منار حداد – الحل

يحاول تنظيم “#داعش” إجراء مناورات مالية، بهدف توفير #الأموال وسهولة نقلها، تماشياً مع التقلّبات السياسية والعسكرية، ولا سيما تلك التي لها علاقة بهزائمه الكبيرة، التي أدّت إلى حصاره في بقعة جغرافية صغيرة بين سوريا والعراق.

وتمثّلت هذه المناروات في محاولة التنظيم تحويل الأموال الموجودة لديه سواء بالعملة المحلّية أو الصعبة إلى #الذهب، وهو ما يعتبره مراقبون اقتصاديون أنّه محاولة لتسهيل التعامل مع #الأموال ونقلها واستثمارها، في ظل عدم وضوح كمية الأموال التي لازال التنظيم يمتلكها.

من العملة إلى الذهب

أشارت مصادر متطابقة لـ “الحل” أن تنظيم “داعش” بدأ يطالب أنصاره والمدنيين الذين يعيشون في مناطقه والمؤسسات التابعة له، بضرورة تحويل الأموال والأصول التي يملكونها إلى الذهب.

وجاءت هذه المطالبات عقب الخسائر الكبيرة التي مُني بها التنظيم، وخروج زعيمه البغدادي مطالباً أنصاره بمواصلة القتال وداعياً إلى الاستمرار بما تم البدء به.

وتتزامن هذه المطالبات مع توقّعات من قبل خبراء بأن التنظيم يحاول إيجاد مخرج لأزمته التي يعيشها حالياً، ولا سيما بعد أن فقد المناطق الحدودية والمعابر والطرق الرئيسية والأهم أنّه خسر حقول #النفط التي كانت تدر عليه أموالاً طائلة، حيث يحاول التنظيم إيجاد ثغرة تحاول إنعاشه من جديد.

كم تبلغ ميزانية التنظيم؟

تتضارب آراء الخبراء حول الأموال التي لازال التنظيم يمتلكها اليوم، ولكن الجميع يتّفقون على أنّه فقد جزءاً كبيراً من ميزانيته المالية تزامناً مع خسائره الميدانية على الأرض في #سوريا والعراق، غير أنّه خلال فترة وجوده فيها، استولى على الكثير من الأموال سواء من البنوك أو الموارد الأخرى كالنفط والأتاوات وغيرها، وهو ما يؤكّد أنّ التنظيم لازال يملك الكثير من الأموال.

وكشف تقرير جديد للأمم المتحدة مؤخّراً، أن الاحتياطات المالية لتنظيم “داعش” انخفضت بشكلٍ جدي لكنّها لم تجف، مقدّرةً أمواله حالياً بـ “بضعة ملايين من الدولارات”.

وعلى الرغم من أن خبراء يرون أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، إلّا أن أرقام الأمم المتحدة التي استندت إلى تقرير أعدّه الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش)، قال فيه: “إن تنظيم “داعش” فقد بحلول عام 2018 إمكانية استخراج #المحروقات، لكن انخفاض وتأئر العمليات العسكرية ضد التنظيم سمح له باستئناف دخوله إلى عدد من الحقول النفطية شرق سوريا”.

وقال غوتيريش في تقريره “في نهاية الأمر لا يزال النفط يشكل مصدرا ماليا للتنظيم، وهو يستخدم هناك أساليب بدائية لاستخراج النفط، وذلك لتلبية حاجاته الخاصة ولبيعه في المنطقة”.

وأضاف أن المصادر الأخرى لدخل التنظيم تتمثل في ابتزاز شبكات توزيع المحروقات، وفرض الضرائب على المحلات التجارية في المناطق التي يشرف عليها كليا وجزئيا، واختطاف رجال الأعمال المحليين للحصول على الفدية.

وأشار غوتيريش إلى أن تنظيم “داعش” استثمر مشاريع مختلفة في المنطقة، وعزز مواقعه في بعض المصانع المحلية، وخاصة في شركات البناء والصرف والزراعة وصيد السمك والعقارات، بما فيها الفنادق.

وتابع “توجد هناك مخاوف من أن العاملين الماليين في تنظيم داعش، وبعض أفراد شبكات التنظيم قد ينقلوا نشاطاتهم إلى الدول المجاورة”.

سهولة التهريب

الباحث والخبير في الشأن الاقتصادي (يونس الكريم)، أكّد أن من أبرز مزايا الذهب مقارنة بالدولار أو العملات الأخرى، أنّه “غير قابلا للتحقّق” أي أنّ عملية تهريبه عبر الحدود تكون أمراً أسهل بكثير من تهريب #الدولار، وكذلك الحال بالنسبة لعملية تصريفه.

وقال الكريم لـ “الحل”: “الدولار يمكن كشفه عبر الاستخبارات بسرعة، لأن الدولار له أرقام محدّدة وموسومة، أم الذهب فهو غير موسوم ولا يمكن التحقّق منه أو كشفه أو تعقّبه، كما أن آلية بيعه أسهل بكثير.

وأوضح أنّه بعد عملية التهريب، فإن الذهب قابل لعمليات غسيل الأموال والعمل بعدّة جوانب اقتصادية، بينما بات الدولار صعباً جداً بالنسبة لعملية التصريف لأن معظم الدول باتت تعلم أن هناك حروب في المنطقة وأن الجهات المسلّحة تمتلك أموالاً كثيرة.

كما أن قوانين مكافحة #الإرهاب والجرائم المالية تحدّد مبلغاً محدّداً لكمية الدولارات وفي حال تم تجاوز هذا المبلغ وامتلاك كميات أكبر فإن كشفه يصبح سهلاً، ولكن كشف الذهب ليس سهلاً بسبب إمكانية تصريفه بنواحٍ عدّة.

مرابح على المدى الطويل

من بين مزايا امتلاك الذهب بدلاً من الدولار، هو ضمان حفاظه على سعره مقارنة بالدولار غير المضمون بحسب الباحث يونس الكريم.

وقال في هذا الصدد: “الدولار بطبيعته متذبذب بسعره لكن الذهب سعره ثابت ولا يتذبذب ولا يتأثّر بالتغيّرات الاقتصادية”.

وأضاف،”إذا كنتَ تمتلك ذهباً فإنّه في المدى المتوسّط يحافظ على سعره وفي المدى البعيد يحقّق مرابح، أمّا إذا كنتَ تمتلك دولاراً فإنه لا يمكن تخيّل سعره على المدى البعيد

واعتبر الكريم أنّه في حال صحّت المعلومات عن تحويل ميزانية التنظيم إلى الذهب فإنه يريد نقل نشاطه إلى مكان أبعد من حدود الدول المجاورة، كون عقلية التنظيم تقوم على بناء استراتيجية دولة ومؤسّسات ومن المحتمل أن تسلك سلوك الإخوان المسلمين الذين حصلوا على أموال وأقاموا مؤسسات اجتماعية تعنى بالفئات المتوسطة فما دون، واستثمروا الكثير من الأموال في السودان ومصر والأردن، موضحاً أنّه حتى في الدول التي يكون فيها الأمن قوي، فإذا كان الفقر قوياً أيضاً فإن الفقر يغلب الأمن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.