تنظيم “حراس الدين”: كيف انشق عن الجولاني واستغل “هفواته” لإعادة القاعدة إلى سوريا؟

تنظيم “حراس الدين”: كيف انشق عن الجولاني واستغل “هفواته” لإعادة القاعدة إلى سوريا؟

منار حداد – موقع الحل

بشكلٍ مفاجئ، وفي أواخر شهر نيسان من العام الجاري، أطلقت مؤسّسة إعلامية جهادية تُدعى “مؤسسة شام الرباط للإنتاج الإعلامي”، بياناً عن إطلاق جسم عسكري جديد يُدعى “#حراس الدين”.

على الرغم من أن الفصيل ظهر بشكلٍ مفاجئ، إلّا أن التخطيط لإطلاقه لم يكن كذلك، بل نتج عن تخطيط وانقسامات إيديولوجية هائلة داخل جسم “هيئة #تحرير_الشام”. وظنَّ المدنيون في محافظة إدلب حينها أن “حراس الدين” لا ينفصل عن تلك التشكيلات المختلفة التي تظهر وتختفي في يومٍ وليلة، والتي وصل عددها للمئات بحيث بات حصرها وتعداد أسمائها أمراً شبه مستحيل، غير أن “حراس الدين” لم يكن كذلك، بل يحاول هذا التنظيم أن يحمل راية القاعدة، بعد أن أُفلتت من يد أبو محمد الجولاني، وتوجيه رسالة من داخل سوريا بأن “القاعدة ما تزال هنا”.

عن التنظيم

جاء تشكيل “حراس الدين” كعملية تمرّد داخل تحرير الشام بدأت ملامحها منذ عام ٢٠١٦، حين انفصلت “النصرة” عن القاعدة.

ودعا بيان الإعلان عن تشكيل التنظيم، الذي حمل اسم “أنقذوا فسطاط المسلمين”، الفصائل إلى وقف الاقتتال الداخلي فيما بينها.

وتزامن تشكيل “حراس الدين” مع اقتتال عنيف كان يشهده الشمال السوري، بين هيئة تحرير الشام، وجبهة تحرير سوريا (أحرار الشام والزنكي) في أرياف #حلب و #إدلب.

وجاء في البيان: “نعدكم وإخواننا أننا سنبذل قصارى جهدنا لنفك عنكم الحصار، أو نطعن ظالمكم في خاصرته، لنشل حركته، أو نشغله عنكم، فنحورنا دون نحوركم، ودماؤنا دون دمائكم”.

يرأس التنظيم أبو همام الشامي، الذين كان من أعضاء “تحرير الشام” ويمثّل التيارات التي تشدّد على التمسّك بالقاعدة، وإضافة للشامي فقد غادر أبو جليبيب طوباس وأبو خديجة الأردني تحرير الشام، في عام ٢٠١٦، عقب انفصالها عن القاعدة، وانضموا إلى حراس الدين وباتوا أعضاء في مجلس الشورى، وخلال الفترة التي شهدت انسحاب الأردني وطوباس من “تحرير الشام” وانضمامهم إلى “حراس الدين”، قامت تحرير الشام باعتقالهما إلى جانب سامي العريدي في تشرين الثاني ٢٠١٧، وذلك بسبب المعلومات عن رفضهم لهذا الانفصال عن القاعدة.

حمل راية القاعدة

يقول الخبير بالجماعات الإسلامية عباس شريفة لموقع الحل إن ظهور تنظيم حراس الدين بقيادة أبو همام العسكري “ليس محاولة جديدة لإيحاء القاعدة، بل هو استمرار بالتأكيد على وجودها في سوريا”. موضحاً أن “حراس الدين” مرتبطين بالقاعدة ومبايعين لها بشكل واضح.

وأضاف شريفة، أن “الرسالة التي يحاول تنظيم حراس الدين إيصالها، هي أن تنظيم “القاعدة موجود”، مبيّناً أن القائمين على التنظيم يؤمنون بأن وجود راية تنظيم القاعدة “سوف يحرّك عواطف الشباب الإسلامي وعواطف الإسلاميين والسلفيين والجهاديين في كل أنحاء العالم العربي حتى يلتحقوا بهذا التنظيم ويتابعوا الجهاد”.

انشقاق داخل “تحرير الشام”

مثّل تشكيل “حراس الدين” أبرز المواقف التي تجسّدت فيها الانقسامات الفكرية والإيديولوجية داخل “هيئة تحرير الشام” والتي تنامت عقب انفصال الجولاني عن القاعدة، حيث أعلن الجولاني حينها أن الانفصال جاء بالتفاهم مع تنظيم القاعدة، وختم بيانه بشكر القاعدة.

ولكن في تشرين من عام ٢٠١٧، خرج زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، بتسجيل صوتي هاجم من خلاله أبا محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، واتهمه بـ”نكث البيعة”.

كان تسجيل الظواهري أكبر دليل على “خداع الجولاني” للقيادات في تحرير الشام بأن القاعدة راضية عن هذا الانفصال، وهو ما أثار سخط المهاجرين تحديداً داخل التنظيم.

في هذا السياق، يوضّح الباحث في الجماعات الإسلامية (عباس شريفة)، أن قيادات حراس الدين يرون أن خروج الجولاني عن القاعدة ونقضه للبيعة هو “خيانة للقاعدة”.

وأضاف: “هناك كلمة للظواهري تم فيها تشنيع الجولاني على نقضه للبيعة واعتبر أن بيعة الجولاني للقاعدة كانت عبارة عن خطوة برغماتية هدفها التخلّص من أبو بكر البغدادي وعدم الالتحاق بمشروعه الدولة الإسلامية في العراق والشام، لذلك وجد الجولاني حينها أن تنظيم القاعدة هي مظلة مقبولة لدى السلفية الجهادية وتمثّل راية سنّية وراية التوحيد”.

وأوضح شريفة، أن ظهور “حراس الدين” اليوم، سيشكّل حالة انشقاق داخلية في صفوف هيئة تحرير الشام لأنه الكثير من المقاتلين والقياديين وخصوصاً الجهاديين، الذين أقنعهم أبو محمد الجولاني أن فك الارتباط كان بموافقة أيمن الظواهري، شعروا بالخديعة بعد أن أثبت الظواهري عكس هذه الرواية، وبدأوا يعيدون حساباتهم وأن عليهم العودة للأصل.

استغلال “هفوة” الجولاني

خلال السنوات الماضية، كان أبو محمد الجولاني في حيرة من أمره، بين إرضاء الجهاديين والاصطدام بالنظام العالمي، أو التفاهم مع الدول الكبرى والاصطدام بالجهاديين، ولكن اختيار الجولاني إجراء تفاهمات مع الدول الإقليمية جعل حراس الدين “أكثر أحقّية”، بحمل راية الجهاد القاعدية، بحسب القائمين على التنظيم.

ويبيّن الباحث في الجماعات الإسلامية عباس شريفة، أن “حراس الدين” يعتبر أن دخول الجولاني بالمباحثات الدولية واتصاله بالدول الأخرى، ومشاركته في اتفاق المدن الأربع واتفاق خفض التصعيد وفتح خط للتفاوض مع تركيا، يعني أن الجولاني “بدأ بإدخال التوظيف السياسي لـتحرير الشام وبدأ باحتواء المجتمع الدولي وأوقف الجهاد ضد النظام السوري، ما دفع تنظيم حراس الدين لطرح نفسه كبديل مُتحرّر من ذلك، وبإمكانه إعادة تنظيم صفوف المجاهدين لاستئناف الجهاد ضمن إطار عقلية وإيديولوجية القاعدة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة