بسام الحسين – دمشق

لعل قرار النظام بإبعاد أديب ميالة عن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وقبلها المصرف المركزي كان مستغرباً جداً، سيما وأن الشخص محسوب على الاتحاد الاوروبي وخصوصا فرنسا التي يحمل جواز سفرها، لكن ما إن تعرف أهمية من أتى بعده بالنسبة لإيران وقربه منها حتى نتفهم هذا القرار ضمن سياقه الصحيح.

“محمد سامر الخليل” هو من خَلَفَ ميالة، والذي يترأس الجانب السوري، في اللجنة الاقتصادية الوزارية المشتركة بين سوريا وإيران، ووفقا لعدد من المحللين فقد شددت إيران على هذا المنصب، واختارت له هذا الشخص أكثر من حرصها على الوزارات السيادية الاخرى، كالدفاع والداخلية.

تضاعف نشاط وزارة الاقتصاد في الآونة الأخيرة بشكل ملفت لنظر المتابع، فقد بات الوزير الجديد يتصدر نشرات الأخبار، واجتماعاته مع المسؤولين الايرانيين شبه يومية، وكان آخرها اجتماعه مع وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني (محمد شريعتمداري)، ووفقاً لمصدر من داخل الوزارة أكد لنا بأن الخليل وشريعتمداري درسا سبل الاستفادة من إمكانيات القطاعين العام والخاص في #إيران بمختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

صلاحيات الخليل تطال وزارة المالية

وبحسب المصدر ذاته، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، ناقش الخليل وشريعتمداري كيفية تطوير اتفاقية #التجارة الحرة وتفعيلها بالشكل الذي تدخل البضائع الايرانية دون رسوم جمركية وفتح المجال أمام انسياب البضائع للسوق السورية، وكذلك تفعيل الاستثمار لبعض المناطق الحرة السورية والعمل على تأسيس #مصارف وبنوك إيرانية في سوريا للمساهمة في “إعادة الإعمار” وفتح الحسابات بالتومان الإيراني.

وفي جولة لموقع “الحل” على بعض المحال التجارية في العاصمة لقياس مدى تأثر التجار بالخطط الجديدة التي تنتهجها الوزارة، قال أبو سامر، (بائع في سوق الحريقة بدمشق)، “لجنة التهرب الضريبي بدمشق تضع أرقاماً خيالية على #التجار دون أي دليل ملموس، وذلك بعد أن تقدمت وزارة الاقتصاد بكتاب رسمي إلى وزارة #المالية بتكثيف دوريات الجمارك وكذلك رفع نسبة التحصيل الضريبي، على كل البضائع المنتجة محليا والمستوردة عدا القادمة من دول صديقة مثل إيران وروسيا”.

ويتابع أبو سامر حيث وجد في حديثه لنا نافذة للتعبير عن امتعاضه فيقول: “ماذا نقول إذا كان غالبية موظفي #الحكومة مرتشين من الشركات الكبيرة والمحلات الصغيرة، دون رقيب أو حسيب ولكي أقرب لك الصورة أكثر، فقد تم فرض ضريبة سنوية ما يزيد على 4 ملايين ليرة على “فرن فطاير” وتعرض صاحب هذا الفرن لجلطة دماغية ما إن تلقى النبأ”.

 

خليل وكعكة إعادة الإعمار

كما يُعتبر الخليل أداة إيران الفاعلة لصيد الاستثمارات الكبرى في مرحلة “إعادة الإعمار”، بعد أن عملت مع النظام على تدمير ثلاث ملايين منزل في سوريا، حيث اجتمع شريعتمداري والخليل ودرسا الاستفادة من إمكانيات إيران المتاحة لدى القطاعين العام والخاص في كلا البلدين لتعزيز التعاون في مختلف المجالات #الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

وبحسب المصدر ذاته من داخل الوزارة فقد أكد لنا بأن الجانبان ناقشا سبل عقد اتفاقية تجارة مواد البناء من إيران إلى سوريا، بالإضافة لإنشاء خمسة معامل للإسمنت موزعة في مختلف #المناطق والمدن السورية التي تعرضت للتدمير، حيث أكدت دراسة سابقة للأمم المتحدة، أن أكثر #المدن دماراً هي حلب ثم ريف دمشق يليهما حمص، وبعد ذلك إدلب، ثم درعا، ويليها دير الزور، وبعد ذلك حماة، ثم الرقة يليها اللاذقية وبعد ذلك الحسكة.

ولمعرفة حجم المكاسب التي ستحققها #إيران من هذه الصفقات نعود إلى تقديرات مفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية وشؤون الأمن، (فيديريكا موجيريني)، لحجم تكلفة إعادة إعمار سوريا والتي تصل إلى 950 مليار دولار بحسب وصفها، ولطالما ردد النظام أن الأولوية محصورة فقط في مناصريه من الشرکات #الايرانية والروسية وكذلك الصينية في “إعادة الإعمار”.

السرقة تحت غطاء المساعدات

لا تمل إيران من تذكير النظام بين الفينة والأخرى بأفضالها عليه سيما بالمساعدات التي قدمتها خلال #الثورة لإبقائه على كرسي الحكم، إلا أن تلك المساعدات ماهي إلا ذخيرة حربية وبعض المواد الاستهلاكية التي قاربت على انتهاء الصلاحية، يقول الخبير الاقتصادي (مصعب عبد ربه)، ” تدعي إيران بأنها خصصت 12 مليار #دولار على شكل اعتمادات مالية لدعم اقتصاد حكومة النظام، لكن هذا ليس صحيحاً، لأن الحكومة الإيرانية تحاول أن تكبر حجم الدعم المقدم للنظام، للحصول على أكبر قدر ممكن من كعكة إعادة الإعمار، حيث تتنافس مع الحكومة الروسية في ذلك”.

ويضيف عبد ربه في حديث لـ”الحل السوري” أن “قيمة المساعدات الإنسانية التي قدمتها إيران منذ بداية الثورة حتى نهاية 2017 لا تتجاوز ملياري دولار، وغالبية هذا الدعم يأتي على شكل أسلحة ومواد لتصنيع #الذخائر والمواد الغذائية التي لا تتطابق مع معايير الجودة سواء الايرانية أو حتى السورية”.

ويختم عبد ربه حديثه، أن دور إيران لم يكن سوى تقديم الرواتب والأجور للميليشيات الطائفية التي تم زجها في سوريا لقمع الثورة، بإشراف الحرس #الثوري، وكذلك الأمر بالنسبة لحزب الله، فقد أثبت بأنه حليف فعال لإيران”.

لكن الناشط أحمد العثمان لم يستغرب تلك السلوكيات من قبل حكومة النظام أو إيران، قائلاً إن الحكومة الإيرانية اعتادت السياسة العدائية ضد #العرب حتى في المناطق العربية المحتلة من قبلهم في إقليم الأحواز ذو الأغلبية العربية، والذي يضم 90% من ذخائر النفط الإيراني.

ويشير العثمان، إلى أهمية الاستيلاء على سوريا بالنسبة لإيران ويستشهد على ذلك بتصريحات لمسؤول إيراني قال فيه، “لو خسرنا سوريا لا يمكن أن نحتفظ بطهران، ولكن لو خسرنا إقليم الأحواز سنستعيده ما دمنا نحتفظ بسوريا”.

وختم عثمان حديثه، “لا يمكننا أن ننسى تصريحات رجل دين #إيراني بارز، عندما قال إن “سوريا هي المحافظة الـ35 وتعد محافظة استراتيجية بالنسبة لنا، فإذا هاجمَنا العدو بغية احتلال سوريا أو خوزستان، الأولى بنا أن نحتفظ بسوريا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة