الأهالي عاجزون ويصفونها بـ “البدعة”.. أطفال الحرب لا يعرفون ما تعنيه كلمة “عيدية”!

الأهالي عاجزون ويصفونها بـ “البدعة”.. أطفال الحرب لا يعرفون ما تعنيه كلمة “عيدية”!

فتحي أبو سهيل

لا ينتظر أبناء وسام الثلاثة وهم بأعمار الـ6 – 10 – 12 عاماً، أي عيدية من أقاربهم، فقد خاب ظنهم العيد الماضي كما العام السابق، ولم يتقدم أحد ويمد يده إلى جيبه لتقديم ولو مبلغاً صغيراً لهم، ليكون الاتكال الأول والأخير على والدهم الذي “قد يخذلهم هذا #العيد إن لم يتدخل القدر” كما قال.

لم تبقى العيدية كما كانت في سوريا قبل الحرب، طقساً من طقوس العيد للأطفال، الذين يقومون بزيارة أقاربهم قاصدين مبلغاً صغيراً يكفيهم للعب وشراء ما يشتهون. يقول وسام 40 عاماً، راتبي وراتب زوجتي مجموعهما 120 ألف ليرة، وهو مبلغ غير كافي لشراء مستلزمات العيد والمدارس والمونة، والعيدية تعتبر بهذه الحالة من البدع بالنسبة لي ولغيري، فهناك أولويات للحياة.

كما خذل أقارب وسام أبناءه، سيخذل هو أبناءه وأبناء أقاربه، في حين سيقوم أبو رائد 46 عاماً، بتخفيض العيدية إلى أقصى حد لتصل لـ200 ليرة في اليوم لكل من ابنه وابنته، بما مجموعه 1600 ليرة للاثنين خلال 4 أيام العيد، بينما لن يتخلل هذه الأيام شراء أي #لعبة، فأقل لعبة “تافهة بلاستيكية سعرها 500 ليرة” بحسب أبو رائد.

اندثار التقليد

الكثير من #الأطفال في سوريا اليوم، لا يعرفون معنى كلمة “عيدية”، وهذا بدى واضحاً من سؤالنا لبعضهم عما يتوقعون من قيمة للعيادي هذا العيد التي قد يحصلون عليها، بينما ربطها بعضهم بالجد أو الجدة والأب والأم فقط، غير مدركين لما كانوا قد يجمعون من مال لو حالفهم الحظ وولدوا قبل الحرب.

قبل الحرب، كان المتعارف عليه لقيمة العيدية بـ25 ليرة للطفل الصغير تحت 8 سنوات و50 ليرة للطفل حتى الـ11 عاماً، و75 لما فوق، وكان الطفل يجمع ما بين 200 – 500 ليرة على أقل تقدير في كل عيد ما يساوي حالياً وفقاً للأسعار الرائجة حوالي 2000 – 5000 ليرة.

ذكريات وواقع

يحكي وئام (30 عاماً) وهو أب لطفل واحد، كيف كانت #العيدية تعنيه بصغره، قائلاً إنه يذكر عيدية الـ5 ليرات، وكيف كان أطفال العائلة يجتمعون أول أيام العيد في منزل الجد والجدة، ليقوموا بالتوجه لمنازل الأقارب وجمع النقود ثم التوجه لساحات العيد مرافقين أكبرهم سناً.

كان الركوب بالأرجوحة لا يتعدى الـ5 ليرات، وكذلك (الدويخة والقليبة)، أما اليوم فتصل كلفة الركوب بالأرجوحة إلى 50 ليرة في العشوائيات، و150 ليرة في الأراجيح الكبيرة الكهربائية بساحات العيد.

وتكلفة الركوب بأي لعبة كهربائية كالقطار والدويخة أو القليبة تتراوح بين 150 – 200 ليرة، بينما ترتفع الأجرة في المولات إلى 250 – 350 ليرة، وبالتالي سيحتاج الطفل إلى 1000 ليرة على الأقل يومياً للعب 6 ألعاب من فئة الـ 150 ليرة، كون اللعبة الواحدة لا تستغرق الـ3 دقائق فقط.

ويبلغ سعر أي قطعة بسكويت أو شوكلا 100 ليرة، على الأقل وأقل كيس شيبس بالحجم الصغير 50 ليرة، بينما قد يضطر الأطفال الكبار إلى انفاق أكثر من 200 ليرة يومياً على المواصلات إن أرادوا التوجه لساحات العيد والتنويع فيما بينها.

حلول بديلة

الحلول التي يلجأ إليها باسل وهو أب لطفلين، هي التوجه إلى المراجيح في العشوائيات أو المتناثرة بين الأحياء، فتكلفة الركوب بها لا تتعدى الخمسين ليرة، ويمكن أن يلعب الطفل بها مرة أو مرتين على حد تعبيره، ويقوم أيضاً بأخذ أطفاله إلى الحدائق العامة التي تضم ألعاباً للأطفال مجاناً، بينما راح أبو نزار إلى حل ابتكره سابقاً، وهو “المطمورة”، حيث يشجّع أطفاله على وضع النقود الحديدة فيها طيلة العام وبين العيدين، ويساهم هو وزوجته بما يتيسر في الأيام العادية، ليصل العيد وفي المطمورة ما لا يقل عن 5 آلاف ليرة سورية، وهي كفيلة بسعادة الأطفال ضمن حدود معينة.

ورغم معاناة الأهالي المذكورين برسم ابتسامة على وجه أطفالهم سواء بمنحهم عيدية أو شراء لعبة أو حتى ملابس جديدة في العيد، هناك أطفال لا يعرفون ما هو العيد فعلاً، ولدوا خلال الحرب وافترشوا الحدائق العامة، ولا يوجد من يعيلهم أو يعيل ذويهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.