في ظل سعي روسيا لمساعدة #اللاجئين على العودة إلى الوطن, نشرت صحيفة الإكونومست مقالاً توضح أن سعيها ذلك مشروط بمشاركة الغرب في الدفع من أجل إعادة إعمار سوريا.
ويشير المقال إلى أن قِلّة اعتقدوا أن الرئيس الأسد سوف ينجو من التمرد الذي اجتاح بلاده منذ سبعة سنوات, لكن ديكتاتور سوريا المتورط بالكثير من الدماء اقترب من تحقيق الهزيمة بحق هؤلاء الذين حاولوا الإطاحة به. فالثوار المتبقون في البلاد محاصرين في محافظة إدلب في الشمال الغربي لسوريا. وتحتشد قوات النظام على حدود البلاد بعد أن تمكنت مؤخراً من الاستيلاء على مناطق يسيطر عليها الثوار بالقرب من الحدود مع الأردن وإسرائيل في الجنوب, لذلك فإن سقوط إدلب سوف يكون المسمار الأخير في نعش الثورة السورية.

مابين الثوار وقوات النظام, هناك 2.6 مليون مدني في إدلب, هرب أكثر من نصفهم من الحرب في أجزاء أخرى من البلاد, سيدفعون الثمن. فالهجوم الوحشي في الجنوب أجبر مئات الآلاف من السوريين على الخروج من منازلهم. وبحسب الإكونوميست, فإن الأمم المتحدة تحذر من أن الهجوم على إدلب قد يتسبب بنزوح أكثر من مليوني سوري ومن المرجح أن تطلق قوات حرس الحدود التركية النار عليهم (مثلما فعلوا من قبل) إذا ما حاول هؤلاء النازحين العبور إلى الأراضي التركية.

وفي الوقت الذي يلوح فيه هذا النزوح المحتمل في الأفق, فإن هناك حديث متزايد عم إعادة الستة ملايين سوري الذين فرّوا مسبقاً إلى بلدان الجوار مثل تركيا ولبنان والأردن. فتسعى روسيا الداعمة لنظام الأسد المساعدة في إعادة 1.7 مليون لاجئ بما فيهم 200 ألف لاجئ في أوربا إلى بلدهم في المستقبل القريب! وكجزء من خطة إعادتهم, طلبت #روسيا من أمريكا ودول أوربية دفع تكاليف إعادة إعمار سوريا التي قد تصل إلى 250 مليار دولار وهو مبلغ يفوق طاقات روسيا ونظام الأسد.

لقد كافحت الدول الأوربية من أجل تحملّ تدفق اللاجئين السوريين بالرغم من إثارة الأمر للنقمة الشعبية, وتصر هذه الدول اليوم على عدم القبول بالتهديدات الابتزازية. فتسعى في سبيل ذلك إلى استخدام مساهمتهم في أموال إعادة الإعمار كورقة مساومة يجبرون من خلالها الأسد على تقديم التنازلات ووضع سوريا على طريق أقل استبداداً. وبالرغم من ذلك فإن الأسد لا يهتم بشأن التفاوض على حرب يشارف على الفوز بها. أما أمريكا فلم ترد بشكل علني على خطة روسيا في إعادة اللاجئين.

هذا وتشير الإكونومست إلى أنه قد بدأت روسيا فعلاً بخطتها في إعادة اللاجئين من #الأردن ولبنان, أكثر #البلدان تذمراً من صعوبة استيعاب الأعداد الهائلة من اللاجئين السوريين. وقد لاقت الخطة الروسية قبولا لدى لبنان الذي بدأ بإرسال اللاجئين حيث أعاد ما يقارب 1200 لاجئ – وفقاً للتلفزيون الرسمي السوري – في 28 تموز الماضي. كما أبدى المسؤولون اللبنانيون المعارضون للأسد استعدادهم للتعاون مع خطة روسيا والنظام إذا ما كانت ستعيد مزيداً من اللاجئين إلى سوريا.

وبالرغم من أن الأمم المتحدة ترى أن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة معظم اللاجئين, إلا أنها تزيد من الدعم لهؤلاء الذين يعودون إليها. وبحسب المقال, فقد فتحت ما يقارب 100 مركز لتقديم المساعدات بما فيها الكسوة البلاستيكية المستخدمة في تغطية البيوت المتضررة من الحرب. وبالتالي فإنه إذا ما أصبح إرجاع اللاجئين في تدفق متزايد, فقد يشعر الغرب بالضغط المتزايد للمساعدة في إعادة إعمار منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم.

أما الأسد الذي يرحب باللاجئين العائدين – خاصة رجال الأعمال منهم – فإنه لا يسعى لإعادة الكثير منهم, فمعظمهم من السنة الذين كانوا يشكلون غالبية كبرى في سورية في أحد الأيام ومحور الثورة. ويرى الأسد أن سوريا اكتسبت مجتمعاً أكثر صحة وتجانساً, كما أن على اللاجئين الحصول على إذن بالعودة إلى البلد من أجهزته الأمنية.

وبحسب الإكونومست, فقد قدّم الآلاف طلبات للحصول على إذن بالعودة إلا أن عدد قليل فقط حصلوا عليه. مضيفةً إلى أن الأسد يستخدم إعادة الإعمار كوسيلة يعاقب من خلالها اللاجئين ويكافئ الموالين له, كما بيّن تردد الأسد في أخذ الأموال من الغرب الذي سيفرض شروطه عليه إذا ما ساهم في الأموال. بدلاً ذلك قرر الأسد الاستيلاء على ممتلكات شعبه المهجر من خلال القانون رقم 10 الذي يسمح للنظام بالاستيلاء على عقارات السوريين الذين لم يتمكنوا من إثبات ملكيتهم لها. الأمر الذي يصعب بشكل أكبر على هؤلاء الذين فروا من البلاد. وبالرغم من سماح النظام لتعيين أفراد من عائلاتهم في سوريا لتمثيلهم وإثبات الملكية, إلا أنه فرض عليهم الحصول على شهادة غير محكوم من الشرطة. حيث لا يمكن لأي شخص له صلة بالمعارضة الحصول على تلك الشهادة. كما أنه قد تم تسليم الكثير من المنازل والمتاجر المملوكة لمواطنين من السنة إلى آخرين موالين للنظام.

أسباب كثيرة تقف خلف عدم عودة اللاجئين وبقائهم بعيداً, فالكثير من الرجال يواجهون التجنيد العسكري الإجباري حيال عودتهم. وبحسب المقال فقد تم اعتقال البعض منهم وتعذيبهم لصلتهم المزعومة بالثوار. كذلك يصعب على الكثيرين العودة لأن أحيائهم مليئة بالألغام والقنابل غير المتفجرة. كما أن الملايين من المنازل تضررت من الحرب أو سوّيت حتى بالأرض.
ولكن يبدو أن سياسات الأسد تعطي مفعولاً مغناطيسياً, فالقانون رقم 10 مثلاً جعل الكثيرين يسعون لإثبات ملكيتهم لممتلكاتهم قبل فوات الأوان, ويخشى آخرون من أنهم إذا لم يعودوا قريباً فقد يبقون لاجئين إلى الأبد. في حين يختار البعض العودة مع ازدياد بؤس حياتهم في مخيمات اللاجئين ليواجهوا مصيراً غير واضح في بلدهم. فمن مخيم اللاجئين في لبنان تقول سارة الحسين: “عاد زوجي للتأكد من عدم بيع منزلنا, وهو الآن يعيش في خيمة في مخيم للاجئين. لا مستقبل لنا, لا في لبنان ولا في سوريا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.