بالأرقام.. هل يستطيع النظام رفع قيمة العملة السورية لتصبح 200 ليرة أمام الدولار الواحد؟

بالأرقام.. هل يستطيع النظام رفع قيمة العملة السورية لتصبح 200 ليرة أمام الدولار الواحد؟

منار حداد

من دون أي سابق إنذار، خرج حاكم مصرف سوريا المركزي التابع للنظام (دريد درغام) بتصريحٍ مثيرٍ للجدل، أثار غضب المؤيّدين والمعارضين معًا.

وقال درغام خلال اجتماع مع أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة حلب، “إن المركزي قادر على خفض سعر صرف دولار في الأسواق من 450 ليرة  إلى 200 ليرة”.

مضيفاً أن “هناك تجار حرب اغتنوا والعملة السورية أصبحت لديهم تلالاً، لذلك أقول لا يجوز لي وأنا قادر على خفض قيمة #الدولار إلى 200 ليرة أن أسمح لهؤلاء بمضاعفة القوة #المالية الضاربة لديهم مرتين ومهما كان عددهم كبر أم صغر، ولا يجوز لأغنياء الحرب الذين بات يملك أحدهم 100 مليون ليرة أن أمنحه هدية 100 مليون ليرة أخرى بقرار منّا”، معتبراً أنه “لا يجوز عمل أي تخفيض رأفة بالمواطنين والعمال والموظفين”، بحسب ما نقلت صحيفة تشرين التابعة للنظام.

وجاء كلام درغام في وقتٍ يصل فيه سعر الدولار الواحد إلى ما يقارب ٤٥٠ #ليرة سورية، بعد أن كان بحدود ٥٠ ليرة فقط قبل عام 2011، حيث أثار التصريح استياء الجميع، فالسوريين المعارضين اعتبروا أن هذا التصريح يمثل محاولة بتسويق النظام بأنه انتصر في الحرب، بينما غضب موالون، لأنه يعبر عن قدرة المركزي على تحسين حياتهم وتأمين حياة كريمة لهم ولكنه لم يفعل ذلك.

في هذا التقرير يحاول موقع “الحل” معرفة “هل فعلاً يستطيع المركزي تحسين الليرة السورية لتصبح قيمتها ٢٠٠ ليرة لكل ١ دولار؟”.

ميزانية عاجزة

يجيب الباحث والخبير الاقتصادي (يونس الكريم) على تساؤلات “الحل” قائلاً، “من المستحيل أن يتمكّن  المركزي من رفع قيمة الليرة السورية لتصبح ٢٠٠ ليرة للدولار الواحد”.

وشرح الكريم أن ميزانية النظام عاجزة عن ذلك قائلاً، “إن حجم النقد في سوريا كان يبلغ ٦٦٤ مليار ليرة حسب إحصائيات البنك المركزي لعام ٢٠١١، ووفقاً لآخر إحصائيات للبنك الدولي عام ٢٠١٦، فإن حجم القطع الأجنبي يبلغ ٧٠٠ مليون دولار، وبالتالي فإن القطع الأجنبي يعادل ٢٧.٦٪  من قيمة العملة.

وأوضح أنّه إذا كان هدف المصرف المركزي هو إعادة السوق إلى وضع عام ٢٠١١، فإنّه على المواطنين أن يقنّنوا ٢٧.٦٪ من مدّخراتهم ويقوموا بتحويلها للدولار الأمريكي وفقاً لمعايير الادخار الوسطية، وبالمقابل فإن لدى المركزي ٧٠٠ مليون دولار لتغطية الدورة النقدية للبنك المركزي لعمليات الاستيراد، وبالتالي فإنه حتّى لو تم الركون إلى هذه القاعدة فإن ذلك لن يؤدّي إلى تحسين قيمة العملة.

لا تصدير ولا معابر

بالمقابل، لا يوجد أي طرق أو موارد أخرى تمكّن النظام من توفير قطع أجنبي يمكّنه من تحسين قيمة العملة السورية، وفي هذا السياق يرى الكريم، أن #النظام لا يملك أي أدوات حالياً تمكّنه من تحسين سعر صرف الليرة السورية قائلاً: “من جهةٍ أولى فإن المعابر التي سلّمتها المعارضة جنوب سوريا لم يحصل النظام عليها بل سيطرت عليها روسيا بدليل أنّها لا تعمل حتّى الآن رغم حاجة النظام إليها، ولا سيما معبر نصيب الحدودي”.

وأضاف أن المساعدات التي كانت تصل للمناطق المحاصرة بالدولار الأمريكي كالغوطة الشرقية، والتي كان ينتهي مصيرها عند النظام لم تعد متوفّرة بعد سيطرته على المنطقة، كما أن روسيا لم تعد تستورد الحمضيات السورية بعد أن عادت العلاقات القوية بين روسيا وتركيا، فضلاً إلى أن الإيرانيين لا يقدّمون مساعدات مالية مباشرة للنظام.

وأوضح الخبير الاقتصادي أنّه على الرغم من أن (بشار الأسد) يسوّق اليوم فكرة أنّه سيطر على سوريا ويُجري لقاءات دبلوماسية، إلّا أن هذه اللقاءات هي إخلال للمستوى الدبلوماسي حيث يقوم رئيس دولة باستقبال محافظين عند الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)، من أجل تسويق نفسه بأنّه يسيطر على الوضع في سوريا، لافتاً إلى أن النظام حتّى الآن لا يملك أي علاقات دبلوماسية تساعده على كسر العزلة الدولية سياسياً أو اقتصادياَ، مشيراً إلى أن الولايات المتّحدة الأمريكية تتمسّك بقوّة بحقول #النفط والغاز في دير الزور وتمنع أي جهة أخرى من الاقتراب منها أياً كانت، وبالتالي لازال النظام خاسراً للنفط.

تخلّي الأسد وحاشيته عن الأموال الشخصية

ويوضّح الكريم أنّ الليرة من الممكن أن تتحسّن لتكون قيمتها أقل من ٥٠٠ ليرة مقابل الدولار الواحد، ولكن من المستحيل أن تصل إلى ٢٠٠ ليرة، لأنّ سيطرة النظام العسكرية تترافق مع زيادة الخناق #الاقتصادي عليه وعلى حلفائه ولا سيما روسيا وإيران، وهذا الحصار سيؤدّي إلى استجلاب السلع المهمة لسوريا بطرق غير مشروعة بالدولار وبالتالي زيادة سعرها.

وبالمقابل فإن كل الموارد السورية التي تولّد العملة الأجنبية تم تدميرها خلال المعارك، موضحاً أن الطريقة الوحيدة حالياً لإجراء تحسين نوعي على قيمة الليرة السورية هو أن يتخلّى (بشار الأسد) وحاشيته عن أموالهم الخاصة في سبيل تحسين العملة السورية وهو أمر مستبعد.

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.