منار حداد

تواجه آلاف العائلات السورية اللاجئة في المدن والبلدات الأردنية خارج المخيّمات، تهديداً اقتصادياً يتمثّل بقطع المساعدات المقدّمة من #المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

ويمثّل انقطاع هذه المساعدات، خسارة واحد من موردي الرزق الرئيسيين للسوريين في الأردن، حيث يتمثّل المورد الثاني في العمل بالسوق الأردنية، والذي حقّق إلى جانب مساعدات المفوّضية “حد الكفاية” للسوريين هناك طوال السنوات الفائتة.

ويقدر عدد #اللاجئين السوريين في الأردن، حاليًا، بنحو 1.2 مليون لاجئ، 650 ألفًا منهم مسجلون في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فيما يعيش الباقون على نفقتهم الخاصة.

المفوضية تطلق العنان

في خطوةٍ غير مسبوقة، أطلقت “مفوضية الأمم المتحدة” نداءات استغاثة وتحذيرات، من أن انخفاض التمويل، قد يهدّد برنامج المساعدات المقدّم للأسر السورية في الأردن، وفقاً لما رصد “الحل السوري” بعد جمع البيانات الصادرة عن المفوضية خلال الأشهر الفائتة.

ففي شهر أيار الماضي، حذر الناطق الرسمي باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأردن (محمد الحواري)، من ضعف الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين في الأردن.

وقال الحواري: “إن 30 ألف عائلة سورية مهددة بانقطاع #المساعدات عنها خلال شهر تموز المقبل، في حال استمر العجز المالي على ما هو عليه الآن”.

وأضاف أن ٨٥٪ من الأسر السورية في الأردن تعيش تحت خط “الفقر المدقع” ، مشيراً إلى أن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لم توفر سوى 28% من احتياجات الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين في الأردن ، خلال النصف الأول من عام 2018.

وعادت المفوضية لتطلق نداءً آخر في السابع من شهر حزيران الفائت، قائلةً: “إن برنامج المساعدات المقدم للأسر السورية في الأردن مهدد بالتوقف مطلع تموز المقبل”.

وأضافت المفوضية في بيان رسمي لها، أنها بحاجة إلى 116 مليون دولار “بشكل عاجل” لتجنب إلغاء برنامج المساعدات الذي تستفيد منه آلاف الأسر السورية.

وحذرت الأمم المتحدة من أن يؤدي قطع المساعدات عن اللاجئين لإجبارهم على العودة إلى سوريا في ظروف قد تعرض حياتهم للخطر، بحسب البيان ذاته.

عن مساعدات المفوضية

لخّص “موقع الحل” مجمل المساعدات التي يحصل عليها السوريون في الأردن من “مفوضية الأمم المتحدة للاجئين” وذلك بعد مقابلات مع عدد منهم يحصلون عليها، بعضهم ما زالوا يستفيدون من هذا البرنامج وآخرون انقطع الدعم عنهم.

تتمثّل هذه المساعدات في عدّة جوانب يأتي على رأسها، الكوبون الغذائي وهو عبارة عن سلة غذائية تحتوي على عدد من العناصر الغذائية الرئيسية للعيش كالأرز والبرغل والسكر والشاي والمعكرونة والزيت والسمنة وبعض المعلبات الاخرى.

وإضافةً إلى السلة الغذائية ثمّة بصمة العين التي يتم على أساسها تقديم المساعدات التي تكفي لجزء من احتياجات الأسر السورية، حيث تمنح مبلغ يتراوح بين ١٥ أو ٢٠ أو ٢٥ دينار أردني، حسب احتياجات الأسرة والأفراد، وتشمل من هم خارج المخيّمات، وتتم بعد دراسة لحالة كل أسرة، غير أن لاجئين يشتكون من عدم دقّة هذه الدراسات، وحصول أسر غير محتاجة للمساعدات بينما لا تحصل الأسر المحتاجة عليها.

وبحسب تصريحات سابقة للمفوّضية فإن عدد السوريين المستفيدين من برنامج المساعدات يصل إلى ٦٥٠ ألف سورياً وهم المسجّلين لديها.

وتقدر مفوضية اللاجئين حاجتها من المساعدات النقدية بنحو ستة ملايين دولار شهريًا، ما يعادل 250 دولار أمريكي للعائلة الواحدة المكونة من خمسة أشخاص.

بدء تقليص المساعدات

منذ الأشهر الأولى من العام الحالي ٢٠١٨، بدأت بعض الأسر بتلقّي بلاغات من المفوضية تخبرهم فيها أنّها تعتزم قطع الدعم المتوفّر لها، بداعي أن المفوضية لم تعد تملك ما يكفي من الإمكانات المادية من أجل الاستمرار بدعمها.

إلّا أن الدعم بدأ بالانقطاع فعلاً ابتداءاً من شهر حزيران الماضي، حيث شهد هذا الشهر مع شهر تموز الجاري، عدّة حالات قطع للتمويل رصدها “الحل”.

تصريحات المفوضية “المفاجئة” ما لبث أن تم تفسير خلفياتها مؤخّراً، حيث أعلن الممثل المقيم للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن (ستيفانو سيفيري) أن “تقليص المساعدات مرتبط بالنقص الحاد بالتمويل”، مضيفاً “بتنا بمنتصف العام الحالي ولم يتم تمويل سوى جزء بسيط من النداء لتلبية احتياجات الأزمة السورية للاجئين، سواء في الأردن أو بدول المنطقة”.

وأضاف سيفيري، “بمقارنة بسيطة مع أرقام العام الماضي تظهر تراجعا كبيرا بحجم التمويل الذي تم تحصيله، نحن نحاول الاستفادة بأقصى قدر من التمويل المتوفر لتلبية الاحتياجات الأساسية، كما أن اهتمامنا ينصب بشكل رئيسي على حماية الفئات الأكثر ضعفاً”.

وبين أن لدى المفوضية العديد من المراكز الصحية بالمخيمات، وقد تلجأ لتقليص عدد منها لكن بالمقابل سيتم تعزيز الخدمات والمعدات الموجودة بالمراكز الباقية لتكفي لتغطية احتياجات جميع المقيمين بالمخيمات، كذلك الأمر باعتماد الطاقة الشمسية التي وفرت من مصروف الكهرباء.

شرخ الدخل والإنفاق

تُعتبر الأردن، واحدة من أكثر الدول العربية غلاء للأسعار، الأمر الذي انعكس على الحالة المعيشية لمواطنيها قبل اللاجئين فيها، وبالتالي فإن قطع الدعم عن اللاجئين من شأنه وضعهم في مأزق تدبّر أمورهم اليومية، وربّما العودة إلى سوريا دون توفّر شروط الأمان.

في مطلع العالم الحالي تبلّغ طه الأحمد، (لاجئ سوري مقيم في العاصمة الأردنية منذ عام ٢٠١٣ ومسجّل في المفوضية منذ تلك الفترة)، أنه سيتم قطع المساعدات عنه، وبالفعل تم القطع في أوائل شهر حزيران الماضي.

يقول الأحمد لـ “الحل”: “أحصّل قوت حياتي من خلال المساعدات التي تقدّمها المفوضية، والعمل الذي يقوم به، حيث يعمل في ورشة نجارة شرق عمان”.

وأضاف أن متوسّط الأجور للسوريين يتراوح بين ٣٠٠ – ٣٥٠ دينار أردني، بينما تحتاج الأسرة المكوّنة من ٥ أشخاص إلى ما لا يقل عن ٥٥٠ ديناراً لتتمكّن من تأمين احتياجاتها الأساسية، وهو ما يجعل هذه الأسر ترتاح لمساعدات #المفوضية كونها تحقق الكفاية إلى جانب العمل، موضحاً أنّه حتّى الآن لا يعرف كيف سيتدبّر أموره وأمورعائلته بعد قطع المساعدات الأممية عنه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.