بعد كل ما عايشته مضايا.. كيف حالها الآن

بعد كل ما عايشته مضايا.. كيف حالها الآن

سليمان مطر – ريف دمشق

تعتبر بلدة #مضايا في #ريف_دمشق الغربي، من أكثر مناطق #سوريا التي تعرضت لممارسات قوات النظام القمعية، حيث تسببت في تغيير شكلها، وتهجير شبابها، وضياع مستقبل كثير من أبنائها، وقتل المئات من سكانها خلال السنوات الماضية.

الناشط حسام محمود سرد لموقع الحل ما واجهته البلدة الجبلية التي تبعد 45 كم عن العاصمة #دمشق، حيث تعمدت قوات النظام استخدام سياسات ترهيبية بحق آلاف المدنيين الذين قرروا الخروج والمطالبة بإسقاط النظام، وقد بدأت هذه الممارسات بقمع المظاهرات والاعتقالات التعسفية، ووصلت إلى التجويع الجماعي والقصف العشوائي، ما تسبب بكارثة إنسانية صُنفت على أنّها واحدة من أكثر الأحداث المأساوية في تاريخ حروب المنطقة، حسب قوله.

وأضاف محمود أنّ بلدة مضايا كانت من أوائل البلدات التي قررت الانتفاض على نظام الأسد في عام 2011، وشاركت من خلال التظاهر السلمي، الذي واجهته قوات النظام بالقمع، ما تسبب بمقتل أكثر من 40 مدنياً، وإصابة آخرين، إضافةً لاعتقال المئات منهم بشكل تعسفي، إلى أن جاءت فصائل المعارضة وشاركت بحماية المدنيين لفترة من الزمن قبل أن تتحول المواجهة بين هذه الفصائل وقوات النظام إلى صراع غير متكافئ القوة، كان المدنيون هم الضحية فيه، حيث لم تراعي قوات النظام وجود آلاف المدنيين في المنطقة، وقصفتها بشكل مباشر في كل مواجهة مع فصائل المعارضة، ما تسبب بمقتل وإصابة المئات من المدنيين، جُلهم من النساء والأطفال.

وتابع المصدر، أنّ قوات النظام عندما اشتد الصراع بينها وبين فصائل المعارضة، وبعد عجزها عن اقتحام البلدة، فرضت حصاراً خانقاً على المنطقة، من خلال منع المدنيين من الدخول والخروج منها، وزرع الألغام بكثافة في محيطها، وذلك بمشاركة من #حزب_الله اللبناني، الذي كان ركيزة أساسية في الحملة على المنطقة، حيث تسبب هذا الحصار الذي بدأ في تموز 2015، واستمر حتى تهجير أهالي البلدة في نيسان 2017، بوفاة أكثر من ثلاثين مدنياً نتيجة لسوء التغذية، بينهم أطفال ونساء، حيث لم يتمكن معظم المدنيين في تلك الفترة من شراء حاجتهم الأساسية من الطعام، وحتى حليب الأطفال، حيث باتوا يبيعون أثاث منازلهم مقابل تأمين علبة حليب لأطفالهم.

ونتيجةً لهذه الممارسات التي تعرضت لها البلدة فقد تغيرت بنيتها الديموغرافية منذ 2011، وحتى اليوم، حيث كان يقطنها 14500 نسمة، قُتل منهم أكثر من 400 في ظروف مختلفة، وتم اعتقال 400 آخرين بشكل تعسفي ولم يتم معرفة مصيرهم نهائياً، إضافةً لذلك فقد نزح أكثر من 2000 مدني عن البلدة إلى مناطق متفرقة من دمشق وريفها، ولجأ 500 آخرون إلى #لبنان، خوفاً من الحصار والقصف الذي كان يهدد حياتهم خلال حملة قوات النظام العسكرية على المنطقة.

وبحسب ناشطين فإنّ التهجير القسري الذي تعرض له قرابة 2500 من سكان مضايا (معظمهم من الشباب)، في شهر نيسان من العام الماضي، يعد “العبث الأكبر في بنية البلدة الديموغرافية”، حيث تم نقل المهجرين من البلدة إلى محافظة #إدلب شمالي سوريا، ليجدوا أنفسهم بين خيار البقاء في وضع معيشي سيء للغاية في إدلب وريفها، أو الخروج عبر التهريب إلى #تركيا، وهو الأمر الذي اختاره أكثر من 1000 من المهجرين، على الرغم من الكلفة المادية المرتفعة، والخطر المترتب على الدخول إلى الأراضي التركية عبر التهريب. في الوقت نفسه لم يجد المغتربين البالغ عددهم أكثر من 900 خيار العودة إلى مضايا في الوقت الحالي أمراً وارداً، بسبب الخوف من الاعتقال لأسباب أمنية، أو للخدمة العسكرية، أو بسبب الخوف من تبعات هذا الخيار الاقتصادية، حيث لا تتوفر فرص العمل المناسبة، ولا تتهيئ لهم الأوضاع العامة لتنفيذ مشاريعهم التي ستحقق لهم ما ينتجونه في غربتهم.

وعن الأوضاع المعيشية الحالية في البلدة فقد أكدّت ياسمين القلمونية (من سكان مضايا) أنّ حكومة النظام تولِ اهتماماً كبيراً للناحية الخدمية، وتسعى لتقديم المنطقة على أنّها باتت من أفضل المناطق في سوريا، بعد الهالة الإعلامية التي صاحبت حصارها من قبل النظام وحزب الله اللبناني، مضيفةً أنّ السياحة الداخلية أهم ما يتم التركيز عليه في الفترة الحالية، وذلك لما تحققه من عائدات لأهالي المنطقة، ولحكومة النظام في الوقت نفسه، حسب قولها. وأكدّت ياسمين أنّ كل ما يتم تقديمه للمدنيين من خدمات مقابل صمت الأهالي عن المطالبة بالمعتقلين، ومحاولة من حكومة النظام لإشغال سكان المنطقة عن التفكير في الوضع السياسي، ليصبحوا بذلك “موالين للنظام بطريقة غير مباشرة”، حسب قولها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة