فرّ العديد من رجال الأعمال من سورية منذ اندلاع الصراع فيها, فيما فرضت الحكومات الغربية عقوبات على البعض ممن بقوا في سورية حيث منعت الشركات والمواطنين من التعامل معهم وجمّدت أصولهم في الخارج. وكان من بينهم أحد أبرز رجال الأعمال السوريين “رامي مخلوف” وهو قطب الاتصالات السلكية واللاسلكية وابن خال الرئيس بشار الأسد, حيث اتهمه الاتحاد الأوربي بأنه يموّل النظام.

كما تمت معاقبة رجال أعمال آخرين لتسهيلهم مبيعات النفط لتنظيم الدولة الإسلامية أو لتمويلهم ميليشيات موالية للنظام. إلا أن سامر فوز, أحد أبرز رجال الأعمال الذين ظهروا في ظل الحرب في سوريا نجا من العقوبات الدولية وقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريراً مطوّلاً عنه جاء في مقدمته بأن حوّل القتال أحياء كاملة من ثالث أكبر المدن السورية إلى خراب, ويتم الآن تذويب هكتارات من المعادن الخردة التي خلفتها الحرب في مصنع للحديد لإعادة بناء المنازل المهدّمة, المصنع الذي تعود ملكيته لسامر فوز, أكبر رجال الأعمال والذي جمع ثروته من حرب طحنت بلاده.

ففي ظل اندلاع الحرب وهروب العديد من رجال الأعمال من البلاد بقي السيد فوز. وتعامل مع العديد من أطراف الصراع موزّعاً القمح في المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وكذلك في المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الكردية. وقد تراوحت أعماله التجارية بين المواد الدوائية وصولاً إلى مواد البناء, كما بقي على مسافة قريبة من الحكومة السورية ليصبح فيما بعد من أهم رجال الأعمال الذين يخدمون النظام. حيث يخطط لبناء ناطحات سحاب في دمشق التي يسيطر عليها النظام اليوم, كما أصبح – إلى جانب الحكومة – المساهم الأكبر في أفخر الفنادق في العاصمة السورية ” الفورسيزنس”.

وقد دفعت علاقاته مع النظام بعض الدبلوماسيين إلى التساؤل عن سبب عدم وضعه على لائحة العقوبات الغربية! وفي المرحلة المقبلة, يريد فوز لمصنع الحديد خاصته أن يكون حجر الأساس في إعادة إعمار البلاد حتى قبل الوصول لتسوية سياسية بهذا الشأن. وبينما تمنع الشركات الأمريكية من القيام باستثمارات جديدة في سورية ككل, يُسمح للشركات الأوربية بالقيام بأعمال تجارية مع سوريين ليسوا منتمين إلى أي من الحكومة أو القوات المسلحة أو عائلة الأسد أو غير ذلك من المشمولين بالعقوبات الأوروبية. وعليه فقد رعت العام الماضي “مجموعة أمان ” العائدة لـ فوز معرضاً تجارياً دولياً في دمشق.

وبحسب التقرير, فإن فوز البالغ من العمر 45 عاماً عاد إلى سورية بعد إنهائه الدراسة في الخارج ليبدأ أعماله التجارية من شركة فوز التجارية التي يملكها والده وصولاً إلى إمبراطورية فوز المتكاملة في عالم الأعمال فبالإضافة إلى الصلب والفنادق والعقارات وصناعة الدواء, كما تشمل أعماله التجارية تكرير السكر وتجميع السيارات وتعبئة المياه وتعدين الذهب.. فـ “فوز” اليوم تطورت إلى “مجموعة أمان”.
وجاء في التقرير على لسان فوز أنه كان مدفوعاً بالمصالح الوطنية وليس فقط بمصالحه الشخصية, وقال أنه بانتقاله من إنتاج السكر إلى تجميع السيارات والعقارات, يهدف إلى إعادة اللاجئين إلى سوريا من خلال خلقه لآلاف فرص العمل في البلاد. مضيفاً: “إذا لم أفكر أنا في إعادة إعمار بلدي, فمن سوف يفكر في ذلك؟”

وبحسب التقرير, فإن الحكومات والشركات الغربية ستتخذ خطوات متقدمة نحو التطبيع مع النظام السوري إذا ما بدأت التعامل مع “فوز”, حيث تقدم إمبراطوريته التجارية شريان الحياة المالي لنظام الأسد. وقد نفى فوز كونه أقرب رجال الأعمال إلى بشار الأسد مقارنة بالآخرين في البلاد فيما لم ترد الحكومة على أسئلة متعلقة بالسيد فوز.
ووفقاً لفارس الشهابي, رئيس الاتحاد السوري للصناعة, تم اختطاف أكثر من 500 رجل أعمال من قبل المقاتلين المتمردين في النصف الأول من عام 2012 مقابل الفدية المالية, ما أدى إلى فرار رجال الأعمال وأصحاب الصناعات التقليدية التي تعود إلى قرون مضت. مما فسح المجال للباقين في البلاد استغلال الفراغ الذي خلفه هؤلاء. فيقول فوز: “عملت لأربعة سنوات بدون منافسة على الإطلاق” مستغلاً الظروف من خلال التعامل مع مختلف الأطراف في الصراع السوري.

ويشير التقرير إلى أنه مع تزايد الحديث عن نمو “فوز”, اقترحت عدت سفارات أوربية في بيروت خلال الاجتماعات بين السفراء أن تتم معاقبة السيد سامر فوز لقربه من النظام دون أن يتقدم أي عضو أوربي باقتراح رسمي بذلك, والذي يعتبر الخطوة الأولى في عملية العقوبات. فيما يقول فوز أنه عفي من العقوبات لأنه لا يستثمر في الصناعات التي لها علاقة بالشؤون العسكرية للنظام, وأنه عندما كان يوزع سلع غذائية فكان عمليه بمثابة مساعدة إنسانية مضيفاً: “إذا فرضت العقوبات علي فيجب أن تفرض على الأمم المتحدة أيضاً”.
وفي شراكة السيد فوز الأكثر وضوحاً مع النظام, دخل العام الماضي في مشروع برزة مع الحكومة حول دمشق حصل من خلالها على الحق لبناء ثلاثة أبراج وخمس وحدات سكنية أصغر حجماً وصفها دبلوماسيين أجانب أنها صودرت من أشخاص عارضوا النظام في بداية الانتفاضة. وبحسب مسئولين غربيين يعملون في الشؤون السورية, فإن أصحاب المنازل المهدمة في تلك المنطقة حصلوا على تعويضات لكنها قليلة مقارنة بالأسعار المطلوبة ليمتلكوا وحدة سكنية في الأبراج التي ستبنى. ليدافع السيد فوز عن مشاركته في عملية التطوير المسماة رسمياً بمدينة ماروتا – والمسماة بالمشروع 66 بعد مرسوم رئاسي- قائلاً أن المنازل المهدمة تم بناؤها بدون ترخيص, ولم يكن هو الذي صادرها.

وبعد غضب النظام في العام الماضي على رجل الأعمال السوري البارز عماد غريواتي بعد انتقاله إلى دبي , احتل رجال الميليشيات الموالية للنظام مصنعاً لإنتاج الكابلات تعود ملكيته للسيد غريواتي وبدأت بنهبه, ما دفع غريواتي للطلب من فوز التدخل – بحسب شخص مطلع على الأحداث – ليقوم الأخير بشراء المصنع من غريواتي بثمن قليل جداً.

كما وقّع مؤخراً السيد فوز عقده الأول مع شركة مرتبطة بأوروبا وهي صفقة تقدّر بمبلغ 250 مليون دولار, حيث ستقوم شركة” Biomass Industries Associates” الشريكة والتي تتخذ من تونس مقراً لها بشراء آلات من شركة BMA Group الألمانية لإنتاج السكر وشحنها إلى مُنتج السكر السوري المملوك للسيد فوز في سوريا. وقد أكدت مجموعة BMA أنها متعاقدة مع الشركة التونسية لتزويدها بالمعدات وأنها على علم بأن الآلات سوف تشحن إلى سوريا. ومن خلال صفقات كهذه يأمل السيد فوز بجلب الاستثمارات الأجنبية إلى سورية بدون التضارب مع العقوبات الدولية التي تقيد عملية إعادة الإعمار.

مصنع حمص للصلب, الذي كان خارج عن الخدمة عندما امتلكه السيد فوز في العام الماضي, تعمل فيه الآن ثلاثة أفران لصهر الحديد من أصل خمسة. ويقول السيد فوز: “إن عملية إعادة الإعمار تبدأ من إعادة الناس ومنحهم فرص عمل, وأنه لابد للعجلة من أن تدور من جديد!”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.