وضعها الخاص بلور اتفاقاً دولياً واضحاً: لماذا انهارت جبهات درعا؟ وما الذي حصّنها من سيناريو الغوطة وحلب؟

وضعها الخاص بلور اتفاقاً دولياً واضحاً: لماذا انهارت جبهات درعا؟ وما الذي حصّنها من سيناريو الغوطة وحلب؟

حسام صالح – موقع الحل

بعد طي النظام وحلفاؤه صفحة الغوطة الشرقية، بسيطرته عليها بعد تدميرها بشكل شبه كلي، توجهت أنظاره إلى الجنوب السوري، تلك المنطقة المعقدة جغرافية وسياسياً، فلم يكن من السهل إقدام النظام وروسيا على فتح معركة في هذه الجبهة دون حدوث سلسلة من التوافقات الإقليمية والدولية، خصوصاً مع اسرائيل المتحفظة على دخول النظام إليها بصحبة المليشيات الإيرانية التي تشكل خطراً وجودياً لها بحسب تصريحات المسؤوليين الإسرائيليين أنفسهم، إضافة إلى الولايات المتحدة التي تملك قاعدة عسكرية في المنطقة الجنوبية الشرقية.

هذه التعقيدات بمجملها لم تثن روسيا التي تفاوض وتقرر عن النظام بالإعلان عن معركة في الجنوب السوري، تلك المنطقة التي تحوي آلاف المقاتلين من المعارضة لم تصمد لأكثر من 20 يوماً وبدأ سيناريو “المصالحات” وتسليم الأسلحة الثقيلة، كما حدث في باقي المناطق السورية بدءاً من العام 2016 مع سقوط مدينة حلب، فكيف انهارت جبهات درعا؟ ولم وافقت المعارضة على الشروط الروسية؟

عسكرياً: لايوجد قادة

يشير العميد أسعد الزعبي (وهو ابن محافظة درعا) فيما يخص التراجع العسكري في الجنوب السوري إلى أن “غالبية قادة الفصائل في درعا هم من المدنيين، وليسوا عسكريين، ولا يوجد أي معركة يمكن أن تنجح بدون تكتيك عسكري، وهو إشكالية كبيرة وقعت بها الثورة السورية من تحييد الضباط ذوي الخبرة، في بداية الثورة كان العسكريون والمدنيون في صف واحد، وكان النظام يعاني من ضعف كبير، إلا أنه بعد دخول روسيا والمليشيات الإيرانية على الخط والضخ العسكري أصبحت الفصائل هي الحلقة الأضعف، فيما يخص الجانب العسكري”.

واضاف الزعبي: “على الرغم من إنشاء الفصائل لغرفة عمليات مشتركة، إلا أنها كانت نظرية وغير فعالة ولاتوجد كلمة موحدة بين القادة، فلذلك سقطت البلدات واحدة تلو الأخرى باتفاقيات منفردة”.

في ذات السياق، يرى الصحفي محمد الحوراني من درعا أن “ارتهان قادة فصائل المعارضة للجهات الدولية وانتظار الدعم منها، كان له دور كبير في انهيار الجبهات، بعد وقف الدعم العسكري والمالي من غرفة (الموك) بقرار أمريكي، رغم وجود أطنان من الأسلحة والذخائر الثقيلة والخفيفة على حد سواء، والتي أصبحنا نشاهدها على وسائل إعلام النظام لأول مرة، والكثير منها لم يستعمل من قبل”.

من جانب آخر، اعتمد النظام ورسيا في معركة درعا كغيرها من المناطق على الكثافة النارية وتقطيع أوصال المنطقة، والانفراد بالواحدة تلو الأخرى وفتح باب “المصالحات” وصولاً إلى تسليم الأسلحة الثقيلة ودخول الشرطة الروسية وإعادة مؤسسات النظام مع رفع علمه.

واشنطن باعت المعارضة سياسياً

أصبح من الواضح أن ما تم في #درعا مبني على اتفاق ضمني بين واشنطن وموسكو واسرائيل، حيث يقول المحلل السياسي من واشنطن محمد عويسي إن “سعت موسكو إلى طمأنة اسرائيل من العملية العسكرية في الجنوب السوري، من خلال تعهداتها بعدم إشراك المليشيات الإيرانية واللبنانية المتمثلة في #حزب_الله في هذه المعركة، على الرغم من وجود فيديوهات وصور تؤكد مشاركتهم فيها”.

وأكد عويسي أن “هذا التوافق الروسي الأمريكي جاء من رغبة إدارة #ترامب بالابتعاد عن الملف السوري بشكل أو بآخر، فترامب مايهمه في سوريا هو محاربة تنظيم الدولة والقضاء عليه، ولو كانت واشنطن جدية في التعامل مع الملف السوري، لكان لها تصرف آخر بعد استخدام الكيماوي في معركة السيطرة الأخيرة للنظام على الغوطة الشرقية، وهو ماكان يعتبر لدى الإدارة الأمريكية خط أحمر”.

وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى باتفاق روسي أميركي تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان (إندوف) بمحافظة القنيطرة، مؤكداً أنه باستثناء إندوف يجب ألا تكون هناك أي قوة عسكرية في المنطقة الفاصلة في الجولان، في إشارة إلى المعارضة المسلحة.

سيطرة على المعابر دون “تهجير”

حاولت روسيا أن تقنع المعارضة في درعا للبقاء في مناطقهم وعدم خروجهم إلى الشمال السوري، فهذا الامر لايبدو غريباً من وجهة نظر الصحفي محمد الحوراني الذي يرى ان “روسيا التي فرضت التهجير القسري في حلب والغوطة، اليوم تعرقل أو لا ترغب في خروج الاهالي من الجنوب، لوجود تفاهمات إقليمية ودولية وخصوصاً إسرائيل التي تحاول الإبقاء على ديموغرافية المنطقة كما هي، خوفاً من دخول إيران وباقي المليشيات الطائفية إليها لتنفيذ مشروعها”.

وأضاف: “فرض الروس أيضاً على قوات النظام عدة امور قبيل دخولهم إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة، حيث لم تنفذ أي عملية اعتقال في
صفوف المدنيين، واكتفت بتجريد المقاتلين على الحواجز التي نصبتها من السلاح الفردي فقط، وقامت بإدخال الآليات والمعدات إلى الاوتستراد الرئيسي دمشق – عمان لإعادة فتح معبر نصيب الحدودي”.

من الناحية الاقتصادية، يبحث النظام تصدير منتجاته إلى السوقين الأردنية والخليجية ورفد خزينته من القطع الأجنبي، حيث سيكون معبر نصيب لاعباً اقتصاديا مهماً، كون المعبر نقطة توزيع للقارات الثلاث إلى روسيا فإيران والعراق وصولاً إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا، بحسب تقارير اقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.