سلمى الخال

لا تمر هذه الأيام عاديةً على مدينة #طرطوس، أو “عاصمة الشهداء” كما يحب أن يسمّيها أبناؤها، فالمحافظة تغلي بهدوء على نار النظام الذي اعتقل منذ عدة أيام ثلاثة أفراد هم المحامي نضال محمد أصلان، والأستاذ الجامعي صالح صقر، والسيدة ليندا عزيز خير بك، الذين نظموا اجتماعاً صدر عنه بيان يرفض إرسال أبناء المحافظة للقتال على جبهة #درعا، بحجة “الاكتفاء بتقديم القرابين من شبان طرطوس في معارك عبثية غايتها الحفاظ على النظام”، وليس حماية وجود الطائفة كما تتداول الأوساط الشعبية.

تقول إحصاءات غير رسمية أن عدد القتلى من العلويين الذين يعتبرون الخزان البشري الأهم للنظام، تجاوز مئتي ألف قتيل منذ بداية الثورة حتى الآن، وهو رقم كبير مقارنة بعدد شبان الطائفة ككل، حيث يؤكد ناشطون أن بعض القرى أصبحت فارغة تماماً من شبانها.

شبكة أخبار #جبلة أكدت في إحدى منشوراتها أن جبلة وحدها قدمت أكثر من 25 ألف شاب حتى الآن، ولديها مئات الآلاف يحاربون على الجبهات، كما أن شبان الطائفة المرشدية أحجموا منذ سنوات عن الالتحاق بالخدمة، وفضلوا البقاء حبيسي منازلهم التي تداهمها الشرطة العسكرية والدوريات المتخصصة بين حين وآخر، لسوقهم بالإجبار إلى الجبهات.

ليست هذه المرة الأولى التي يعرف الساحل فيها تحركات مشابهة منذ قيام الثورة السورية، فمدينة #اللاذقية وحدها شهدت احتجاجات شعبية عدة من أبناء الطائفة العلوية، مرة لمقتل عقيد على يد سليمان الأسد ابن هلال الأسد مؤسس ميليشيا الدفاع الوطني في اللاذقية، ومرة لإطلاق مخطوفي الطائفة العلوية في سجن حارم التابع لجبهة النصرة بمعقلها في إدلب، حتى أن طرطوس نفسها شهدت مسيرات احتجاجية بعد سقوط دوما، طالب القائمون عليها بمعرفة مصير أبنائهم المحتجزين في سجن التوبة لدى جيش الإسلام، ورفعت شعار “بدنا ولادنا يا دكتور”، ووقتها سارع بشار الأسد لاستضافة مجموعة من ذوي المحجتزين في التوبة، ليهدئ من روعهم، ويقطع لهم الأَيمان أمام عدسات وسائل الاعلام التي امتلا بها بهو قصره بدمشق، بأن إطلاق سراح المخطوفين أولوية لديه، لكن بقي الحال على ما هو عليه بعد ذلك الاجتماع الذي مضى عليه اكثر من شهرين.

أوضاع طرطوس المتوترة ستبقى طويلاً على حد قول أحد أبناء المدينة، ورغم غياب أي إشارة لما حدث على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك تنفيذاً لتعليمات أمنية صارمة تمنع تداول الموضوع خوفاً من انفجار الوضع المهيأ أصلاً للتفاقم، بدت الشوارع خالية من مرتاديها الذي خافوا النزول إلى الشوارع بعد سماع صوت قنبلة صوتية ألقاها أحدهم، فسّرها الأهالي على انها اشتباك ما، دون ورود أنباء مؤكدة حول الحادثة، وتداولت بعض المواقع المعارضة نصاً لبيان صدر عن الاجتماع المذكور، يتوجه فيه المجتمعون إلى بشار الأسد مطالبين إياه بالإحجام عن اقتياد أبنائهم للقتال، وإيلاء المهمة لابناء المسؤولين القابعين في قصورهم، وتأتي هذه التحركات مترافقة مع أخرى من نوع آخر في اللاذقية، لالقى القبض على “شبيحة” كبار مشهورين في المحافظة، أمثال أيمن جابر ومهند حاتم وجعفر شاليش، وذلك في محاولة لضبط محافظة أصبحت محكومة من أمراء حرب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.