نشرت صحيفة لا كروا الفرنسية تقريراً عن #الطائفة_الدرزية وما آل إليه حالها اليوم. فهي تتوزع اليوم بين #إسرائيل و #لبنان و #سوريا، حيث كانت مؤخراً هدفاً لهجومٍ عنيف نفذه تنظيم داعش بالرغم من أن هذه الطائفة تنحدر من الإسلام.
وفيما يتعلق بمصدر اسم الدروز, يبين التقرير أن هذه الطائفة تنحدر من الدين الإسلامي وعلى وجه الخصوص من الشيعة الإسماعيلية، حيث تتبع هذه الأخيرة الإمام علي وزوجته فاطمة بنت النبي محمد ونسلهما المباشر “الأئمة السبعة” أو المرشدين. وقد انشقت الطائفة الدرزية عن الإسماعيلية في بداية القرن الحادي عشر حينما كان الإسماعيليون في السلطة في مصر من خلال السلالة الفاطمية.

فعندما أعلن الخليفة الفاطمي الحاكم (996 – 1021) نفسه “تجسيداً إلهياً”، وكانت فضيحة في العالم الإسلامي، اعترف به الداعية محمد الدرزي مع بعض التابعين له. ووفقاً للعديد من الباحثين, فإن هذا الشخص، وهو من مواطني أوزباكستان الحالية، وقد استحضر إلى المعتقد الوليد تأثيراتٍ المانوية والمازيدية وكذلك مؤثرات مسيحية وحتى بوذية. وبعد موت الخليفة الحاكم، اضطر محمد الدرزي إلى اللجوء إلى سوريا متبوعاً بمريديه. وهذا الرجل هو من أطلق على طائفته اسم الّدروز، بما في ذلك جبل الّدروز، وهو جبل صخري يقع في جنوب سوريا. لكن الدّروز أنفسهم يشككون في هذا الاسم فهم يعتبرون بأن أول مرشد لهم كان حمزة وهو شيعي إسماعيلي من بلاد فارس وكان مقرّباً من الخليفة الحاكم. حيث ينسب إليه الدروز أحد أهم مؤلفاته وهو كتاب “شهادات وألغاز الوحدة”.

ويبين التقرير بأن المعتقد الرئيسي للدروز هو وحدانية الله ولذلك يطلق عليهم اسم الموحدون. فالدرزية تعتبر نفسها آخر الديانات المكتشفة وأن الدروز هم المستودع الوحيد للتوحيد الحقيقي. وخلال السنوات الأولى من استيطان الدروز لمناطق في سوريا ولبنان، بدأ المبشّرون الدروز بالتبشير بدينهم. لكن التبشير توقف فجأة تحت حكم بهاء الدين الخليفة الرابع لحمزة، وبات اعتناق هذا الدين ممنوعاً. وحتى تاريخ اليوم لا يمكن لأحد أن يصبح درزياً إن لم يولد من أبٍ وأمٍ درزيين.

هذا وقد انقسم الباحثون حول إذا ما زال من الممكن ربط الدروز بالإسلام. ففي الواقع، تختلف ممارساتهم بشكلٍ ملحوظ عن ممارسات السنّة والشيعة. فهم يضيفون إليها إرث مفاهيم علم أصول الكون والفلسفة الأفلاطونية المحدّثة والفلسفة الأرسطية. وبحسب المؤرّخ التركي الكبير روبيرت مانتران، فإن الّدروز يرفضون أركان الإسلام الخمسة والتي استبدلها حمزة بالوصايا السبعة ومن بينها المساعدة والحماية المتبادلة بين المؤمنين ونبذ كل الأديان الأخرى والاعتراف بوحدانية مولانا “الحاكم”.

وحول السرية التي تحيط بالطائفة الدرزية، يبين التقرير كيف أن المحيط الديني للدروز لا يزال غير معروف بشكل كامل. وبالنسبة لأولئك الذين يدافعون عن انتماء الّدرزية للإسلام، فإنهم يفسرون سرّيتهم وتفككهم الجغرافي وانسحابهم من المجتمع بعداء غالبية المسلمين لاسيما السنة للدروز. وكما هو الحال بالنسبة للعلويين في سوريا، فمن المعروف أن الدروز يستخدمون الممارسة الشيعية المعروفة بالتقية. وهي ممارسة تسمح لهم بتطبيق مظاهر الإسلام الخارجية لحماية أنفسهم مع الحفاظ على إيمانهم الداخلي. وقد تصل بهم إلى حد الظهور كمسلمين حقيقيين والتأكيد على ممارسة شعائر الإسلام. ومن هنا تأتي صعوبة تحديد موقع الطائفة الدرزية في المشهد الديني, بحسب التقرير. وبالنسبة للآخرين فإن الديانة الدرزية تجعل من الدروز ملتحمين ومنغلقين على أنفسهم وملتفين حول كتب محددة وعقيدة محددة، وذلك لضمان سرّية مذهبهم، وذلك بحسب إيزابيل ريفول المختصّة بالطائفة الدرزية في لبنان.

وفي خطوة لحماية إضافية ضدّ التدخل الخارجي، يتم تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقلاء وجاهلين. وفقط العقلاء، المولودون من العوائل الأولى المطّلعة، هم من يملكون المبادرة حيث يكون لهم الحق بالوصول إلى النصوص المقدّسة ومعظمها من الرسائل المكتوبة بخط اليد والتي تفسر القرآن بالطريقة الباطنية. وهي ما تبادله المبشرون في زمن الوعظ وتم تجميعه في كتاب واحد اسمه “كتاب العقلاء”. وليس هناك مؤسسات تعليمية بهذا الشأن، وفق إيزابيل ريفول.

ويكشف التقرير أن تقديرات عدد الدروز قد تصل إلى مليون نسمة، وربما أكثر من خلال عدد المغتربين الذين هاجروا إلى القارة الأمريكية وأستراليا خلال القرن التاسع عشر. ولا شك بأن صعوبة إحصاء عدد الّدروز في العالم تأتي من انقسامهم الجغرافي. ويرتبط الّدروز ببعضهم بروابط أسرية وثيقة وتضامن لا مثيل له، لكن الطائفة مبعثرة بين سوريا ولبنان وإسرائيل وبشكلٍ أقل في الأراضي الفلسطينية. وباستثناء سهل الغوطة بالقرب من دمشق، فإن الدروز يستوطنون الجبال والأماكن المؤدية إلى العزلة بهدف الدفاع عن الطائفة. ويتقاسم غالباً الّدروز أراضيهم مع أقليات دينية أخرى كالمسيحية المارونية في لبنان واللاتين والأرثوذكس اليونانيين في سوريا.

وبعد اندلاع الثورة السورية، تم اتهام الطائفة الدرزية من قبل الثوار بالنأي بنفسها عن الصراع وعدم مشاركتها باالثورة. وفي نهاية حزيران من العام الجاري تعرّض الدروز لهجومٍ مباغت من جهاديي تنظيم #داعش الذين هاجموا القرى الدرزية في الجنوب السوري. حيث قتل 250 شخصاً أغلبهم من المدنيين بينما تم اختطاف عشرات النساء ومصيرهن مجهول حتى اليوم.

وعلى الجانب الآخر من الحدود، تلقى الدروز صفعةً أخرى بعد أن تبنّى الكنيست الإسرائيلي قانوناً ذا قيمة دستورية يعتبر إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي. وبذلك فإنهم سيفقدون كل المزايا التي منحتهم إياها دولة إسرائيل منذ عام 1948, ليجد الدروز أنفسهم وحيدين بعد أن تخلّت عنهم الدولة التي زعمت حمايتهم من العرب الآخرين وغيرهم من المسلمين. وهو درسٌ صعب للتأمل من قبل الأقليات الأخرى في الشرق الأوسط, بحسب المؤرخ جان بيير فيليو.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة