بسام الحسين – دمشق:

الأرقام والقصص التي تتحدث حول الخسائر البشرية في سوريا لا تعد ولا تحصى، وهي الأهم بكل تأكيد، إلا أن خسائر من نوع آخر لا يلقى لها اهتمام، لكونها لم تتصدر النشرات بموت صادم، أو تجربة حياة استثنائية رغم تعدد أسباب الموت، هي ضياع الطاقات الكامنة في جيل بأكمله لم يتمكن من إكمال تحصيله التعليمي، هي خسارة لأطباء ومهندسي ومعلمي المستقبل.

“ضاع كل تعبي” بهذه العبارة المؤلمة بدأت رحاب (طالبة سورية من #الجامعة السورية الخاصة) حديثها والحيرة في وجهها، تشتكي ما آلت له أحوال طلاب كثر في الجامعات الخاصة يعانون تداعيات الحرب، حرب أفردت بين خباياها عدة مشاكل منها صعوبة وصول #الطلاب إلى الجامعات الحكومية في مختلف المحافظات فدفعتهم الظروف لاستكمال تعليمهم في الجامعات الخاصة لكن الكلام يدور اليوم حول إغلاق تلك الجامعات.

رحاب طالبة صيدلة سنة ثانية وفي حال تم تطبيق القرار فإنها ستخسر سنتين من حياتها والمبالغ المالية التي دفعتها، رحاب القادمة من مدينة موحسن في دير الزور تقول: “نحن لا ذنب لنا بالقرارات الخاطئة التي ستتخذها الحكومة وخلفياتها السياسية، تركنا بيتنا وأخوتي تركوا جامعاتهم وجئنا إلى هنا في وضع صعب”.

الثقافة الروسية والإيرانية عنوان المرحلة القادمة

الخبير التربوي (عبد الرزاق المحمود) يقول: ” كان الهدف من إحداث الجامعات الخاصة رفع مستوى التعليم لتشكل جزءاً من المنظومة التعليمية، ولكن غياب إستراتيجيات واضحة أدى إلى صدور عدة قرارات غير مبررة وغير مفهومة وقد تؤدي إلى إغلاق #الجامعات الخاصة بدلاً من دعمها والأخذ بعين الاعتبار دورها التكميلي في العملية التعليمية برمتها، وفي الغالب أن يتم منح تراخيص جدد لجامعات خاصة جديدة ضمن صفقات #إعادة_الإعمار التي يتحضر لها النظام”.

ويحذر المحمود من مخاطر ربط المنظومة التعليمة في مرحلة إعادة الإعمار، وبحسب المحمود فإن كعكة إعادة الإعمار ستكون بغالبيتها من حصة الدول الداعمة للنظام أي إيران وروسيا والصين وبالتالي ستكون المناهج التربوية موضوعة بحسب هذه الدول وهذا لا يقل خطورة عن الدور التدميري الذي مارسته تلك الدول بحق الشعب السوري ومقدراته.

ويؤكد الخبير الاقتصادي (حسن الزير) على فكرة ربط الجامعات الخاصة بمرحلة إعادة الاعمار، ويقول: “دمرت آلة الحرب ما فاق وزنه الـ 44 مليون طن من الإسمنت، بيوتاً، ومدارس، وجامعات، ومساجد، وبالتالي صفقات إعادة الإعمار ستحتوي على إنشاء مدن بأكملها بما فيها الجامعات الخاصة”.

أحد الكوادر التدريسية في جامعة اليرموك الخاصة – فضل عدم الكشف عن اسمه- تحدث لنا حول جملة قرارات “مجحفة” بحق الجامعات الخاصة والتي تمهد لإغلاق تلك الجامعات ومنها لجوء وزارة التعليم العالي لإصدار (قرارات غير مدروسة) شكلت أولى نتائجها ازدياداً في الأعباء المالية على الطلاب وعدم قدرتهم على مواصلة تحصيلهم العلمي وفق رغباتهم وقدراتهم.

وتابع المدرس كلامه حول جملة القرارات التي وصفها بغير المنطقية، منها مثلاً منع أستاذ المقرر (في الجامعة الحكومية) التدريس في الجامعات الخاصة خلال الأيام العادية، وحصر عملية التدريس فقط في يومي العطلة مع فرض عقوبات بحق المخالفين للقرارات الصادرة، وهذا مخالف للتعليمات التي وجدت عليها الشراكة بين الجامعات الحكومية والخاصة بحيث كانت تقوم على مبدأ المواءمة بين الجامعتين وبالتالي سوف يؤثر في الجامعات الخاصة وفي مسيرتها العلمية وفي إستراتيجيتها وخططها المستقبلية.

الضرر يطال المستجدين أيضاً

أما الطالبة (رغد الأصفري) فقد اجتازت الثانوية العامة الفرع العلمي بمعدل علامات يؤهلها لدخول الكليات الطيبية في الجماعات السورية الخاصة أسوة بشقيقها الأكبر، إلا أن المفاجأة أيضاً هذا العام بصدور قرارات أشد وطأة وتأثيراً في العملية التعليمية تم اتخاذها دون الاحتكام إلى أبسط القواعد #الاقتصادية والأكاديمية وذلك من خلال تحديد وتخفيض عدد الطلاب في الكليات الطبية في الجامعات الخاصة قبل أسبوعين من فتح باب التسجيل للعام الدراسي، في وقت كانت الكليات فيه قد أكملت طواقمها التدريسية والتشغيلية استعداداً لعام دراسي جديد بأعداد طلابية تتناسب مع الطاقة التشغيلية لهذه الكليات أسوةً بالسنوات السابقة.

وعبّرت الأصفري عن استياءها من القرار واعتبرته صفعة في وجه الجامعات دون الأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية التي ستظهر لدى الطلاب الجدد وكذلك الخسارة الكبيرة من حيث حجم الاستثمارات المشغلة لديها والطاقة الاستيعابية لكل جامعة منها.

وتختم الأصفري بأنها أمام خيارين “أحلاهما مر” إما أن تتم دراسة ما لا ترغبه من فروع أدبية، أو أن تضطر للسفر لتدرس، وفي كلتا الحالتين سوف تدفع الفاتورة مرتين، بدراسة فرع لا ترغب به أو دفع الأقساط بالعملة الأجنبية إضافة إلى تكاليف الإقامة والسفر.

رحاب ورغد هنًّ عينة صغيرة جداً لألاف الطلاب في 23 جامعة خاصة تضم مختلف الكليات، وفي أنفسهن أسئلة لا يجدون أي إجابة عليها منها مثلاً هل يتم الضغط على ممثلي #التعليم الخاص ليوافقوا على قرارات مجحفة بحقهم؟ أم أن القرارات تصدر من خارج مجلس التعليم ودون علمهم، أم أن عددهم القليل داخل مجلس التعليم لا يسمح لهم بالاعتراض على القرارات وسط آلية تصويت تمنح الغلبة للقطاع العام وقرارات الوزارة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.