حسام صالح

لم يعد خفياً على أحد، أن عملية تنقل المواطن السوري بين المحافظات ليست بالأمر السهل مادياً وأمنياً، فتعتبر هذه الرحلة التي تصل إلى عدة ساعات بمثابة كابوس عليه، نظراً لكثرة الحواجز الأمنية على الطرقات، واختلاف مرجعيتها وولائها على الرغم من أنها تتبع كلياً للنظام، لكن لكل حاجز قانونه وتعامله الخاص، وأصبح عمل هذه #الحواجز فقط لأخذ الإتاوات والتهديد والاعتقال في بعض الأحيان.

لعل الرحلة من #دمشق إلى حلب أو بالعكس، خير دليل على مايجري على هذه الحواجز، فبعد أن توقف الطريق الدولي بين حلب ودمشق عن العمل في شهر تموز عام 2011، وسيطرة المعارضة على أجزاء كبيرة منه، استبدل النظام هذا #الطريق بآخر صحراوي، له مسرب واحد وأطول من الطريق الدولي بنحو 125 كيلو متر، حيث يمر من السلمية في حماة عبر أثريا وخناصر، وباتت تكلف المواطن وقتاً ومالاً أكثر بسبب الرشاوى والإتاوات التي تفرض عليهم من قبل حواجز #النظام المنشترة على هذا الطريق، والتي سنحاول في هذه المادة تسليط الضوء عليها.

البداية من شركات النقل!

كنتيجة طبيعية لارتفاع الاسعار وعدم وجود جهة رقابية على الأسعار، تضع شركات النقل بين المحافظات تسعيرة مرتفعة، حيث بلغت كلفة نقل الشخص الواحد من دمشق إلى حلب وبالعكس بين 4500 و 6000 ليرة سورية، أي أن الشخص الذي سيسافر ويعود في يوم واحد سيدفع أكثر من 10 آلاف ليرة.

في مقابل ذلك، وبعد ازدياد الشكاوى حول هذا الموضوع، حددث الشركة السورية للنقل التابعة للنظام، أجرة نقل الركاب من دمشق إلى #حلب وبالعكس 3000 ليرة، لكن الشركات وبحسب ما اطلع عليه موقع الحل فإنها لم تلتزم بها، وباصات شركة النقل التابعة للنظام تنطلق بمعدل رحلة واحدة يومياً فقط.

وبحسب “أبو سعيد” وهو موظف يعمل بشركة نقل خاصة بين المحافظات، فإن هذا الارتفاع في سعر #التذكرة، يعود لعوامل تتعلق بالرحلة ذاتها، فيقول “جميعنا يعرف أن المرور من الحواجز المنتشرة على الطريق لايتم بدون مقابل، وبالتالي إن اكتفت الشركة بمبلغ 3 آلاف ليرة، فحتماً ستخسر”.

وأضاف “كل شركة تضع تسعيرة، بحسب التفاهمات مع حواجز الأمن المنتشرة، فالبعض يقبل بالسجائر والمتة والآخر بمبلغ 1000 ليرة، وبالتالي بعملية الدفع هذه سنوفر علينا وعلى الركاب الوقت والجهد”.

حواجز “الموت و المليون”

يمر #المسافر بدءً من خروجه من العاصمة دمشق بعدد من الحواجز التابعة للنظام بمختلف تشكيلاته العسكرية، (دفاع وطني، مخابرات جوية، الفرقة الرابعة، الشبيحة، الجيش)، والتي يختلف التعامل معها، فعند مدخل العاصمة دمشق يوجد أكبر حاجز للنظام، يقع على الطريق الدولي الواصل بين دمشق وباقي محافظات الشمال السوري، عند مدخل مدينة القطيفة (أربعين كيلو متر شمال دمشق)، وقريباً منه، جنوب المدينة، يتواجد الفوج 14، التابع لـ “الفرقة الثالثة”، ويشتكي المارون من سوء المعاملة والانتظار مدة طويلة وعمليات التدقيق الأمني، لكن حسب ماورد لموقع الحل أن “هذا الحاجز لايتقاضى #المال، وإن تم يكون بمبالغ كبيرة، تصل لمليون ليرة للمطلوب أمنياً عن طريق وساطات وضباط بين بعضهم”.

“حاجز المليون”، والذي يربط محافظة حلب بالمحافظات الوسطى والجنوبية، يعتبر من أكثر الحواجز سوءاً من حيث الرشاوى والفساد، حيث أطلق عليه اسم “حاجز المليون” نظراً للمبلغ المالي الذي يجنيه يومياً من المسافرين وسائقي الشاحنات، ويعود إلى “الدفاع الوطني” والشبيحة في المنطقة.

“أحمد” شاب ثلاثيني له تجربة مع هذا الحاجز فيقول “تقريباً كل يوم يمر مايزيد على 100 حافلة من هذا الحاجز، ويطلب من المسافر الواحد بين 200 و 1000 ليرة سورية، ولايتم التدقيق على الهويات الشخصية، فهو حاجز لجني المال لا أكثر، إضافة إلى عمليات المصادرة التي تتم للمسافرين من أموال أجنبية أو أشياء ثمينة”.

وأضاف، “تلاشى كابوس حاجز المليون، بعدما استُبدل بآخر تابع لجيش النظام، لكنّ حواجز أخرى حلّت مكانه، كحاجز السّعن (الذي استمدّ تسميته من المنطقة الواقعة في ريف حماة)، وحاجز شلّة قرب مدينة السفيرة (تسميته جاءَت من اسم متزعّم المجموعة التي تتولّاه).

وفي سؤالنا عن المبلغ المالي الذي دفعه “احمد” في طريقه من دمشق إلى حلب أوضح أن “دفعت مبلغ 5 آلاف ليرة لشركة النقل، وعلى الطريق مررنا بنحو 13 حاجزاً دفعت فيها مبلغ 6 آلاف ليرة، وفي العودة من حلب إلى دمشق دفعت 8 آلاف ليرة”، وعن الزيادة في سعر الرشاوى عند العودة أشار أحمد إلى أن “العائد إلى دمشق وضعه مختلف، بحجة التدقيق الأمني عند الدخول إلى العاصمة، وبالتالي الحواجز التي لم تطلب رشاوى في الذهاب طلبتها في الإياب”.

رحلات خاصة بتكلفة أعلى

في أواخر العام الماضي، أصبح بإمكان الركاب اختصار مدة قطع المسافة بين حلب ودمشق عبر سيارات نقل خاصة غير مرخصة للعمل، وهي في الغالب تتبع لأشخاص معروفين، ولا يوجد لديهم مقر محدد، ويتقاضون مبالغ أكبر من البولمانات وسيارات النقل الأخرى، وهي عبارة عن سيارات من نوع “أفانتي، كيا ريو”، وتستغرق الرحلة حوالي 5 ساعات تقريباً.

وعن المبالغ المالية التي يتقاضاها هؤلاء السائقين، وبحسب صحيفة الوطن المقربة من النظام “المسافرون يدفعوا 12 ألف ليرة أجرة الراكب الذي يجلس بجانب السائق في حين تبلغ أجرة الراكب الذي يحجز المقعد الخلفي 8 آلاف ليرة”.

وبحسب أحد الركاب الذين استخدموا هذه الوسيلة فإن “هذه السيارات معروفة لدى حواجز الأمن ويكتفى فقط بالسلام عليهم وإعطائهم الرشوة سواء كانت نقود أو علب سجائر وغيرها، ولا يطلب من الركاب دفع أي مبلغ”.

وأضاف “جرى الحديث عن هذه الظاهرة، حيث تبين أن بعض هذه السيارات تعود ملكيتها إلى ضابط في الأمن، ولديه 10 سيارات ويجني شهرياً منها حوالي 18 مليون ليرة”، مشيراً إلى أن “البعض الآخر من هذه #السيارات هي ملكية خاصة، ومعروف لدى الحواحز، فيستطيع المرور منها بدون أي مشاكل”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.