تقرير: شح المياه شكَّل أحد أسباب اندلاع الثورة.. والحرب في سوريا تنذر بكارثة مائية

تقرير: شح المياه شكَّل أحد أسباب اندلاع الثورة.. والحرب في سوريا تنذر بكارثة مائية

حسام صالح

لم يكن تصريح مدير مؤسسة مياه الشرب التابعة للنظام (محمد الشياح) عن العجز في تأمين #مياه_الشرب قبل أيام، جديداً على السوريين بعد وصول عدد ساعات التقنين إلى أكثر من 18 ساعة يومياً، ولم يكن أيضاً تصريح الشياح حول بحث حكومته عن مصادر مائية بديلة بالجديد أيضاً، فالمشكلة المائية في #سوريا تعود إلى العام 2006، لكن تدهور الوضع المائي تفاقم مع اندلاع الثورة في سوريا، وأصبحت أرقام الخسائر المائية مخيفة.

والذي لايمكن إنكاره، أن كل الأطراف تسببت في هذه الخسارة المائية، واستخدام قصف مصادر المياه كتكتيك حرب، ما أدى لعطش ملايين #السوريين وانتشار الأوبئة والأمراض بسبب تلوثها، إضافة إلى تقلص مساحة الأراضي الزراعية بنسبة وصلت لـ50%.

كارثة ماقبل الحرب

ونشرت وكالة مونت كارلو الدولية في حزيران الماضي تقريراً بعنوان “دور العوامل المناخية في الأزمة السورية”، حيث ذكر فيها الكاتب المختص في شؤون البيئة “فاليري لارامي” أن “فترات الجفاف غير المسبوقة في سوريا بين عامي 2006 و2010 كانت عواقبها كارثية على القطاع #الزراعي، تجلى ذلك في نزوح جزء كبير منهم إلى تخوم المدن التي انطلقت منها بداية المظاهرات السلمية”، على حد تعبيره.

وفي عام 2015، نشرت دراسة أمريكية أشارت إلى أن “منطقة الهلال الخصيب شهدت منذ منتصف القرن العشرين أربع فترات جفاف حاد، هي تلك التي طالت المنطقة تباعا في عام 1950 وعام 1980 وعام 1990 وخلال الفترة التي امتدت من عام 2006 إلى عام 2010″.

ولفتت الدراسة إلى أن ” هذه التغيرات المناخية أضعفت نظام الرياح التي كانت تجلب للهلال الخصيب أمطارا من منطقة المتوسط في فترة الشتاء، إضافة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة غير المعهودة خلال الفترة الصيفية أساء كثيراً إلى رطوبة أتربة الأراضي الزراعية والمراعي السورية، وسرع عملية تبخر ما بقي فيها من رطوبة، وبالتالي نزوح أكثر من مليون شخص من هذه المناطق المتضررة.

ولفتت الدراسة إلى ان “السلطات في سوريا حينها لم تقم باتخاذ قرار حاسم جراء هذه التغيرات المناخية وعملية النزوح”، مما يفسر حسب ماورد في الدراسة أنها “شكلت عاملاً أساسياً من عوامل الانتفاضة الشعبية التي انطلقت عام 2011، ووصلت إلى ماعليه الآن”.

إضافة إلى ذلك، ساهمت السياسات الحكومية العامَّة قبل الثورة بتدهور الوضع المائي، وذلك بهدر الموارد المائية، وعدم التخطيط العلميّ طويل الأمد، فيؤكد المهندس (مجد سلطان) الذي كان يعمل في وزارة المياه سابقاً “عندما تكون الأوضاع السياسية لسوريا جيدة مع دول الجوار سواء لبنان أو الأردن، يتم ضخ المياه إليهما، دون الانتباه إلى تبعات هذه القرارات، فجميعنا يعرف من كان يزور الأردن قبل الثورة، ويرى أن المياه لا تنقطع لديهم وتأتي بشكل منتظم، في حين يتم قطع المياه بشكل يومي عن سكان العاصمة دمشق، وبعض الأرياف تنقطع فيها لعدة أيام متتالية”.

انخفاض منسوب السدود

مع بداية العام 2018، أعلنت وزارة الزراعة التابعة للنظام عن انخفاض منسوب مياه السدود في سوريا، بعد تدني نسبة الامطار مقارنة بالعام الماضي، حيث عزت السبب إلى انخفاض كميات المناطق، واكتفت بالقول أن “الأمل معقود على احتمال حدوث تغيرات مناخية تزيد من نسبة الأمطار”.

اطلع موقع الحل على نشرة الموارد المائية لمخازين السدود في سوريا بداية العام الحالي، وتبين أن نسبة مخزون السدود في ريف دمشق لم تتجاوز 1%، وفي درعا 7% ، وفي السويداء 8% وفي الحسكة 9%، وهي المناطق التي شهدت معارك بين النظام والمعارضة، وتعرضت السدود فيها إلى دمار كلي وجزئي.

وفي ذات الوقت، ارتفعت نسبة مياه السدود في طرطوس بنسبة 39%، واللاذقية إلى 67% في سد تشرين، ووصلت النسبة في حلب لـ 89%، بعد عمليات الإصلاح التي تمت في نهاية 2017، بإشراف خبراء ألمان.

خسائر بالمليارات

وصل حجم الأضرار التي لحقت بقطاع المنشأت المائية منذ اندلاع الثورة، حوالي 770 مليارة ليرة سورية، بحسب وزارة الموارد المائية التابعة للنظام، وأشارت إلى عدم وجود مخطط مائي عام في سوريا يحدد الموارد المائية المتاحة والطلب عليها، لفترة زمنية لاتقل عن 25 عاماً.

في حديثنا عن الأسباب غير المباشرة والتي لاترتبط بطبيعة العمليات العسكرية التي تستهدف الموارد المائية في سوريا، قال المهندس (مجد سلطان) والذي كان يعمل سابقاً في وزارة المياه، “لاشك أن هناك محدودية في الموارد المائية، مقارنة بحجم الطلب المتزايد عليها، وطبيعة العوامل المناخية، والجفاف الذي يضرب سوريا منذ سنوات ساهم بشكل مباشر في أزمة المياه، لكن في المقابل هناك عوامل بشرية أدت لزيادة هذه الأزمة”.

وأضاف “في كل المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام والخارجة عنه، كان هناك استخدام جائر للمياه الجوفية، وعمليات حفر عشوائي للآبار، وبالتالي تم استنزاف الطبقات الحاملة للمياه الجوفية”، لافتاً إلى أن “يجب ألا ننكر أن السدود التي وقعت تحت سيطرة المعارضة تم استغلالها بشكل جائر، نتيجة قلة خبرتهم في إدارتها، وتوالي السيطرة عليها من مختلف القوى على الأرض، ولا ننسى استهدافها المتكرر من قبل النظام وطيرانه الحربي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.