يتامى على الجبهات: كيف يتم “غسيل أدمغة” الأطفال واستدراجهم للجبهات من قبل فصائل الشمال؟

يتامى على الجبهات: كيف يتم “غسيل أدمغة” الأطفال واستدراجهم للجبهات من قبل فصائل الشمال؟

هاني خليفة – حماة

باتت ظاهرة #تجنيد_الأطفال في صفوف فصائل المعارضة و #هيئة_تحرير_الشام (التي تشكل جماعة جهادية تعرف باسم #جبهة_النصرة نواتها)، أمراً شائعاً في مناطق الشمال، إلا أن الأمر اللافت في تلك الظاهرة هو أن بعضهم يتجندون من أجل الحصول على المال ومساعدة أهاليهم لتأمين الاحتياجات الأساسية في ظل الظروف المعيشية الصعبة وانعدام فرص العمل.

وتعتبر ظاهرة تجنيد الأطفال مخالفة للمواثيق الدولية، إلا أن فصائل المعارضة والجماعات الجهادية تواصل تجنيدهم وزجّهم في المعارك سواء ضد قوات النظام والمليشيات المساندة لها أو في النزاعات التي تحصل بين الفينة والأخرى فيما بينها، في حين يجب أن يكون هؤلاء الأطفال على مقاعد الدراسة التي حُرموا منها ربما لسنوات بسبب الأوضاع العسكرية في البلاد.

لا إحصائيات دقيقة للأطفال المجندين.. وقطّاع التعليم دون اهتمام

يقول الناشط الإعلامي غازي الشحود من ريف #حماة، لموقع الحل، إن “مئات الأطفال باتوا يتجنّدون في صفوف الفصائل العسكرية بالشمال، ولا توجد إحصائية دقيقة لعددهم بسبب تكتّم جميع الفصائل على موضوع تجنيد الأطفال الذي يعارضه شريحة واسعة من الأهالي في المنطقة”. مردفاً: “في الآونة الأخيرة رأينا عشرات الأطفال أعمارهم تتراوح بين الـ 14 و17 عام في صفوف الفصائل، تجنّدوا من أجل الحصول على راتب شهري لا يبلغ سوى 15 ألف ليرة سورية (أي ما يعادل حوالي 33 دولاراً أميركياً) لمساعدة عائلاتهم، فمنهم من فقد أباه خلال الحرب وهو الأكبر في عائلته ومنهم من لا يجد فرصة عمل للحصول على المال”.

ويبيّن الشحود أن الأطفال يتسربون من المدارس بسبب عدم الاهتمام بـ #قطاع_التعليم من قبل المسؤولين عنه وتشجيع الأطفال على العودة إلى مقاعد الدراسة، خاصةً وأن الكثير من المدارس هذا العام مهددة بالإغلاق بسبب انعدام الدعم وشح الكتب والقرطاسية، فضلاً عن عدم وجود رواتب للمدرّسين الذين إن بقي الحال كما هو عليه فإنهم سيضطرون لترك مجال التعليم والتوجّه إلى عمل آخر يؤمّنون من خلاله احتياجاتهم الأساسية. لافتاً إلى أن الأطفال الذين يتسربون من المدارس وتتراوح أعمارهم بين 13 و17 عام “همّهم الأول هو الحصول على دخل مادي ثابت فتكون وجهتهم إما العمالة أو الانضمام إلى صفوف فصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية”.

ماهي أسباب انضمام الأطفال للفصائل؟ وما المغريات التي تقدّمها الأخيرة؟

الطفل يوسف الموسى، (منضم لإحدى فصائل المعارضة في الشمال ويبلغ من العمر 15 عاماً)، أوضح لموقع الحل، أنه لجأ إلى الانضمام إلى الفصيل “بسبب احتياجه للمال وتأمين احتياجات عائلته، بعد مقتل والده قبل حوالي عام بقصف لطائرات النظام على بلدتهم”. مبيناً أن المدارس “بات غير معترف بها وأن الطالب مهما درس فلا توجد شهادة علمية تفيد في المستقبل”. مشيراً إلى أن الانضمام إلى صفوف الفصائل أسرع وسيلة لكسب المال فدورة بسيطة لا تتجاوز شهر كفيلة بأن تجعلك تحمل السلاح وتتقاضى راتباً شهرياً”.

ويضيف الموسى أنه “انضم إلى الفصيل المنتمي إليه حالياً منذ حوالي ثلاثة أشهر وخضع لدورة تدريبية، والآن يتقاضى مبلغ 15 ألف ليرة سورية شهرياً، إضافة إلى الحصول على سلة غذائية”. مبيناً أن المواد الغذائية والمال “أهم ما تحتاجه عائلته في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهونها، في الوقت الذي لا تحصل الكثير من العائلات على سلل غذائية أو كفالات أيتام”.

وتعمل الجماعات الجهادية على إخضاع الأطفال لـ #دورات_شرعية يتعلّمون من خلالها إصدار الفتاوى الشرعية وحمل السلاح، وذلك خلال ثلاثة أشهر ضمن معسكرات مغلقة لا يغادرونها طوال فترة الدورة، وذلك بحسب مقربين من تلك الجماعات الذين وصفوا تلك الدورات بأنها “عبارة عن غسيل دماغ” للأطفال، فبعد خروجهم من الدورة حتى أهاليهم يستغربون منهم، بسبب أفكارهم وما تشبّعت به أدمغتهم خلال الدورة.

كيف يتم الترويج لتجنيد الأطفال؟ وما دور المنظمات؟

بحسب أهالي في مناطق الشمال، فإن الكثير من الأطفال تأثروا ويتأثرون بالإصدارات المرئية التي تنشرها الجماعات الجهادية وبعض فصائل المعارضة، ما يدفعهم للانضمام إليها، كما أنه يوجد أشخاص ينتمون لتلك الفصائل وكل منهم يروّج خلال الجلسات العامة للفصيل الذي ينتمي إليه وتتأثر الأطفال بأقاربها (أب، أخ، عم، خال، أبناء الأقارب) المنضمّون للفصائل وينضمون إليها والمتواجدة في مناطقهم، وذلك “من أجل الدفاع عن الأرض”، على حد وصفهم.

ويشير عثمان الصافي (من سكان مناطق ريف حماة)، إلى أنه يوجد منظمات وجمعيات إنسانية تعمل على تنظيم جلسات توعية للأهالي الذين لديهم أطفال يحملون السلاح، إلا أن الاستجابة ما تزال ضعيفة، كون الجلسات تكون على نطاقٍ ضيّق ضمن المنازل. مؤكداً أنه “من خلال جلسات التوعية استطاع إقناع ابنه البالغ من العمر 15 عاماً بترك السلاح بعد عدّة محاولات وإعادته إلى الدراسة وهو الآن في الصف التاسع”.

يشار إلى أن ظاهرة تجنيد الأطفال لا تقتصر على مناطق سيطرة المعارضة والجماعات الجهادية فقط، وإنما توجد في مناطق سيطرة قوات النظام أيضاً، حيث يعمل كل من #حزب_الله_اللبناني و #إيران في مناطق سيطرتهما كالقصير بريف #حمص وغيرها على تدريب أطفال في معسكرات خاصة وتخريجهم بين الفينة والأخرى، كما توجد ظاهرة تجنيد الأطفال في مناطق سيطرة #قوات_سوريا_الديمقراطية المدعومة أميركياً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة