنانية عن وزير الزراعة (أحمد القادري) قوله، إن “الحكومة دعمت #الفلاحين في ريف حلب الشرقي بالري، وأمّنت البذار لفلاحي دير الزور، مع تعثر بعملية الري التي تدعمها الحكومة في ريف دير الزور الشرقي، بسبب الضرر الكبير الحاصل في الشبكة”.

وأضاف القادري، أن “وزارته قامت بتأمين كل مستلزمات الإنتاج #الزراعي لجميع المحافظات، ما عدا الحسكة، بسبب ظروف الطرقات”.

غياب البُنى التحتية

وعن أسباب عدم وجود مساحات مروية كافية، يفسّر المهندس الزراعي (منار معروف) هذا النقص، بأن النظام غير قادر على تأمين البُنى التحتية الخاصة بالزراعة المروية، موضحاً أنه لا يوجد علاقة بين #الحرب والبُنية التحتية للزراعة المروية لأن النظام لم يقم بإنشائها حتّى عندما كانت سوريا بحاجتها قبل عام ٢٠١١.

وعن تلك البُنى التحتية يوضّح معروف أنّها تتمثّل في تأمين #السماد العضوي بكميّات كبيرة، إضافة إلى تأسيس شبكة ري متطوّرة بحيث تكون جاهزة للدخول على خط #الخدمة في حال تأخرت الأمطار.

كما تحتاج هذه البُنية بحسب معروف إلى تمديد يصل بين مناطق مصادر #المياه والأراضي الزراعية، وهذه قد تكون بعيدة عن بعضها لبعضة كيلو مترات، ما يزيد من صعوبة المشكلة، موضحاً أن هذه الشبكات تحتاج أيضاً إلى كميات هائلة من #المحروقات ليتم تشغيلها لساعات طويلة يومياً من أجل القيام بدورها في ري الأراضي المزروعة.

سيول أيار “الكارثية”

وشهدت عدة مناطق في #سوريا، لا سيما الجنوبية والشرقية منها، أمطاراً كارثية أدّت إلى حدوث سيولٍ واسعة، ما أسفر عن تلف محاصيل زراعية إضافةً إلى مقتل وإصابة مدنيين.

ووفقاً لمزراعين في المنطقة #الشرقية، فإن الأمطار الغزيرة جداً رفعت منسوب نهري الفرات والخابور، ما أدّى إلى فيضان مياه النهرين نحو المحاصيل المروية القريبة منها وجرفها.

وبحسب ما نقلت مواقع إخبارية محلية، عن مدير زراعة النظام في دير الزور (محمود حيّو)، أن “السيول في أيار أتلفت 2695 دونماً في #الريف الغربي للمحافظة، معظمها مزروع بالقمح، ما أخرج قرابة 10% تقريباً من الإنتاج خارج الغلة المتوقعة” وهو ما زاد المشكلة سوءاً.

تعويضات مُهينة

وعلى إثر #الخسائر الكبيرة التي أحدثتها سيول أيار، فقد اتجه النظام نحو تعويض #الفلاحين الذين يزرعون المحاصيل الاستراتيجية فقط، وذلك بقرار من “صندوق الكوارث” التابع لوزارة الزراعة في حكومة النظام.

وشمل #التعويض مبلغ ١٠٠٠ ليرة سورية فقط أي ما يُعادل ٢ دولاراً عن كل دونم من المحاصيل الاستراتيجية التي تضرّرت بسبب السيول.

ويصنف النظام المحاصيل الاستراتيجية بأنها تشمل #القمح والشعير والقطن فقط، بينما لا يعتبر باقي المرزوعات على أنها استراتيجية، وبالتالي لن تتلقّى أي تعويضات عن خسائر #السيول.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.