التنقيب عن الآثار في دير الزور.. حفر عشوائي وتجارة معلنة

التنقيب عن الآثار في دير الزور.. حفر عشوائي وتجارة معلنة

حمزة فراتي – ديرالزور

لاتزال المواقع الأثرية في محافظة #ديرالزور شرق البلاد، عرضة لعمليات نهب وسرقة وتنقيب عشوائي من قبل تجار وسماسرة تابعين للنظام وبعض المليشيات الموالية له، بعد أن تمكنوا من السيطرة على معظم المحافظة في أواخر 2017، الامر أدى لتضررها بشكل مضاعف إلى جانب الضرر الذي لحق بها سابقاً، جراء القصف المدفعي والجوي الذي طالها من قبل الأخير، سواء في مرحلة سيطرة الفصائل العسكرية المعارضة على المنطقة أو المرحلة التي تلتها وعُدت الأصعب وهي سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) الذي أكمل مسيرة التخريب بتدميره لمعظم تلك المواقع.

يقول سلطان العيسى (من ريف ديرالزور الشرقي) لموقع الحل، إن “بعض الفصائل الإيرانية المساندة للنظام والمسيطرة على مدينة #البوكمال ومعظم القرى المحيطة بها، تقوم بالتنقيب العشوائي في جميع المواقع الأثرية المتواجدة بها، وتتركز بصورة رئيسية في منطقة السيال (#مملكة_ماري)، و#الصالحية (#دورا_أوروبوس) غرب المدينة، إضافة لعمليات تنقيب أخرى تتم بواسطة آليات كبيرة في قلعة الرحبة غرب مدينة #الميادين، ومنطقة ترقا في مدينة #العشارة”.

لافتاً إلى “قيام عناصر من الدفاع الوطني برفقة بعض السماسرة و”ضعفاء النفوس” في مدينة ديرالزور، بعمليات تنقيب عشوائي أيضاً ، في كل من السوق المقبي ومحيط الجامع العمري، على الرغم من الدمار الكبير الذي لحق بهما جراء استهدافهما مرات عدة من قبل طيران النظام الحربي وحليفه الروسي في مرحلة الحرب التي شهدتها المدينة مسبقاً”.

الحفر العشوائي

يتابع العيسى، أن “عناصر المليشيات السابقة، يستخدمون الأليات الثقيلة المختصة بالتدشيم والتجهيز للمعارك، في عمليات التنقيب والبحث عن القطع الأثرية، وهذا ما يحدث في محيط قلعه الرحبة، وهي المنطقة التي تحظى مكتشفاتها بأسعار خاصة من قبل تجار الأثار في المحافظة ما يدفع أولئك للتركيز عليها في الحفر واستخدام جميع الوسائل مهما كانت مؤذية”.

ي.س (أحد سماسرة الأثار سابقاً رفض الكشف عن اسمه) تحدث لموقع الحل، عن تضرر الآثار من الحفر العشوائي، موضحاً أن جميع القطع التي يعثر عليها في محافظة دير الزور تباع خارج البلاد للتجار الأجانب الذين يشتكون من أن بين الآثار التي يشترونها قطعا متضررة بسبب الحفر بأدوات غير مناسبة للتنقيب، مضيفا “أن سوق مدينة البوكمال ممتلىء الآن بالقطع الأثرية التي تسبب الحفر العشوائي بفقدانها لمعالمها وقيمتها، كما يؤكد حقيقة تورط ضباط كبار في المنطقة بعملية الإتجار بالآثار ومنهم، دعاس دعاس رئيس فرع أمن الدولة في المحافظة وقائد مليشيا الدفاع الوطني المدعو فراس العراقية”.

وذكر العيسى، “ازادياد عمليات التنقيب في #تل_السن (يبعد 10 كم جنوب شرق مدينة ديرالزور، بالقرب من قريتي مراط ومظلوم) خلال الفترة الأخيرة من قبل بعض الأشخاص التابعين بشكل مباشر لضباط وقادات مجموعات موالية للنظام، حيث تم حفر أكثر من 250 حفرة في المكان إضافة لخندق عميق ضمن منطقة المدافن البيزنطية الواقعة إلى شمال سور التل ، ما أدّى إلى كشف العديد من المدافن وسرقة محتواها، بالإضافة إلى تحوّل مساحات من الموقع إلى مكب للنفايات والبقايا الناتجة عن هدم المنازل” مشيراً إلى أن “الجزأ الجنوبي للتل استخدم سابقاً، كسوق لبيع النفط أثناء تواجد تنظيم #داعش في المنطقة”.

ويأخذ الموقع شكل شبه مستطيل وتبلغ مساحته 25 هكتاراً ويتألف من قسمين: الأكرُبول ويتوضع في الجزء المرتفع، ومنطقة منخفضة، يحيط به سور من الشرق والغرب والجنوب في حين شكل المجرى القديم لنهر الفرات حماية طبيعية للجهة الشمالية من الموقع ويوجد خارج الأسوار مدافن بيزنطية واسلامية تتمركز في الجهة الشمالية والشمالية الشرقية وتمتد على مساحة كبيرة جداً، وفق العيسى.

حلبية وزلبية:

تعدت عمليات التنقيب تل السن لتصل أيضاً إلى موقع حلبية وزلبية ( شمال غربي مدينة ديرالزور على بعد 58 كم في أراضي قرية#التبني شرق طريق دير الزو- #حلب على شاطئ الفرات وشرق شمال #تدمرعلى بعد 165 كم) ، والذي يشهد أعمال تنقيب من بعض الأشخاص في المنطقة والتي تربطهم صلات قرابة بقادةا مجموعات موالية للنظام بحسب عبدالرحمن العدنان (من سكان قرية التبني) حيث يقوم هؤلاء بأعمال تنقيب عشوائية و بالجملة باستخدام آليات ثقيلة وتحديداً في منطقة المدافن البرجية، وفي الجهة الشرقية، والى جانب البازليك (الكنيسة) في منتصف الموقع، مشيراً إلى الضرر الكبير الذي لحق بالأسوار ما يجعلها مهددة بالانهيار نتيجة لذلك، إضافة لسرقة ما تبقى من بوابات الأبراج.

ويعتبر الموقع من أهم المعالم الآثرية في المحافظة، وهو “عبارة عن مدينتين توأمين يفصل نهر الفرات بينهما بالقرب من مدينة ديرالزور بمساحة 30 هكتار تقريباً، تعتبر حلبية حصناً عسكرياً هاماً بسبب موقعها على مرتفع بارز ينخفض بالتدريج باتجاه زلبية، ويحوي أسواراً دفاعية هائلة متوجة بقلعة محصنة في أعلى التل أيام #زنوبيا ملكة تدمر، وأعيد تحصينها على يد الرومان حوالي 273 م، يحتوي الموقع على عدة كنائس، مجمع حمامات عامة، شارعان متقاطعان وكل هذه الأبنية تعود للقرن السادس الميلادي في فترة الحكم البيزنطي حيث أعيد تحصين المدينة مرة أخرى في تلك الفترة أيضاً، بالإضافة لأهمية الموقع عسكرياً فهو يتمتع بموقع تجاري مميز”.

وفي ظل ما تعيشه المنطقة من فوضى وانتشار للسلاح وغياب قوى أمنية ذات قدرة على الردع، فإنه لا يلوح في الأفق أي حل قريب لفوضى التنقيب عن الآثار وخاصة من يقوم بذلك هيا القوى المسيطرة على المنطقة المتواجدة بها والمتمثلة بقوات النظام والقوات الرديفة له، والتي لم تقم بأي خطوة أو مشروع يقوم على حمايتها وترميم المتضرر منها، ما يشير إلى جدّية المخاوف من انحسار المواقع الأثرية بشكل كامل إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه، يختتم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.