كوابيس وذعر وتبول لا إرادي: اضطرابات نفسية لأطفال من الغوطة.. الذاكرة مليئة بالأشباح

كوابيس وذعر وتبول لا إرادي: اضطرابات نفسية لأطفال من الغوطة.. الذاكرة مليئة بالأشباح

ورد مارديني – موقع الحل

يعاني العديد من أطفال #الغوطة_الشرقية من اضطرابات ومشاكل نفسية، تؤثر على حياتهم، فمنهم من بقي في الغوطة بعد سيطرة النظام عليها، ومنهم من تهجّر قسرياً مع أهله إلى الشمال السوري، ومنهم من سافر إلى تركيا.

كوابيس مخيفة رافقت الطفل أحمد (7 أعوام)، بعد بقائه مع عائلته في الغوطة، وتقول والدته بهذا الصدد، لموقع الحل، إن “طفلي أحمد كبر في جو مليء بالقصف، كان أشده في الحملة العسكرية الأخيرة على الغوطة، خاصة عندما تعرض الملجأ الذي كان يؤوينا لقصف بالنابالم الحارق، بدأ كل مافي الملجأ يحترق أمامنا، ونجونا يومها بأعجوبة، وإلى اليوم يستيقظ طفلي من نومه ويصرخ متفوهاً بكلمات تدل على خوفه الشديد، مثل (أطفئوا النار، أو أخرجوني من هنا، أو …إلخ)”. مشيرة إلى أنه “لاينام لوحده أبداً، ولا يسمح لي بإطفاء ضوء الغرفة نهائياً، فهو يكره الظلام بشدة، خاصة بعد أن عشنا حوالي الشهرين في الملاجئ، لم نرى فيهما ضوء الشمس نهائياً”، حسب قولها.

من جهتها أوضحت أم سمير، لموقع الحل، وهي مهجرة من الغوطة، ومقيمة مع عائلتها في مخيم بريف حلب الشمالي، أن المخيم “فيه مئات الأطفال الذين يعانون مشاكل نفسية، فبعضهم يعاني من مشاكل في النطق، أو تبول لا إرادي، أو فقدان جزئي لذاكرتهم، وذلك كله نتيجة الضغط الذي عانوه، وكان أكبر من عمرهم، فظهر على شكل أمراض نفسية تؤثر عليهم، وعلى طفولتهم”، حسب قولها.

فوبيا من الجبال، والنزهات الليلية، أصابت الطفل خالد (ثلاثة أعوام) بعد وصوله إلى تركيا مع عائلته منذ ثلاثة شهور، ويقول والده لموقع الحل إن “سبع ساعات قضيناها ليلاً ونحن نتسلق الجبال والوديان، بين الصخور، والنباتات الشوكية، والقريص، على الحدود السورية التركية، وأصبح طفلي يخشى الخروج من المنزل، خوفاً من المرتفعات الموجودة بكثرة في اسطنبول، والتي تذكره برحلتنا الشاقة”. مشيراً إلى أن النزهات الليلية باتت تخيفه أيضاً، فكلما خرجنا ليلاً يقول: “أمانة لا تاخدني عالجبل”، حسب تعبيره.

ويضيف الوالد: “نعمل جاهدين أنا وزوجتي لننسيه ما عاناه في الغوطة من قصف وحصار، لكن ذاكرة الطفل تخزّن أكثر من ذاكرتنا، لقد فاجأنا عندما سجلناه في روضة للأطفال، فسأل المدير: “إنتو عندكم قصف بالمدرسة؟”. متابعاً: “لقد صُدمنا بسؤاله، فعلى الرغم من المدة التي قضاها دون قصف، إلا أن هاجس الخوف ما زال موجوداً لديه، ونأمل أن تتحسن نفسيته في الروضة، بعد اندماجه مع أطفال جدد”، حسب قوله.

ويصنف الأخصائي النفسي غياث علي من الغوطة الشرقية تلك الأعراض النفسية التي تؤثر على الأطفال، ويقول لموقع الحل، إن “الآثار السلبية للحرب على الأطفال بشكل عام، تنقسم إلى نوعين، آنية وبعيدة المدى فالظروف الصعبة وقسوة الحياة، تؤدي آنياً إلى اختلال في السلوك، واضطرابات في النوم، وتلعثم في الكلام، وفقدان الثقة بالنفس، وقد تتسبب في إصابة الأطفال بالتبول اللاإرادي، وعلى المدى البعيد هناك مشكلات ما بعد الصدمة، منها قلق مزمن وأرق، وأحيانا نوبات من البكاء مع استرجاع الذكريات السيئة، وتأخذ الندوب النفسية التي تصيب الأطفال الذين عاشوا الحروب، أشكالا متعددة ودرجات مختلفة من الشدة، ترتبط بعمر الطفل ودرجة إدراكه”، حسب قوله.

ولفت إلى أن “الصدمة النفسية لدى الطفل قد تظهر بعد سنوات وذلك حسب البيئة الاجتماعية، والأحداث التي يمر بها الطفل”. منوهاً إلى أن “من لا يظهر عليهم آثار الصدمة بشكل مباشر وواضح يجب أن يتم تقديم الرعاية لهم من خلال عمل جلسات مختلفة للتفريغ النفسي، سواء بالرسم أو الكتابة أو اللعب”.

وأضاف علي: “بعض الحالات التي كنت أعالجها بالنسبة للأطفال، تندرج تحت التلعثم في الكلام، أو الصمت، أو عدم الاندماج مع المحيط، وعند دراسة الحالة أجد أن ظروف عائلته ليست طبيعية، فربما يكون شاهداً على اعتقال أحد أفراد عائلته، أو مقتله جراء القصف، وربما تكون ظروفه المعيشية صعبة، ولا مأوى لعائلته، فينعكس عدم الاستقرار في حياته على وضعه النفسي”، حسب قوله.

وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن نحو ٢.٩ مليون طفل تحت سن الخامسة بدؤوا حياتهم في ظل الحرب، وتَشكّل وعيهم في ظروف القتل والدمار.
ويشير التقرير، الذي صدر في شهر آذار عام ٢٠١٨، إلى أن ستة ملايين سوري، بينهم ٢.٨ مليون طفل، تعرضوا للتهجير أكثر من مرة متنقلين بين عدة أماكن، و خمسة ملايين آخرين لجؤوا إلى دول الجوار وبلدان أخرى، نصفهم من الأطفال، منهم عشرة آلاف طفل غادروا سوريا دون عائلاتهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.