الزواج القسري في سوريا.. هروب من الواقع وجريمة لايعاقب عليها القانون

الزواج القسري في سوريا.. هروب من الواقع وجريمة لايعاقب عليها القانون

رهام غازي

ارتفعت نسبة الزواج القسري في سوريا بشكل كبير، خاصة في مناطق الشمال السوري، حيث تتواجد أعداد كبيرة من المخيمات التي يقطنها #اللاجؤون_السوريون من مختلف المحافظات السورية، بالإضافة للمناطق التي حُصرت لفترات طويلة، والتي سُجل فيها العديد من حالات #زواج_القاصرات من رجال أثرياء، لإبعادهن عن المخيم وتأمين حياة كريمة وآمنة لهن، في ظل انعدام الأمن وأبسط متطلبات الحياة، بطرق مختلفة وتحت مسميات عديدة، وعلى الرغم من تعارض هذا الزواج مع القوانين والشريعة الإسلامية.

وللزواج القسري أسباب عديدة، لعل أهمها ارتباطه بالوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي يعاني منه أكثر من نصف الشعب السوري في مختلف البلدان التي لجأ إليها كالأردن ولبنان والمخيمات الواقعة على الحدود التركية، وفي الأراضي السورية أيضاً، بالإضافة إلى العادات والتقاليد التي تتعصب إليها بعض العائلات، وغياب دور التعليم، والوعي بأهمية بناء العلاقات الزوجية على أسس صحيحة، وكان للحرب الدور الأكبر في ارتفاع حالات الزواج العشوائي أو زواج “الإكراه” حيث ارتفعت نسبته من ٧٪ قبل عام ٢٠١١ إلى ٣٠٪ في عام ٢٠١٥، وفق إحصائيات وزارة العدل في سوريا.

أوضحت سارة محمد (من سكان الغوطة الشرقية) في حديثها لموقع الحل السوري أن الزواج القسري لم يكن منتشراً في السابق، إلا أن فترة الحصار التي فُرضت على الغوطة في الفترة الأخيرة، إلى جانب ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، دفعت بعض الأهالي لتزويج الفتيات قسرياً، مشيرة إلى أنها شهدت العديد من حالات تزويج الفتيات إلى أقاربهن بعد استشهاد أزواجهن من أجل حماية الأطفال وتأمين مستلزمات الحياة لهم.

وأشارت محمد إلى أنها لاحظت في فترة نزوحها من الغوطة الشرقية إلى شمال سوريا ارتفاع نسبة الزواج القسري وزواج الأطفال في ريفي إدلب وحلب، بالإضافة إلى زواج الأقارب إما قسرياً أو طوعياً لأسباب تتعلق بالميراث وتقاليد بعض العائلات للحفاظ على ثروات العائلة، مشيرة إلى أن أعمار الفتيات لاتتجاوز ١٣ أو ١٤ عاما..

من جانبها قالت أم محمد (من سكان مخيم باب السلامة في منطقة اعزاز): “أنا تجوزت عمري ١٣ سنة وفي كتير بنات متلي، بس الأهل ما بيعترفوا بأنو الزواج تم لأنو مافي مصاري والدنيا حرب”، مؤكدة أن نسبة كبيرة من العائلات لديها قناعات قديمة وخاطئة تتعلق بالزواج، وبأنه “سترة وحماية” دون الاهتمام برأي الفتاة، إلا أن هذه القناعات تأصلت بعد اندلاع الحرب في سوريا وانتشار حالات الاغتصاب والخطف وانعدام الأمان، وتشبثت بعض العائلات بفكرة أن الزواج سيكون “طوق نجاة” للفتاة ولهم..

من جانبها قالت ن.و (من سكان إحدى المخيمات الحدودية) وتبلغ من العمر ١٦ عاماً إنها أُجبرت على الزواج في سن الـ13 لكنها انفصلت عن زوجها بعد اكتشافها لتعاطيه المخدرات، والتعنيف المستمر الذي كانت تتعرض له طيلة فترة الزواج، مشيرة إلى أنها أجبرت مرة ثانية على الزواج من رجل كبير في السن، دون أن يراعي أي أحد التجربة الصعبة التي مرت بها، علماً أن الزواج الثاني باء بالفشل..

وقالت الأخصائية النفسية ضحى حزاني: “من أبرز أسباب زواج القاصرات أنه لايوجد فكرة حقيقية عند الفتيات عن معنى الزواج الحقيقي كل مافي الأمر بالنسبة لهن فستان جميل وهاتف نقّال وبعض الحُلي الذهبية إن وجدت.. وفي بعض الأحيان تكون رغبة منهن بالخلاص من خيمة تجمعهن بأسرهن إلى خيمة ربما تنفردن بالعيش بها.”.

وأشارت حزاني إلى خطورة هذا الزواج على الجانب النفسي والجسدي والفكري للفتاة، قائلة: “هذا الزواج يجعل الفتاة أكثر عرضة للعنف الجنسي والجسدي، وإذا سلِمَ الأمر منهم فلا بد من التعرض للعنف الاجتماعي أو المنزلي أو النفسي وهذا مايعرضها لصدمة نفسية وظهور اضطرابات نفسية كالاكتئاب ونوبات الصرع، واعتراض التطور الطبيعي للفتاة..

من الجدير بالذكر أن الزواج القسري أو زواج القاصرات من أخطر القضايا التي تهدد سلامة المجتمع وتزوده بعلاقات غير سلمية قد تصل في بعض الأحيان إلى حد الجريمة، فضلاً عن أنه انتهاكاً صارخاً لحق الفتيات في الاختيار والعيش الكريم، علماً أن ٦٠٪ من الزيجات غير المسجلة في وزار العدل تم عقدها على قاصرات…

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.