سوريا: الثروة الحيوانية تعاني من التهريب وعزوف اليد العاملة

سوريا: الثروة الحيوانية تعاني من التهريب وعزوف اليد العاملة

حسام صالح

عند النظر إلى الإحصائيات العالمية التي تشير إلى أن الانتاج #الحيواني يصل إلى نحو 40% من القطاع #الزراعي، وفي سوريا وسطياً يصل إلى نحو 37% في مرحلة ما قبل الحرب، وتراجع لأكثر من 40% بحسب وزارة الزراعة خلال الأعوام السابقة، والسبب هو الحرب الدائرة وانعكاسها على كل مناحي الحياة،  وذكرت منظمة الفاو في أوائل العام 2012 أن الإنتاج الحيواني بسوريا وصل إلى نحو 3.17 مليار دولار.

هذا الانخفاض الكبير، لم ينعكس على تصريحات مسؤولي النظام، الذين بدوا يناقضون أنفسهم، حيث قدمت وزارة الزراعة العام الماضي إحصائية تقول إن “أعداد الأغنام المتبقة هي 13 مليون رأس مقابل 15 مليون في العام 2011 وماقبل، وأرقام متقاربة فيما يتعلق بباقي الثروة الحيوانية، والتي باتت محل شك، خصوصاً مع صعوبة إحصاء الثروة الحيوانية في #سوريا، التي تتصارع فيها العديد من الجهات”.

خسائر بالمليارات

عانى القطاع الزراعي، بشقيه الحيواني والنباتي، من خسائر كبيرة خلال فترة الحرب، إذ قدرت مراكز بحثية إجمالي خسارة القطاع بنحو 399.8 مليار ليرة سورية، وهو ما يعادل 9.8 % من إجمالي الخسارة التراكمية للناتج المحلي الإجمالي، في حين قدر رئيس اتحاد غرف الزراعة بسوريا، (محمد كشتو)، خسائر قطاع الزراعة بنحو 360 مليار ليرة سورية.

هذه الخسائر والتراجع في الثروة الحيوانية، لها أسبابها المباشرة وغير المباشرة، ولعل السبب المباشر كان الحرب التي أثرت على الإنتاج الحيواني، وتمثلت في نقص العلف وصعوبة تنقل القطعان في مناطق الرعي (البادية السورية)، جراء المعارك العسكرية الدائرة، إضافة إلى نقص الأدوية واللقاح، إضافة إلى تعرض المواشي والقطعان للقصف والسرقة.

إضافة إلى ذلك، توقف مربو #المواشي عن متابعة عملهم، بحسب تقرير لمنظمة الأغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة حيث ورد في تقرير لها عام 2016 “اضطر بعض مربي القطعان للتخلي عن جزء من قطعانهم والانتقال إلى الدول المجاورة، بعد أن كانت تصدر الماشية، فانخفضت أعداد الماشية بنسبة 30%، والأغنام والماعز بنسبة 40%، وسجلت أعداد الداوجن انخفاضاً وصلت نسبته لـ60% بعد أن كان مصدر البروتين الاقل سعراً في سوريا”.

وفي حديثنا عن مجمل الخسائر أيضاً، لابد من ذكر خروج أكثر من 73 مركز للأعلاف من الخدمة من أصل 123 مركز، وخروج مراكز تجفيف الذرة الصفراء جميعها عن الخدمة، التي كانت تؤمّن رصيداً من الخلطات العلفية.

تهريب وتصدير

لعل الأسباب غير المباشرة والتي فاقمت من تهديد الثروة الحيوانية في سوريا، تتعلق بالتدابير الحكومية أولاً وعمليات التهريب إلى دول الجوار ثانياً، حيث يؤكد موظف في وزارة الزراعة “فضل عدم ذكر اسمه” أن “عمليات تصدير الثروة الحيوانية لازالت مستمرة في سوريا رغم الحرب، ورغم القرارات التي تصدرها الحكومة بمنع الاستيراد والحفاظ على ماتبقى منها، لكن في الحقيقة النظام يستفيد من عمليات التصدير تلك، بحصوله على القطع الأجنبي”.

وأضاف أن “المواشي وخاصة الأغنام السورية (العواس) هي المفضلة لدى دول الخليج، لذلك يحاول النظام كل فترة فتح باب التصدير، وخصوصاً في مواسم الاعياد الدينية، وفترة الحج، والهدف منها الحصول على القطع الأجنبي، إذ سمح النظام مؤخراً بتصدير 150 ألف رأس من الأغنام إلى دول الخليج وخصوصاً السعودية في فترة عيد الأضحى، حيث يحصل النظام على مبلغ بين 300 إلى 500 دولار للرأس الواحد”.

في مقابل ذلك، وكنتيجة طبيعية لغلاء الأعلاف وارتفاع تكاليف تربية المواشي والطيور بكافة أشكالها، يلجأ المربين لتهريب مالديهم، سواء كانت أغنام أم ماعز أو حتى دجاج إلى دول الجوار”.

وكان موقع الحل قد سلط الضوء على هذه الظاهرة، في تقرير سابق، حيث تحدث مع أحد مربي المواشي في مدينة البوكمال ويدعى “أبو كاظم” والذي قال “نلجأ إلى إرسال المواشي إلى العراق لعدة أسباب، التكلفة المرتفعة التي نتحملها في عملية التربية، وصعوبة الحصول على الأدوية اللازمة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف ونقصها لدينا، حيث يحتاج الخروف الواحد علف بقيمة تتراوح بين 200 و 350 ليرة سورية يومياً، بالنهاية عندما نريد بيع الخروف في داخل سوريا، فإنها ستكون بأسعار قليلة، على الرغم أنها تباع في العاصمة دمشق بأسعار مرتفعة، إلا أن أجور النقل وحواجز النظام المنتشرة على الطرقات تجعل تكلفتها أعلى، وبالتالي تعرضنا للخسارة”.

تراجع اليد العاملة

تمثل الثروة الحيوانية الجانب الأسرع نمواً في القطاع الحيواني، وتعد جزءاً من شبكة الأمان الغذائي والاقتصادي للفلاحين ومربي المواشي في سوريا، وتمثل فرصة عمل للكثير من سكان الأرياف، فهي تمدّ المجتمع باللحوم ومنتجات الحليب والبيض، والجلود والأسمدة الطبيعية.

وكما ذكرنا سابقاً فإن الحرب، قد أخلّت بهذه المعادلة، ولجأ العاملون في هذا المجال إلى بيع قطعانهم، ومداجنهم، والهروب إلى المدن، نتيجة صعوبات العمل التي يواجهونها، وارتفاع تكاليف التربية، وعدم الامان والاستقرار، فكيف لمربي ماشية أن يستطيع الاستمرار في عمله، ومؤسسة الأعلاف التابعة للنظام تعطي كل رأس ماشية لدى المربي 16 كيلو من العلف كل شهرين، وأقل احتياج للرأس هو 30 كيلو خلال هذه المدة.

وبحسب تقرير موسع لمركز حرمون للدراسات حمل اسم “الزراعة: سلة الغذاء السورية من التراجع إلى الكارثة” فإنه “يجب تشجيع العمل الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ومساعدة الفئات المستهدفة، الفلاحين أصحاب الملكيات الصغيرة والمتوسطة، والشباب العاطلين عن العمل في الريف، والأسر الفقيرة والأسر التي فقدت معيلها، في الوصول إلى مصادر التمويل الممكنة في كل منطقة، للعودة إلى العمل الزراعي أو المشروعات المرتبطة به”، لكن كل هذه الأمور لايمكن تحقيقها إلا بانتهاء العمليات العسكرية أولاً، وتوفير أدوات الإنتاج الحيواني ثانياً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.