قاطنو مخيم الركبان.. بين حصار الميليشيات الإيرانية والمساومة الروسية

قاطنو مخيم الركبان.. بين حصار الميليشيات الإيرانية والمساومة الروسية

جلال بكور

يقع مخيم الركبان في منطقة استراتيجية كونه قريب من الطريق الواصل بين دمشق وبغداد في مسطح تلتقي فيه الحدود السورية الأردنية العراقية في أقصى ريف حمص الجنوبي الشرقي، حيث لجأت قوات التحالف الدولي التي تقودها واشنطن إلى إقامة قاعدة عسكرية في منطقة التنف المجاورة لمنطقة الركبان.

ويتواجد في تلك القاعدة أيضا قوات من فصيل “جيش مغاوير الثورة” المحسوب على “الجيش السوري الحر”، وتعتبر تلك القاعدة حجر عثرة أمام اتصال الميليشيات الإيرانية المتواجدة في سوريا مع نظيرتها المتواجدة في العراق.
وحاولت الميليشيات الإيرانية أو المدعومة من إيران مرارا التقدم على الأرض إلى تلك المنطقة بهدف الوصول إلى الحدود في منطقة التنف إلا أنها واجهت ردا عنيفا من قبل طيران التحالف الدولي، فيما سمح التحالف لتلك الميليشيات نفسها بالتواصل في منطقة البوكمال التي تبعد قرابة مائة كيلومتر شمالا في ريف دير الزور الشرقي.
وتقول مصادر لـ”موقع الحل” إن الميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني والتي يشرف عليها مباشرة الجنرال “قاسم سليماني” تسيطر حاليا على النقاط الرئيسية المهمة المحيطة بمنطقتي التنف والركبان، وخاصة مواقع في مطارات الضمير والسين وتدمر والشعيرات والتيفور.

ويبعد مطار تدمر وهو مطار مدني عن الرقبان قرابة 150 كلم وذلك دفع بالميليشيات إلى اتخاذ نقاط متقدمة في منطقة العليانة والمحطة الثانية شرقي تدمر وبالقرب من تدمر إلى الجنوب يقع مطار وقاعدة التيفور، في حين يبعد مطار السين العسكري قرابة 120 كلم إلى الجنوب الغربي في ريف دمشق، وفي محيطه نقاط متقدمة للميليشيات في منطقة ظاظا وبير القصب.
أما مطار الضمير فيبعد قرابة 170 كلم عن المنطقة إلى أنه يعتبر نقطة انطلاق نحو البادية الشامية التي تقع جنوب غرب وجنوب منطقة الركبان، ويعتبر مع مطار السين العسكري نقطة توزيع الحواجز على طريق بغداد دمشق وهو أهم طريق تجاري في المنطقة، وتضم تلك المطارات والنقاط آلاف المقاتلين.

ومن خلال تلك المطارات والنقاط والحواجز التابعة لها تقوم الميليشيات التي تتحكم بها إيران بقطع الطرق الواصلة إلى منطقة الركبان وبالتالي هي من تحاصر النازحين في مخيم الركبان وتمنع عنهم المواد الغذائية والطبية وقوافل الإغاثة، وتلك النقاط أيضا تقع على مقربة من مناجم الفوسفات التي حصلت إيران على عقود استثمارها من النظام.
واتبع النظام وحلفاؤه سياسة الحصار والتجويع مع معظم المناطق التي سيطروا عليها سواء عن طريق اتفاقات المصالحة أو عن طريق عمليات الاقتحام العسكرية التي أفضت إلى اتفاقات التهجير، إلا أن منطقة مخيم الركبان تعتبر ممتنعة عن تلك الميليشيات عسكريا، كون طيران التحالف متربص بها كما أن اقترابها من الحدود قد يثير حفيظة الأردن وإسرائيل كما حدث في درعا.
وتقوم الميليشيات بمحاصرة المخيم من منطقة بعيدة حيث تمنع دخول السيارات التابعة للتجار والسيارات التي تحمل البضائع إلى المنطقة، في وقت تتحدث فيه مصادر إعلام مقربة من النظام عن مفاوضات تجري بهدف تفكيك المخيم وإعادة النازحين إلى مناطق سيطرة النظام بعد نقل من بقي من المسلحين إلى إدلب.

ورقة المخيم
ويسعى نظام الأسد ومن خلفه إيران إلى إفراغ تلك المنطقة من التواجد “السني” عبر إزالة مخيم الركبان وتوزيع النازحين إما في مناطق سيطرة النظام أو تهجيرهم مجددا إلى إدلب، ويبدو ذلك من خلال ما نقلته وسائل إعلام روسية عن ممثل وزارة الخارجية الروسية، “نيكولاي بورتسيف” من أن الجانب الأميركي اقترح على الروس تسوية مشكلة الركبان من خلال إجلاء النازحين إلى الأراضي التي تخضع لسيطرة النظام، لكن لم تتم مناقشة العملية المحتملة.

وتزامنا مع ذلك تفيد الأنباء عن مصادر محلية بأن وفدا من وجهاء العشائر المقيمة في الركبان عقد اجتماعا مع النظام برعاية روسية أردنية في منطقة على الحدود السورية الأردنية، وقد تشير تلك الخطوات إلى تقارب روسي أردني في مسألة حل ملف الركبان، والذي يعتبره الأردن أيضا خطرا على أمنه وعبئا اقتصاديا على حكومته.
وتروج روسيا من خلال إعلامها لفكرة إفراغ المنطقة من مخيم الركبان عبر نقل المقاتلين والرافضين “مصالحة” النظام إلى إدلب ونقل بقية النازحين إلى مناطق سيطرة النظام مقابل عدم السماح للميليشيات الإيرانية بالتقدم إلى تلك المنطقة التي تعتبر حاليا ضمن المنطقة المحرمة من قبل التحالف حول قاعدة التنف.
وقد يلجأ التحالف الدولي لاحقا إلى تفكيك قاعدة التنف وتسليم منطقة المعبر لقوات النظام والقوات الروسية شريطة عدم تواجد الميليشيات الإيرانية في المنطقة وبقاءها على بعد مئات الكيلومترات في القواعد التي احتلتها في محافظتي حمص وحماة.

ويشار إلى أن النازحين في مخيم الركبان باتوا ورقة ضغط تستخدمها مختلف أطراف الصراع في سوريا، فبينما تحاصر الميليشيات الإيرانية المخيم بقطع الطرق تمنع الأردن المساعدات الإنسانية عن المخيم وبالتزامن مع التصريحات الروسية حول العرض الأمريكي، يستمر الغياب التام لواشنطن التي تقود التحالف الدولي عن المشهد حاليا.
وتقول مصادر محلية إن التحالف بقيادة واشنطن منشغل حاليا في تدعيم قاعدة التنف وتدريب فصيل “جيش مغاوير الثورة” الذي يقطن معظم ذوي مقاتليه في مخيم الركبان، وتعتبر تلك القاعدة النقطة الأهم في مسألة قطع الطريق أمام إيران، ولا تستبعد أن يكون لاحقا فصيل “مغاوير الثورة” شركيا لروسيا في المنطقة كما فعل فصيل “شباب السنة” في درعا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.