بعد سنوات من الابتعاد عنها: عيون أهالي الغوطة ترى دمشق مجدداً.. وثمّة ما تتمنى أن لا تراه..

بعد سنوات من الابتعاد عنها: عيون أهالي الغوطة ترى دمشق مجدداً.. وثمّة ما تتمنى أن لا تراه..

ورد مارديني – ريف دمشق

ستة أعوام من حصار النظام لـ #الغوطة_الشرقية، كانت كافية لعزلها عن كل شيء، فلم ير سكانها سوى الدمار والخراب والحرمان، والعديد منهم كانوا يتطوقون لزيارة العاصمة دمشق، وأحيائها القديمة.

تقول ريم (طالبة جامعية من الغوطة الشرقية)، لموقع الحل، “اخترت البقاء في الغوطة الشرقية، ورفضت فكرة التهجير، لأني مشتاقة للشام، ولجامعتي التي لطالما حلمت بعودتي إليها، فقد كنت أدرس في كلية الحقوق، لكن إغلاق النظام للطرقات بين الغوطة الشرقية ودمشق، منعني من إكمال دراستي”، بحسب قولها.

وتضيف: “لمجرد أن يقطع الباص حدود الغوطة الشرقية، ويقترب من العاصمة، تتشابك الصور في ذاكرتنا، قبل دقائق كانت معظم الأبنية منهارة، والشوارع مليئة بدمارها، ثم تبدأ الأبنية العالية بالظهور، النوافذ الزجاجية ما زالت في مكانها، لم تتعرض للكسر من شدة ضغط القصف، بعكس نوافذ أبنية الغوطة التي استبدلناها خلال الحصار بالنايلون والخشب، لكثرة تعرضها للكسر”، بحسب قولها.

“من الطبيعي جداً أن نرى خلال زيارتنا للعاصمة دمشق، صوراً عملاقة لـ #بشار_الأسد وأبيه، أقوالٌ لهما على الجدران، لوحاتُ شكرٍ لروسيا وإيران، وأعلامٌ سورية مؤيدة للنظام، لذلك من الأفضل تجاهلها حتى لا تؤثر على فرحتنا بزيارة الشام بعد أعوامٍ من فراقها”، بحسب ريم.

وتتابع ريم: “لم تختلف صورة جامعتي عن الصورة التي تركتها بها، لكن أكثر ما لفت انتباهي هو قلة أعداد الشباب، فأعدادهم أقل بكثير من أعداد الفتيات، والسبب يعود لسفر الكثير منهم، خوفاً من اعتقالهم، أو اقتيادهم للخدمة العسكرية أو الاحتياطية”، بحسب ريم.

يتحمَس أحمد (شاب من الغوطة الشرقية)، للذهاب إلى دمشق، كونه وحيد لوالديه ولا يخشى التجنيد، فيقررُ أخذهما لزيارة المسجد الأموي، ويقول لموقع الحل، إن “ستة أعوامٍ مضت، ووالداي يحلمان بالصلاة في المسجد الأموي، وحققتُ لهما هذا الحلم، ثم تمشينا في سوق الحميدية، لكن أكثر ما زعجني هو الأعداد الكبيرة للإيرانيين، التي ازدادت بشكل كبير عما كانت عليه قبل الثورة”. مشيراً أن “السبب بزيادة أعدادهم، يعود لشرائهم عقارات وممتلكات في العاصمة دمشق، وتوغلهم فيها بشكل غير مباشر، كونهم أحد أكبر أعوان النظام بعد روسيا”، حسب قوله.

ويردف: “سوريا بشكل عام، ودمشق بشكل خاص، كانت قبلةً للسياح من كل أنحاء العالم، كونها من أكثر البلاد العربية جمالاً، ورخصاً في الأسعار، لكنها اليوم قبلة لروسيا وإيران، وأظنها تحتاج العشرات من السنين لتعود كسابق عهدها”، بحسب أحمد.

كعاشقٍ مشتاقٍ لحبيبة طفولته، التي لم يراها منذ ستة أعوام، ذهب خالد (شاب من الغوطة الشرقية، في السابعة عشر من عمره)، إلى دمشق، ويقول لموقع الحل، إن “آخر مرة زرت الشام فيها، كنت طفلاً في التاسعة من عمري، لم أدرك حينها ما معنى أن تمشي في شوارعها، وتتنفس هواءها، وخلال سنوات الحصار المفروض من قبل النظام على الغوطة، بدأت ألاحظ تعلق الناس بالشام، وأسمع عن ذكرياتهم فيها، وكلي شوقٌ لزيارتها يوماً ما”، بحسب خالد.

ويضيف: “عشت طفولتي محاصراً في بلدتي، لا أرى أمامي سوى دماراً وخراب، وكبرت وأنا متلهّفٌ لزيارة تلك المدينة، وأحببت شوارعها وحدائقها، كما زرت المسجد الأموي، وساحة المرجة، وسوق الحميدية، متناسياً كل ما حولي من شعارات، ومظاهر مؤيدة للنظام”. لافتاً إلى أنه “من الصعب نسيان ما حلَّ بنا، لكن الحياة مستمرة، ويكفي ما ضاع من شبابنا، لذلك يجب أن نتأقلم على وضعنا الجديد، ونتقبل بحياتنا الجديدة”، بحسب قوله.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.