نشرت مجلة الفورين بوليسي مقالاً يتحدث عن “جزيرة الاستقرار” في #سوريا كما وصفها المقال، قاصداً بها #القنيطرة. كتبه كل من نيكولاس هيراس وشادي مارديني، تناولا فيه الأسباب وراء تحقيق الاستقرار في تلك المنطقة، فجاء فيه:

كانت الأشهر القليلة الماضية من ضمن الأشهر الأسوأ في تاريخ الحرب السورية منذ اندلاعها عام 2011، حيث يقدّر أن 511000 حالة وفاة وقعت حتى الآن. وقد أصبح نظام الأسد في الآونة الأخيرة يسيطر على السلطة ويطبق أقصى ما يمكنه من ضغوطات على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في البلاد. حيث تعرض المدنيون للهجوم بما في ذلك الهجوم بالسلاح الكيماوي، وقطعت عنهم طرق المساعدات الإنسانية. ومن المرجح أن تزايد المشاركة الخارجية من #روسيا و #تركيا و #إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب العديد من الدول الأخرى يوحي بأن الصراع سوف يزداد بشكل أكبر، وأسوأ.

وعلى الرغم من كل ما سبق، فإن بقعة واحدة في سوريا بقيت هادئة نسبياً رغم الاضطرابات المحيطة بها، وهي جنوب غرب سوريا، وبالتحديد محافظة القنيطرة الواقعة على الجانب السوري من مرتفعات #الجولان، والمناطق القريبة منها في الجزء الشمالي الغربي لمحافظة #درعا حيث شهدت أعمال قتال أقل من المناطق الأخرى.

وبحسب المقال، فإن المعارضة المعتدلة كانت أقوى في القنيطرة والمناطق المحيطة بها، وبالرغم من حضور الجماعات المتطرفة في المنطقة، إلا أنها لم تكن تمتلك اليد العليا، وتعتبر الظروف الإنسانية في المنطقة أفضل بكثير منها في المناطق الأخرى في سوريا. وتأتي أهمية المنطقة من ناحيتها الإستراتيجية، حيث تتنافس كل من إسرائيل و #إيران من أجل السيطرة على الجانب السوري من مرتفعات الجولان، وهو موقع محوري لكلا الجانبين لفرض السيطرة عليه في حال نشوب صراع أوسع نطاقاً.

ويشير المقال إلى بعض العوامل التي من المحتمل أنها تقف خلف جعل المنطقة فريدة من نوعها مقارنة ببقية المناطق السورية. منها القرب النسبي من إسرائيل، الأمر الذي يجعل نظام الأسد أكثر حذراً في التدخل. وقد نجحت كل من الأردن والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في إنشاء منطقة خفض التصعيد في المنطقة في حزيران الماضي.

كما أن القنيطرة والمناطق المحيطة بها تعتبر من الأماكن القليلة في سوريا التي لا تزال فيها قوات المعارضة المسلحة المعتدلة تتلقى الدعم الخارجي بشكل دوري، من رواتب وشحنات ذخيرة، ما يوفر طبقة إضافية من الأمن ضد العناصر المتطرفة التي تحاول الاستيلاء على السلطة.

لكن، وبحسب المقال، فإن هناك عاملاً إضافياً له أهمية كبيرة في الاستقرار النسبي في المنطقة وهو: “أن المساعدات المستمرة التي تقدّم من خلال شراكة غير مسبوقة بين إسرائيل والمنظمات غير الحكومية السورية _ بما في ذلك الأدوية والمعدات الطبية والغذاء والملابس _ تعد بمثابة شريان الحياة بالنسبة للسكان المدنيين في المنطقة. ما يزيد من صعوبة تجنيد المنظمات المتطرفة لهم” وفق ما ورد.

ويدر في المقال “وفي الوقت الذي تنظر فيه إدارة ترامب بجدية إلى إلغاء تمويل المشاريع التي من شأنها دعم الاستقرار وجعل المجتمعات المعارضة أكثر مرونة في جنوب غرب سوريا، يتعاون الجيش الإسرائيلي مع المنظمات الغير حكومية السورية ومع التحالف متعدد الجنسيات من أجل اللاجئين السوريين في عملية (الجار الطيب) والتي من خلالها تم تسهيل تسليم أكثر من 94 مليون دولار من الغذاء والدواء والملابس وغيرها من الضروريات. حيث تمرر المساعدات عبر الحدود الإسرائيلية السورية ويتم توزيعها على المنظمات غير الحكومية المحلية، والتي توزعها بدورها على أكثر من مليون ونصف شخص في المنطقة في جنوب غرب سوريا”.

ويرى المقال أن لهذه المساعدات الإنسانية الدور الرئيسي في المساهمة في نشر الاستقرار الذي يشهده جنوب غرب سوريا. حيث أن “الشخص الذي يوفر مساعدات لإنقاذ حياة من هم على الأرض في منطقة حرب يحسن من مكانته وسمعته بين السكان. كما أن هذه المنظمات المدنية وفّرت للأشخاص اليائسين حياة مرفهة وأغلقت كل الثغرات التي تسعى المنظمات الإرهابية لملأها” وفق ما يرد.

وبحسب المقال، فإن “هذه المساعدات هي الوحيدة التي حافظت على السلطة المدنية والمجتمع المدني والحكم في المنطقة، كما حافظت عليها من الانهيار. وأن المجالس المحلية المنتخبة والتي تمثل السكان المحليين في المنطقة، هي قنوات لتدفق المساعدات إليها. والبديل عن عملية الجار الطيب هو الانهيار السريع للمجموعات المعارضة، وبذلك إما أن يحكم المنطقة المتطرفون أو قوات الأسد، التي تقودها إيران”.

ويؤكد المقال أن “عملية الجار الطيب يقودها السوريون وليس الإسرائيليون، بالرغم من توفير إسرائيل الرابط الإقليمي لتدفق المساعدات إلى القنيطرة، وأن السوريين هم من يفعل كل شيء على الأرض. وأن مفتاح نجاح هذه العملية وتحقيق الاستقرار هو أن السكان المحليين في المعارضة المسلحة المعتدلة وقوات الأمن المحلية والمنظمات المدنية والمجالس المحلية جميعهم يعملون بشكل فعال لضمان توزيع المساعدات بكفاءة وبطريقة لا ينتهي بها الأمر إلى أيدي المتطرفين”.

واختتم المقال بالقول أنه لا توجد ضمانات في سوريا، فبناء الاستقرار سوف يتطلب توفير موارد للمجتمعات المحلية والتركيز على الهدف الاستراتيجي الأكبر، والعمل بشكل أفضل ضد تسلل المتطرفين. ويشير المقال إلى أنه بالرغم من كل هذا الخطر في سوريا ومناطق النزاع على وجه الخصوصية، إلا أنه من الأفضل لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية أن تعترف إدارة ترامب بالدور الذي يمكن أن يلعبه هذا التمويل في الحفاظ على الاستقرار الفريد لجنوب غرب سوريا، وأن البديل هو السماح لانهيار مناطق المعارضة بشكل بطيء وعودة نظام الأسد والوجود المحتمل لإيران كقوة مهيمنة في جنوب غرب سوريا.. يختتم المقال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.