بسام الحسين – دمشق

منذ 2011 وحتى اليوم، لم تتردد #إيران بتقديم كل أنواع المساعدات لقوات النظام، لتدمير مقدرات البلد، حيث وصلت الخسائر التي تكبدها الشعب السوري بنحو 400 مليار دولار، ولتقريب الرقم أكثر فقد كان الناتج الإجمالي المحلي للبلاد لا يتجاوز 40 مليار #دولار في 2010.

بنفس الوقت ضخت إيران بنحو 105 مليار دولار صرفت بين تسليح ورواتب ميليشات طائفية، وشحنات نفطية وغازية، لكن الرقم المعلن من قبلهم كان فقط نحو 10 مليارات دولار على شكل “مساعدات طبية وغذائية”، فهي تخطط لجني مكاسب طويلة الأمد، حتى لو كان على حساب المزيد من الخسائر. كل هذه الكلف العالية تجعل من إيران تقف بصلابة بوجه الدعوات #الدولية والضغوط التي تحاول دفعها للانسحاب من سوريا، بخلاف ما تسعى طهران لتحقيقه بأن تبقى إلى الأبد، لكن ما هي الأثمان التي ستدفعها في حال استمر وجودها داخل سوريا!

الخسائر البشرية

الخبير العسكري العميد المتقاعد (زكريا عطوان) أشار إلى الخسائر البشرية التي تكبدتها إيران وجلهم عناصر في الحرس الثوري الإيراني الذين يعتبروا قوات النخبة فيها، والذين تجاوزا عددهم 5500 جندي إيراني منذ أن بدأت طهران بدفعهم للقدوم إلى سوريا.

وقال عطوان: “إن إسرائيل تحاول الضغط على روسيا صاحبة اليد الطولى في سوريا، وباقي اللاعبيين الدوليين، لإجبار إيران على مغادرة البلاد، وإيصال رسائل التهديد المباشر بإجراء مزيداً من الهجمات على مواقعهم العسكرية، على نحو 11 قاعدة عسكرية إيرانية منتشرة بكافة أنحاء سوريا، وتسع قواعد عسكرية للميليشيات الشيعية المدارة إيرانياً في جنوبي حلب، حمص، ودير الزور، إضافة إلى نحو 15 قاعدة ونقطة مراقبة تتبع لحزب الله على الحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا”.

ومن الأمور التي تكشفت للجميع مدى التنسيق بين النظام وإيران من جهة، وبين إسرائيل من جهة أخرى عبر الوسيط الروسي، حيث نقلت إيران قواتها الموجودة جنوب سوريا إلى غرب الفرات في دير الزور، وذلك إثر تحذيرات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو)، من “أن إسرائيل ستقوم بضرب أي محاولة من جانب إيران للبقاء عسكرياً في سوريا، ليس فقط في مرتفعات الجولان، ولكن في أي مكان بسوريا”،  لكن الواضح أيضا أن هذا التهديد كان يشمل نطاق 75 كم فقط.

خسائر تنتج عن العداوة مع دول المنطقة

لاشك بأن الخسائر التي تنتج عن تدخل دولة في شؤون دولة أخرى تتجاوز الخسائر المادية والبشرية لتصل إلى ما هو أخطر من ذلك، حيث أن هذا العداء سيمتد إلى أجيال كثيرة وستتوارث الأجيال القادمة هذه العداوة التي نتجت عن عمل تخريبي إجرامي بحقهم، الخبير (مصعب أبو رمان)، وهو متخصص بشؤون الخليج العربي وإيران يقول: “الوجود الإيراني بسوريا تجاوز الوجود #العسكري، ووصل إلى حد زرع بذور المؤسسات الإيديولوجية، فإلى جانب وجود نحو 15 منظمة مرتبطة بإيران، تعمل “مؤسسة الجهاد الإسلامي” كمؤسسة خيرية مولت ونظمت إعادة إعمار الجنوب اللبناني إبان حرب تموز 2006، على إقامة مشاريع كبيرة في سوريا لإعادة بناء المدارس والطرق، وتقديم مساعدات لعائلات الميليشيات السورية المدعومة من إيران.

وأردف أبو رمان، “أن التواجد الإيراني في سوريا، سيجذر عداوته مع دول الخليج العربي، وهي دول ذات اقتصاد ضخم جدا مقارنة مع إيران، وسيعمق ارتباط النظام أكثر بإيران، كما أن ملفات الخلاف بين البلدين لا تنتهي من لبنان إلى اليمن والبحرين وكذلك الأمر في سوريا، ومما يساعد دول الخليج على كسب الحرب هي حالة التململ التي ظهرت في الشارع الإيراني وعكستها الصحافة الإيرانية بسبب خسارة أكثر من 60 ضابطاً من أصحاب الرتب العالية سقطوا في سوريا”.

عدم استقرار داخل سوريا

هجرت الميليشيات المدعومة من إيران والموالية للنظام السوري ما يقارب 7 ملايين إنسان ما بين داخل وخارج البلاد، وما إن تضع الحرب أوزارها سيعود أولئك إلى بيوتهم وممتلكاتهم وسيفاجئون بأن هذه الأملاك انتقلت لملكية أشخاص قدموا من إيران وأفغانستان ولبنان وباكستان، ومن الطبيعي أن الوضع سينفجر من جديد ، وحينها تدرك إيران أنها وقعت فعليا في المستنقع السوري.

وفي هذا  الخصوص تحدث الدكتور (مازن عمشة – اسم وهمي) وهو دكتور في كلية الآداب بجامعة دمشق للحل السوري، عن خطورة الموضوع حيث قال، “إن إيران تحاول تهجير المسلمين السنة من محيط دمشق وتأمين الطريق الواصل بين دمشق وبيروت، وإبدال عوائل شيعية من العراق ولبنان محل أصحاب الأرض”.

ويشير عمشة إلى مساعٍ إيرانية تتركز على تهجير أهالي الوديان التي تربط بين البلدين، وهو الأمر الذي جرى التركيز عليه منذ 2011، بعمليات تغير ديموغرافي واضح، وتحاول إيران أيضا تقسيم البلاد بين النظام وفصائل المعارضة، محاولة إعادة ترتيب سوريا بين مناطق معارضي النظام، ومناطق نفوذ مؤيديه يسهل عليها قيادتهم، ويسهل التحكم والسيطرة عليها، ما يمنحها في المستقبل ورقة هامة في أي مفاوضات تتعلق بالبلاد، ولكن الشئ المهم الذي غاب عن إيران هو أن العلويين لا يشكلون أكثر من 6% من تركيبة الشعب السوري في أحسن أحوالهم”.

ويختم عمشه كلامه بالقول: “سأعطيك مثالا بسيطا لكنه ينطبق على كل المدن السورية المنكوبة، ففي داريا انتقلت قرابة 400 عائلة عراقية شيعية، وسكنت الأحياء التي تم تهجير أهلها منها، في إطار صفقة تم بموجبها نقل مقاتلي المعارضة السورية مع عوائلهم إلى الشمال السوري، لكن يوما ما سيعود أكثر من 800 ألف ديراني إلى جذورهم وسيطردون الغزاة مهما طال الزمان”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة