أسعار خيالية لـ “طبخات العيد”.. والسوريون يبتكرون طرقاً للتقشّف

أسعار خيالية لـ “طبخات العيد”.. والسوريون يبتكرون طرقاً للتقشّف

أحمد حاج حمدو

تطبّق كنانة، السيّدة الحلبية، قطع #اليبرق داخل الوعاء الكبير، تمهيداً لوضعه على النار قبيل صلاة العيد بساعات ليكون ناضجاً في صباح أول يومٍ من عيد الفطر، وتقول الأربعينية لـ “الحل”: “إنّها اعتادت منذ زمن طويل، تحضير طبخة غير اعتيادية، مع بداية كل عيد، حالها كحال معظم العائلات #السورية”.

تغيّرت الظروف على كنانة كثيراً، فاليبرق هذه المرّة لا يوجد داخله أي نوعٍ من أنواع اللحمة، وإنّما احتوى في حشوته على الأرز التوابل وقطعاً من البقدونس والبصل والفليفلة والبندورة، فلا مجال لشراء اللحوم في ظل الأوضاع #الاقتصادية التي تعاني منها كنانة وكل السوريين.

ومن أبرز #الطقوس التي تميّز الأعياد في سوريا، هي ما تُعرف بـ “طبخة العيد”، وهي طبخة دسمة وكبيرة من حيث الحجم، يتم صنعها مع بداية عيدي الفطر والأضحى، كنوعٍ من الاحتفال في مطلع العيد، غير أنَّ “طبخة العيد” باتت عبئاً اقتصادياً آخراً على كاهل السوريين، ولا سيما مع ارتفاع #الأسعار التي تجعل “الطبخة الملكة” صعبة المنال.

يرصد موقع “الحل” أبرز “طبخات العيد” التي اعتاد السوريون على إعدادها، وتكاليفها اليوم، مقارنةً بتكاليفها قبل سنوات #الحرب.

“طبخة التفاؤل” ارتفعت عشر أضعاف

يعتاد الدمشقيون في الأعياد، وفي رأس السنتين الهجرية والميلادية، إعداد “طبخات اللبن” البيضاء، ويندرج ذلك في إطار عُرفٍ لدى سكّان #العاصمة بالتفاؤل باللون الأبيض تزامناً مع العيد كونه يرمز إلى النقاء.

ومن أكثر “طبخات اللبن” شيوعاً، “باشا وعساكرو، كوسا بلبن، كبة لبنية، شاكرية، شيش برك”، وتقوم جميع هذه الطبخات على مقوّمين اثنين، اللبن واللحم، ويُضاف للبعض منها الأرز.

تحتاج “طبخة التفاؤل”، للعائلة المتوسّطة، إلى ما لا يقل عن اثنين كيلو من اللحمة، وأربع كيلو من اللبن، ومكوّنات أخرى كالأرز أو البرغل أو العجين في حال كانت الطبخة شيش برك.

بلغ ثمن الكيلو الواحد من اللبن ٣٠٠ ليرة سورية، واللحم “الضأن” الخاص بهذه الطبخات ٥٥٠٠ ليرة، ما يعني أن تكلفة اللحوم واللبن ١٣٠٠ ليرة، ويضاف إلى هذه الطبخة، الغاز للطبخ، والتوابل والأرز أو البرغل أو العجين لاكتمالها، وهذه المكوّنات لا يقل ثمنها عن ١٠٠٠ ليرة، ليكون إجمالي ثمن “الطبخة البيضاء” نحو ١2٥٠٠ ليرة سورية اليوم فكم كانت تكلّف سابقاً؟

تتّفق أميرة فتّال، وهي امرأة من العاصمة مع هذا الرقم، قائلةً إن “طبخة الشاكرية” التي تكفي عائلتها لثلاث أيام العيد لا تقل تكلفتها عن ١٥ ألف ليرة.

وتضيف أميرة، أن تكلفة الطبخة ذاتها لم تكن تتجاوز ١٥٠٠ ليرة، أو ١٨٠٠ ليرة في أحسن الأحوال، في حال تم إضافة المكسّرات والمجمّلات لها.

وتوضّح أنّها وفّرت من مصاريف #العائلة طيلة شهر رمضان، وتمكّنت من جمع مبلغ يكفي لإعداد “طبخة العيد”، وقرّرت أن تكون “شاكرية”.

تكاليف فاحشة للطبخة الحلبية

ومن دمشق إلى #حلب، حيث يوجد طبخات مشتركة بين المحافظتين الأشهر في #سوريا على مستوى الطبخ في حين ثمّة طبخات تنحصر بمدينة حلب وحدها.

وسأل موقع “الحل” سيدات من مدينة حلب، عن الطبخات التي سوف يقمنَ بطبخها، فتنوّعت الإجابات بين “الكبب، والقبوات واليبرق”، هذه الطبخات الدسمة تُعتبر جميعها مكلفة من الناحية المادية، حيث تتقارب تكلفة الطبخة الواحدة من راتب موظّف من الدرجة المتوسّطة لشهرٍ كامل.

وتتكوّن طبخة “اليبرق” التي يتم إعدادها بشكلٍ كثيف خلال العيد، من ورق #العنب، والأرز واللحمة، والتوابل التي تُضاف لها.

أعدّت السيّدة الحلبية غالية، وعاء اليبرق، ولم يعد هناك أي خطوة سوا وضعه على النار ليتم طبخه، تقول إنّ الطبخة احتاجت اثنين كيلو من اللحم، و٣ كيلو من الأرز، و٤ كيلو من ورق العنب، حتّى باتت كافية خلال فترة العيد لعائلتها.

ويبلغ سعر كيلو اللحم الضأن في حلب ٥٥٠٠ ليرة أيضاً، في حين يبلغ سعر كيلو الأرز الفاخر الذي يُستخدم في اليبرق والمحاشي ٥٠٠ ليرة، بينما يبلغ ثمن كيلو ورق العنب ٩٠٠ ليرة، وعلى أساس هذه الحسبة فإن طبخة العيد “اليبرق” تبلغ تكلفتها ١١ ألف ليرة للحم، و١٥٠٠ ليرة للأرز، و٣٦٠٠ ليرة لورق العنب، ليكون إجمالي التكلفة نحو ١٦ ألف ليرة، يُضاف إليها ما يُقارب ١٠0٠ ليرة ثمن المرقة والتوابل والغاز والثوم وغيرها من المكمّلات، لتكون تكلفة طبخة اليبرق نحو ١٧0٠٠ ليرة.

وعندما سألنا غالية عن تكلفة هذه الطبخة في عام ٢٠١٠، فأجابت أنه استناداً لأسعار ورق العنب والأرز واللحم، فإنّها لم تكن تكلّف أكثر من 4000 ليرة.

السفرجلية الحلبية

تُعتبر السفرجلية الحلبية من الطبخات التي لا يتم إعدادها إلّا في مدينة #حلب، ومن الوجبات المحبّبة لسكّانها، وتتكوّن من السفرجل الذي يبلغ ثمن الكيلو منه ٤٥٠ ليرة، وعصير الرمّان الذي يبلغ ثمن اللتر منه ٣٠٠ ليرة، ولحمة “قطع” وثمن الكيلو منها ٥٥٠٠ ليرة، ودبس البندورة الذي يبلغ ثمن الكيلو منه ١٢٥٠ ليرة.

وتُقدّر غالية تكلفة طبخة السفرجلية بما لا يقل عن ١٢ ألف ليرة، موضحةً أن هذه الطبخة لا يمكن التقّشّف بها فيما يخص اللحم، كونه لحم خاروف قطع ويجب أن يكون بلدي حصراً.

تقشّف وابتكار

التخلّي عن “طبخة العيد” يُعتبر أمراً مستحيلاً حتّى عند العائلات ذات الدخل المحدود، كونها أحد #الطقوس الأساسية في العيد، وابتكر السوريون طرقاَ يمكن من خلالها إعداد الطبخات ذاتها، ولكن بتكلفة أقل، وذلك بعد إجراء تغييرات في تركيبة الطبخة.

ويأتي اللحم على قائمة المكوّنات التي يتم اللجوء إلى تغييرها، حيث رصد موقع “الحل السوري” لجوء بعض الأسر إلى استبدال اللحم البلدي بلحم #العجل أو الدجاج، حيث يبلغ سعر كيلو لحم العجل ٣٥٠٠ ليرة، والدجاج نحو ١٩٠٠ ليرة، ما يعني أن استبدال اللحم البلدي بالدجاج يخفّض التكلفة إلى النصف تقريباً.

كما استغنت عدّة عائلات عن اللحوم نهائياً في تركيبة الطبخة، حيث تم استبعادها عن مكوّنات #اليبرق والمحاشي واستبدالها بالخضار المفرومة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.