تكتيك “المعابر الإنسانية” لروسيا: كيف سهل انتزاع المناطق من المعارضة دون مقابل؟

تكتيك “المعابر الإنسانية” لروسيا: كيف سهل انتزاع المناطق من المعارضة دون مقابل؟

منار حداد – الحل

استغلّت #روسيا، لعبة “المعابر الإنسانية” لتساهم في إرهاق المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية على امتداد البلاد، التي تسعى روسيا السيطرة عليها.

تكوّنت خطّة “المعابر الإنسانية” الروسية، بحسب ما رصد موقع الحل، للسيطرة على محيط المناطق المستهدفة، وإقامة معابر “إنسانية” فيها، ومن ثم بدء إرهاق هذه المنطقة بالجوع والحصار من جهة، وتكريس الآلات الإعلامية الروسية لضخ شائعات تحرّض على خروج الأهالي من جهةٍ أخرى، الأمر الذي أدّى لخسارة المعارضة السورية قاعدتها الشعبية، وخسارتها المناطق واحدة تلو الأخرى.

يبحث موقع الحل في هذا التقرير، تكتيك “المعابر الإنسانية” الروسية، والتي بدأت منذ الهجمة الروسية على مدينة #حلب أواخر عام ٢٠١٦، ولازالت مستمرّة حتى الآن وتتمثّل في المعابر الواقعة بين سيطرة النظام والمعارضة في جنوبي محافظة إدلب.

عن المعابر

بينما كانت المعارك على أشدّها بين النظام السوري والميليشيات الموالية له من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة من جهةٍ أخرى في مدينة حلب أواخر عام ٢٠١٦، كانت روسيا التي ساهم طيرانها الحربي بشكل رئيس في إرهاق المعارضة، تحضّر “معابر إنسانية” بقيادة قوات النظام السوري.

في تلك الفترة، تم تأسيس معبرين اثنين، الأول معبر “كراج الحجز” في منطقة بستان القصر، والثاني معبر الشيخ مقصود وعبر من خلالهما آلاف المدنيين من مناطق سيطرة المعارضة تجاه سيطرة النظام السوري حتى قبل بدء الحملة العسكرية تحت الضغط الروسي الإعلامي.

كانت تلك أولى تجارب روسيا في “تكتيك المعابر”، وإرهاق المناطق الخاضعة لسيطرتها قبل أن يتم إرهاقها بشكلٍ عسكري.

تبع التجربة الروسية في حلب، تجربة مماثلة في #الغوطة_الشرقية، حيث تُعتبر تجربة الغوطة من أنجح التجارب الروسية في إنشاء “المعابر الإنسانية” وتكلّلت حينها بالنجاح من خلال القصف المكثّف على مدن وبلدات القطاع الأوسط من الغوطة، وفتح معابر للمدنيين للخروج نحو مناطق النظام، وبذلك لم يكن أمام المدنيين سوى الخروج، لتزعم روسيا حينها أنّ هؤلاء المدنيين هربوا من المعارضة، لكنهم في حقيقة الأمر هربوا من القصف الروسي ذاته.

عادت روسيا لاستخدام المعابر في #درعا، فبعد أن سيطر النظام السوري المدعوم روسياً على اللجاة والمناطق المحيطة بها، تم فتح “معابر” لخروج المدنيين من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة نحو المناطق التي سيطر عليها النظام حديثاً، وكذلك الحال في القنيطرة.

وبعد أن تمكّنت روسيا من السيطرة على جميع هذه المناطق، تحاول استخدام الأسلوب ذاته مع المنطقة الأصعب وهي محافظة إدلب، فبعد اتفاق “سوتشي” الذي توصّل إليه الرئيسان التركي رجب طيب #أردوغان والروسي فلاديمير #بوتين لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب ووقف الهجوم عليها، تستخدم روسيا اليوم معبر أبوالظهور الواقع في ريف إدلب الجنوبي، لإقناع المدنيين المقيمين في مناطق المعارضة السورية للخروج نحو مناطق النظام في الشمال السوري، كمحاولة روسية، بعيداً عن الآلة العسكرية التي منع الاتفاق استخدامها.

خيارات المدنيين المحدودة

في مقابل الطريقة الروسية لانتزاع المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بقي المدنيون أمام خيارات محدودة جداً، وغير قادرين على مقاومة هذه السياسة.

يقول أمجد عيد (وهو من سكّان الغوطة الشرقية ممن تم تهجيرهم نحو الشمال السوري): “كان المدنيون الذين يرفضون الخروج باتجاه المعابر يتخذون قراراً بالانتحار داخل الغوطة”.

لم يتّجه أمجد نحو هذه المعابر، ولكنه يتذكر عندما تم تأسيس المعبر الذي يصل دوما بعدرا العمالية، قبل بدء العملية العسكرية، وكيف كانت روسيا تخبر المدنيين بأن “اخرجوا أو موتوا تحت القصف والنيران”.

يوضّح الشاب في حديث لموقع الحل، أن هذه الطريقة “ليس فيها أي شي من الذكاء والابتكار، بل إن روسيا لديها الغلبة العسكرية والسياسية على الأرض، وبالتالي هي قادرة على السيطرة على الوضع بالطريقة التي تراها مناسبة”. موضحاً ان الروس “لو كانوا لا يملكون الطيران والصواريخ الثقيلة لما كانت نجحت معهم لعبة المعابر الإنسانية، لأنّ تهديداتهم لم تكن لتخيف المدنيين”.

وأشار الشاب، الذي عمل مصوّراً لعمليات القصف داخل مدينة دوما، أنه “لا يمكن لوم المدنيين الذين توجّهوا في تلك الفترة نحو مناطق النظام”. موضحاً أنّهم “من حقّهم الهروب من الموت والفرار نحو مكان آمن”.

من جهته يشير الناشط الإعلامي أحمد الشامي (اسم مستعار حفاظاً على أمنه – يقيم حالياً في الشمال السوري)، إلى أن إحكام الخطة الروسية ليس الأمر الوحيد الذي أدّى لنجاح لعبة المعابر الروسية. مبيّناً أن المعارضة المسلّحة “خلقت عداواتٍ بينها وبين المدنيين على مدار سيطرتها على الغوطة الشرقية، وأدّت هذه العداوات إلى وجود شرخ يمنع المعارضة من التلاحم مع السكّان المحليين من أجل مواجهة ما يأتي من تهديداتٍ خارجية سواء من روسيا أو النظام”.

آلة إعلامية

ما إن يصل المدنيون إلى المعابر التي تسيطر عليها روسيا في محيط المناطق المعارضة، حتّى تستقبلهم آلات الإعلام الروسي وإعلام النظام السوري ووسائل الإعلام الأخرى التي توالي الأسد، من أجل التقاط حوار مع هؤلاء الخارجين، بعد أن يتم إجبارهم على الحديث على المعارضة السورية من قبل عناصر الحاجز الذي يتواجد على المعبر.

ووفقاً لعدّة مدنيين عبروا سابقاً معابر بين القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية وبين مناطق النظام، فإن عناصر النظام الذين كانوا يتمركزون على المعابر كانوا يقومون بتلقينهم بعض الأفكار والحديث الذي عليهم أن يقولوه أمام التلفزيونات وما يحتوي من مهاجمة المعارضة وتأييد النظام مقابل العبور.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة