التفكك الأسري بعد التهجير: واقع جديد تعيشه عائلات الغوطة.. والنساء في واجهة الحدث

التفكك الأسري بعد التهجير: واقع جديد تعيشه عائلات الغوطة.. والنساء في واجهة الحدث

ورد مارديني – ريف دمشق

اضطرّ محمد لترك زوجته الحامل في شهرها الثامن، عند أهله، والخروج مع قوافل المهجرين قسرياً من #الغوطة_الشرقية إلى الشمال السوري، خوفاً عليها من ولادة مبكرة على الطريق، واضعاً احتمالات بتعرض القافلة لتفجير، أو إطلاق النار، أو اعتقالات، وإهانات من قبل النظام السوري.

حال محمد كحال الكثيرين من أهالي الغوطة، الذين اضطروا لترك عائلاتهم والخروج إلى الشمال، خوفاً من الاعتقال أو التجنيد أو انتقام النظام.

يقول محمد لموقع الحل، إن “القرار بترك زوجتي عند أهلي لم يكن سهلاً، لكنني كنت مضطراً لذلك، فالنظام بدأ يتقدم على مشارف بلدتنا، وجميع الشبان هربوا إلى بلدات أخرى، وأهلي رفضوا الخروج معي، واستسلموا لتسوية وضعهم مع النظام، وطلبوا مني الهرب من القبو دون زوجتي، لأنها لا تقوى على الركض، فالقصف كان في أشده، واتفقت معها على ذلك، ثم ودعتها، وهربت مع عدد من الشبان اللذين كانوا معي في القبو”، حسب قوله.

ويضيف: “واجهت صعوبة كبيرة بعد تهجيري، بالعيش من دون زوجتي، وأقسى أيامي كانت يوم ولادتها بطفلي الأول، تمنيتُ لو كنتُ معها، ورأيت طفلي، وحملته كأي أب يفرح بقدوم طفله، لكن النظام حرمني من هذا الشعور”. مشيراً إلى أن “بعض الشبان تركوا زوجاتهم في الغوطة، ثم دفعوا لهم مبالغ مالية بحدود 200 ألف سوري، لتوصيلهم إلى إدلب، وكنتُ سأقوم بذلك، لولا أن النظام اعتقل زوجة صديقي، وطفليه، وإلى الآن لم يعرف عنهم شيئاً، مما جعلني أتراجع عن الموضوع، على أمل أن يجمعني الله بزوجتي وطفلي من جديد”، بحسب محمد.

وتبحث ملك، عن عمل يسندها، بعد بقائها عند أهلها مع طفلها في الغوطة الشرقية، وتهجير زوجها إلى الشمال السوري، وتقول لموقع الحل، إن “قصف النظام لم يهدأ في الحملة الأخيرة له على الغوطة الشرقية، وخلال هروبي من قبو لقبو، بعد قصف البناء الذي كنا نختبئ فيه، كُسرت قدمي، وعندما بدأ النظام يتقدم على بلدتنا، لم يكن لدينا حلٌ سوى البقاء مع طفلي عند أهلي، وهروب زوجي إلى مصيرٍ مجهول”.

وتتابع ملك: “والدي رجل كبير في السن، ولدي ثلاث أخوات غيري، لذلك قررت البحث عن عمل، لكن الغوطة ما زالت تفتقر للحياة الطبيعية، وما زالت فرص العمل قليلة، ومع ذلك أحاول أن أجد عملاً كي أساعد والدي في المصروف”، بحسب قولها.

وتردف: “لم يجد زوجي فرصة عمل مناسبة له في الشمال السوري، فاختار السفر إلى #تركيا عبر طريق التهريب، لعله يجدُ عملاً هناك، ويتمكن من إرسال مصروف شهري لي ولطفلي، لكن الجندرما التركية أطلقت النار عليه خلال عبوره عبر الجدار الفاصل، مما أدى لكسر في ظهره، وربما لن يستطيع المشي على قدميه مجدداً”.
“كنت أعيش مع زوجي حياة طيبة، لم يكن وضعنا المادي جيداً، بقدر ما كنا متفاهمَين، تحملنا معاً قسوة الحصار والقصف والجوع، وكان الأهم بالنسبة لكلينا، أن نبقى معاً، والآن رغم أن الحصار انتهى والقصف توقف، لكنني فقدت سعادتي وراحتي”، بحسب زينة.

لم يقتصر الفراق في الغوطة الشرقية، على الأزواج، فبعض الأمهات فارقن أبناءهنّ بعد تهجيرهم. حيث تصف أم معاذ لموقع الحل، حال أسرتها بعد فقدانها لاثنين من أبنائها الشبان، اللذين رفضا تسوية وضعهما مع النظام: “لم أستطع منعهما عن قرارهما، فتهجيرهما أهون عندي من التحاقهما بالخدمة العسكرية، لكنني أتألم كل صباح عندما أرى غرفتهما فارغة، ومكانهما على مائدة الطعام فارغاً.. ولكن حالي كحال العديد من الأمهات، وهذا ما يصبّرني، فلا نجد في الغوطة عائلة إلا وفارقت أحداً من أفرادها، والأهم ألا يفارقنا الأمل بلقائهم، فلا شيء يدوم”، بحسب أم معاذ.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.