حمزة فراتي – موقع الحل

مهنة القابلة التي اندثرت منذ سنوات بعد تطور الخدمات الصحية تعود إلى بعض المناطق في شرقي الفرات بدير الزور من جديد، والأسباب مرتبطة بسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) عليها.

فوق سرير حديدي ملتصق بجدار غرفة صغيرة مطلة على قارعة الطريق تم إغلاق نافذتها بإحكام لتحجب الرؤية عن الحي في وسط مدينة #هجين الواقعة تحت سيطرة داعش بريف دير الزور الشرقي، وضعت مريم طفلها الرابع بعسر شديد.

تقول مريم الفلاح 28 عاماً (من مدينة هجين بريف ديرالزور الشرقي) لموقع الحل، إنني “لم أخطط يوماً للإنجاب عن طريق القابلة بهذه الطريقة لكنني وجدت نفسي مجبرة، فمشفى المدينة لا يتوفر فيه طبيبة نسائية ويفتقر لكافة المعدات الطبية أيضاً، إضافة إلى العقوبات التي فرضها التنظيم لمن يحاول الخروج من مناطق سيطرته”.

“ليس فقط المضطرات أمثالي يلجأن إلى هذا الحل، فهناك نساء أخريات أصبحت القابلة خيارهن الأول فالمناطق التي لازالت تحت سيطرة التنظيم لايتوفر فيها مشافي ملطقاً”، تضيف.

تقول سحر فياض (طبيبة نسائية مختصة بالتوليد من ريف ديرالزور الشرقي) لموقع الحل إن “أبرز 15 طبيباً وطبيبة في اختصاص أمراض النساء والتوليد غادروا المنطقة الى جانب مجموعة من أطباء التخدير ومساعديهم، بسبب ممارسات التنظيم عليهم والقوانين الصارمة التي وضعوها وخاصة على الأطباء، وآخر طبيبة توليد تمكنت من الخروج من المنطقة هي وعائلتها قبل شهرين بعد دفعها مبلغاً مالياً كبيراً لأحد المهربين، مازاد الوضع سوءاً بالنسبة للنساء المتواجدات في مناطق التنظيم” وفق قولها.

لحسن حظ مريم أن ولادتها ستكون طبيعية، لذا حملت حقيبةً صغيرةً محشوةً بملابس الطفل المنتظر وسارت مع زوجها ووالدتها، مكللة بسواد النقاب الذي يفرضه التنظيم على نساء المنطقة، حيث وصلوا بسيارتهم إلى منزل متواضع بوسط المدينة.. دخلت الحامل وأمها الغرفة الصغيرة التي كانت دكاناً متواضعاً، حيث استقبلتهما أم علي وهي سيدة أربعينية، ثم قالت وهي تنظر الى مريم التي شحب وجهها ووضعت يدها على بطنها من شدة الألم : “استلقي على السرير ولا تخافي ستكون الأمور سهلة، هنا ولّدت عشرات النساء، كما أن أمهاتنا وجداتنا كن ينجبن في المنازل حتى وقت قريب”.

الزوج أصر على البقاء أمام نافذة الغرفة المغلقة وهو في حالة تأهب لأي طارئ، فهذه تجربتهم الأولى مع القابلة، وعندما بدأ صراخ مريم يتجاوز النافذة فسمعه زوجها والجيران، ارتبك الجميع إلا أم علي، التي استطاعت بعد حوالي الساعتين من إخراج الجنين.

القابلة أم علي تتقاضى بحدود (20) دولاراً في العادة مقابل أتعابها، وهي تعيل عائلة مكونة من ستة أفراد، زوجها عاجز وأبناؤها عاطلون عن العمل، وهي موظفة في مستشفى المدينة وتعمل يومين في الأسبوع مقابل راتب زهيد لا يتجاوز (50) دولاراً، لذا تضطر لممارسة المهنة في منزلها.

ثمة الكثير من أمثال هذه المرأة أصبحن قابلات في المناطق التي لازالت تحت سيطرة التنظيم بريف ديرالزور، سيما وأنه لا توجد حالياً رقابة أو شروط تمنعهن من مزاولة العمل.

حذرت الطبيبة سحر فياض طبيبة النسائية المقيمة في دير الزور من الإنجاب على أيدي القابلات لأنهن لا يحسنّ التعامل مع أي انحراف في مجرى الولادة أو الأعراض التي قد ترافق الولادة كارتفاع ضغط الدم أو النزيف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.