كيف استطاعت روسيا تصريف قمح شبه جزيرة القرم إلى سوريا رغم العقوبات الغربية؟

كيف استطاعت روسيا تصريف قمح شبه جزيرة القرم إلى سوريا رغم العقوبات الغربية؟

حسام صالح

في العام 2011 كانت سوريا من الدول التي تتمتع باكتفاء ذاتي من إنتاج القمح، ولديها مخزون احتياطي استراتيجي، ويبلغ متوسط المساحة المخصصة لزارعة #القمح حوالي 1.68 مليون هكتار حتى العام 2010، حيث كان معدل الانتاج السنوي حوالي 4.5 مليون طن، إلا أن الحرب في سوريا فتكت بهذا المحصول الاستراتيجي، وانخفض مع بداية العام 2018 إلى أقل من مليون طن.

هذا الانخفاض المخيف، حول سوريا من دولة مصدرة إلى مستوردة للقمح، فكيف استطاع النظام تخطي العقوبات الغربية التي تفرض قيوداً على الحوالات المصرفية وتجميد الارصدة؟، هنا أتى الدور #الروسي الذي يحاول الاستفادة من هذا الموضوع بجعل سوريا مركزاً لتصريف فائض القمح القادم من شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إليها، والتي بدورها تخضع لعقوبات غربية واستبعدت من أسواق التصدير.

ماذا تستفيد روسيا؟

تعتبر روسيا ثاني أكبر مصدر قمح في العالم، ولذلك تحاول إيجاد أسواق لتصريف هذا المحصول الاستراتيجي لمعظم الدول وخصوصاً العربية، ومنذ أن تدخلت في الحرب السورية ووقفت بجانب النظام، عملت على إرسال شحنات من القمح إلى النظام باسم المساعدات الإنسانية، إلا أنها لم تستمر في هذا الموضوع، على الرغم من وجود صفقة لشراء #النظام حوالي 3 ملايين من القمح الروسي خلال مدة 3 سنوات إلا أنها لم تنفذ.

يقول الصحفي الاقتصادي (محمد عوض) في حديث لموقع الحل “تعمل روسيا على إنشاء مركز للحبوب في سوريا، كنتيجة طبيعية للأهداف #الاقتصادية التي تحاول روسيا جنيها من تدخلها في سوريا، وأن أغلب مستوردي القمح الروسي من الدول العربية، فتعمل على توسيع قاعدتها البحرية في #طرطوس، وإنشاء مستودعات للقمح الروسي”.

وأضاف أن “روسيا حالياً ما يزيد على 80 مليون طن من القمح جاهزة للتصدير، ويحتاج إلى مكان قريب من السوق العربية لتصديره إليها، هذا الموضوع لن يعود على النظام باي نفع أو فائدة، لذلك أوقفت روسيا اتفاقية تصدير 3 مليون طن من القمح للنظام، كما تم  إلغاء صفقة لشراء مليون طن من القمح الروسي عبر شركة Zernomir الروسية بسبب صعوبات في العمليات #المصرفية والتنفيذ، خوفاً من تعرض تجارتها للخطر، وجعلت سوريا مركز عبور وتخزين فقط بموجب الاتفاقية الخاصة بالقاعدة البحرية في طرطوس”.

تجارة سوق سوداء

بحسب تقرير مطول لوكالة رويترز عن تصدير القمح من القرم إلى سوريا جاء فيه أن “القرم تنتج حوالي 1.4 مليون طن من القمح كل عام ويتبقى للتصدير حوالي مليون طن، حيث تقول المصادر إن روسيا تحرص على تنظيم تجارة شبه جزيرة القرم لتخفيف العبئ المالي عليها”.

وأضاف التقرير أن “القرم الخاضعة للسيطرة الروسية يتم التعامل التجاري مع سوريا باستخدام سفن سورية في القوائم السوداء وسفن أخرى، وهذا يعني أن بوسعها تفريغ #الحبوب التي لا يمكن تصديرها إلى أماكن أخرى بسبب العقوبات الغربية”.

في مقابل ذلك “العامل المشترك في سوريا وشبه جزبرة القرم، هو العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهما، فتحاول روسيا أن تخلق بينهما تبادل تجاري يخفف من الأعباء المفروضة عليها فيقوم النظام بدوره بتصدير زيت الزيتون والحمضيات وغيرها من الخضراوت”.

وباتت هذه التجارة مكشوفة لدى جميع الدول، حيث أكدت ( ناتاليا جاليبارينكو) مندوبة أوكرانيا الدائمة بالمنظمة البحرية أن “الجزء الشمالي من البحر الأسود تحول حرفياً إلى منطقة رمادية بالنسبة للملاحة الدولية”.

وفي هذا السياق، يرى عوض “أن روسيا تحاول أن تكون خارج إطار هذه #اللعبة، فوجدت في القرم غايتها، خصوصاً أنها تعتبر أقرب منطقة بالنسبة لسوريا بحراً، ولا تستطيع الاستفادة من الموانئ البحرية الموجودة فيها بسبب العقوبات الغربية، فيتم تصدير القمح إلى سوريا، ومنه إلى لبنان ومن ثم يتم توزيعه على باقي الدول في المنطقة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.