حسام صالح

لم يكن تصريح رئيس اللجنة الفرعية في “مجلس الداما الروسي” على التحاق مجموعة من الأطفال السوريين بالمدارس العسكرية الروسية مع بداية العام الدراسي الروسي حينما قال إن: “إعداد ضباط عسكريين على درجة عالية من الاحتراف من قبل روسيا، هو استثمار كبير في مستقبل سوريا”، لمجرد التعليق على حدث عابر، وإنما للتأسيس لمرحلة جديدة من “الوصاية” على سوريا، لتنفي بذلك كل تصريحات مسؤوليها بنية الانسحاب من سوريا حينما تنتهي الحرب.
الخطوة الروسية أتت بناء على اتفاق مع حكومة النظام يسمح للأطفال السورييين الالتحاق بالمدارس العسكرية الروسية بعد إجادتهم اللغة الروسية مجاناً، حيث تصل أعمار الطلاب من 10 إلى 15 عاماً، وسيخضعون لنفس التدريب في المدارس العسكرية الروسية، ليصبحوا “نخبة” بالجيش السوري فيما بعد.

تنافس إيراني روسي على الأطفال!

على غرار مافعلته إيران في سوريا وافتتاحها المدارس الدينية، في كل من دمشق ودير الزور، واستقبالها مئات الأطفال لإجراء دورات تدريبية لهم على حمل السلاح والقتال، وإعادة زجهم في جبهات القتال السورية، إضافة إلى توطين العائلات وشراء العقارات بجانب المراقد لتكون نواة التوسع، تمشي روسيا على نفس الخطى، فتستقطب الأطفال السورييين للدراسة في مدارسها العسكرية، مايشير إلى عمق المشروع الروسي الذي ربما سيستمر لأجيال.

في هذا السياق، يشير الكاتب في صحيفة “الشرق الأوسط” حنا صالح إلى أنه “من فيلق الطلاب في موسكو إلى الفيلق الخامس اقتحام، ذهبت روسيا بعيداً في البناء على تأهيل حالة سورية تؤمن الغطاء لوجود روسي مديد، قالت الاتفاقات السورية الروسية التي تناولت قاعدة (حميميم) إنه مستمر لـ49 سنة قابلة للتجديد، ومعه باتت قاعدة (حميميم) الجوية البرية وقبلها قاعدة (طرطوس) البحرية، أراضي سورية خاضعة للقانون الروسي، ويتضح أن كل الخطوات الروسية تصب في خدمة هذا الهدف”.

ولايقتصر التنافس على الجانب العكسري، فتشير المناهج السورية إلى أن “روسيا لن تذهب إلى أي مكان بعد الحرب، وإنما وجدت لتبقى في سوريا”، وفقاً للتقرير الصادر عن (معهد متابعة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي)، بعد تحليله المناهج الدراسية السورية منذ عام 1988 حتى الآن.
التقرير لفت إلى أن المناهج السورية ذكرت إيران كمنافس إقليمي، وعلاقات الصداقة، وهو مايشير إلى أن التحالف السوري الإيراني ليس كالتحالف الروسي السوري، الذي تجذر تقافياً وعسكرياً وتعليمياً.
تجنيد الأطفال السوريين من قبل الروس ليست بالحديثة، حيث انتشرت في بداية العام الحالي صوراً تظهر أطفالاً سوريين يرتدون بذات عسكرية ويضعون عليها العلم الروسي إلى جانب علم قوات النظام، ويظهر في الصور أيضاً أحد العسكريين الروس، حيث تبين فيما بعد أن الصور ملتقطة في محافظة دير الزور، والبادية السورية التي يتواجد فيها المرتزقة الروس، وثبت وجودهم بعد الغارة الأمريكية عليهم ومقتل العشرات منهم.

تجربة أثبتت نجاحها

منذ إقرار مسار استانة ووضع مناطق خفض التصعيد، بات الروس هم اللاعب الأساسي على الساحة السورية، وحاولوا قلب المعادلة لصالحهم وتحييد الإيرانيين بشكل أو بآخر، على اعتبار أن الروس أقل دموية من المليشيات الطائفية التي ترسلها إيران للقتال في سوريا، فاستفادت موسكو من عدة نقاط أولها وجود آلاف من الضباط في جيش النظام ممن تخرجوا من المدارس العسكرية الروسية، أو قاموا بعمل دورات هناك قبيل اندلاع الثورة.
مصادر من قلب “الفيلق الخامس” المشكل حديثاً أكدت لموقع الحل أن “هناك حالة احتقان من قبل ضباط النظام الذين يدينون بالولاء إلى روسيا لجهة إيران والحرس الثوري الإيراني، تجلت برفضهم العديد من الأوامر، وأن روسيا أكثر سخاءً وأماناً، فهي ضامن مايسمى بـ”المصالحات”، وما حدث في المنطقة الجنوبية خير دليل على تحييد المليشيات الإيرانية عن هذه المنطقة، مقابل إطلاق يد روسيا بشكل كامل”.

قانونياً

وفقاً لصحيفة “ديلي ميل “البريطانية أطلقت روسيا برنامجا عسكريا جديدا يخص الأطفال، يضم 42 ألف طفل ويدعى جيش “يون آرميا”، يتم فيها تدريب الأطفال على حمل السلاح، وهو برنامج قديم يعود للعام 1944، حيث تم تأسيس المدرسة العسكرية “سوفوروف”، وهي فكرة تحاكي الجيش الأنكشاري في الدولة العثمانية، وإسبرطة اليونانية، حيث يتم أخذ الأطفال من أسرهم بعمر مبكر ويتم تربيتهم في معسكرات خاصة.
لكن الشق القانوني في هذا النوع من المعسكرات والمدارس، محظور وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن “سن الـ18 هو الحد القانوني الأدنى للعمر بالنسبة للتجنيد ولاستخدام الأطفال في الأعمال الحربية”
وتشجع اليونيسف أيضاً الإطار القانوني والعرفي الذي بحظر تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل القوات المسلحة والجماعات المسلحة، خاصة من خلال التصديق على وتنفيذ البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وتعهدات باريس لحماية الأطفال من التجنيد أو الاستخدام غير القانوني من قبل القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة.

وللتأكيد على عدم قانونية الخطوة الروسية أصدرت “هيئة القانونيين السوريين” مذكرة تخص انتهاكات روسيا لحقوق الطفل وإلحاق الأطفال السوريين بمؤسساتها العسكرية”، مؤكدة على أن “روسيا تحاول إعداد وتجنيد الأطفال السورييين فكرياً وجسدياً لخدمة ترسيخ السيطرة الروسية على سوريا، وهي خطوة تعارض كل النصوص القانونية التي تجرم تجنيد الأطفال بالمؤسسات العسكرية والنزاعات المسلحة”.
تجدر الإشار إلى أن الاتفاق على التعليم العسكري بين روسيا وسوريا سيكون ساريًا لمدة 7سنوات، على أن يتم تمديده تلقائيًا لنفس المدة،ما لم يقرر أحد الطرفين الانسحاب منه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.