“مصالحة” النظام في درعا.. تجنيد وانتقام ومصادرة للأملاك

“مصالحة” النظام في درعا.. تجنيد وانتقام ومصادرة للأملاك

جلال بكور

مع تثبيت النظام لنفسه في درعا والقنيطرة عبر فتح المعبر البري مع الجولان، ومعبر نصيب مع الأردن، يواصل النظام خرق اتفاق “التسوية والمصالحة” الذي تم مع فصائل من المعارضة السورية المسلحة في المنطقة برعاية روسية، ولكن ذلك لا يتم بطريقة مباشرة وفق ما أكدته مصادر لـ”موقع الحل السوري” من درعا.
ونص ذلك الاتفاق على ألا يقوم النظام باعتقال الشباب وسوقهم إلى “الخدمة العسكرية الإلزامية” في صفوف قواته، فضلا عن عدم التعرض لهم، وخاصة من الشباب الذين قرروا البقاء وعدم الرحيل إلى إدلب وحصلوا على ضمانات روسية.

ولم يكتف النظام بخرق ذلك البند من بنود الاتفاق بل عمد إلى مصادرة واستباحة أملاك معارضين له، من بينهم معارضون غادروا البلاد أو غادروا مناطق سيطرة النظام ضمن عمليات التهجير إلى الشمال، وذلك في عملية انتقام “طائفية”.

بذريعة الإرهاب
وقالت مصادر محلية إن النظام قام بالحجز على أملاك تعود لأعضاء سابقين في منظمات المجتمع المدني التابعة لـ”الحكومة السورية المؤقتة” المعارضة ومنظمات أخرى، وخاصة في بلدة كحيل في ريف درعا الشرقي، في وقت قام بتبليغ مئات الشبان “المدنيين” بضرورة الالتحاق بالخدمة العسكرية الاحتياطية وإلا سوف يصار إلى اعتقالهم.

وذكرت مصادر محلية أن النظام أصدر قرار بمصادرة الأملاك في الثالث من آب الماضي، ويقضي القرار بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لشريحة واسعة من العاملين سابقا في منظمات المجتمع المدني و”الحكومة المؤقتة” في درعا، إضافةً إلى ممتلكات أولادهم وأزواجهم, وجاء قرار الحجز وفق مزاعم النظام بعد “ثبوت التورط بالأعمال الإرهابية السائدة في القطر”.
ورجحت مصادر أن القرار صادر عن المحكمة التي يطلق عليها “محكمة الإرهاب”، وتستهدف لم يقبل التسوية والمصالحة مع نظام الأسد.

ويشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها النظام بمصادرة أملاك المواطنين المعارضين له بحجج “الإرهاب” إلا أنها اتسعت أخيرا لتشمل محافظة درعا بعد التمكن من بسط النفوذ عليها.
وسيطرت قوات النظام على كامل محافظة درعا بعد إجراء عمليات “تسوية” و”مصالحة” مع أكبر فصائل الجنوب على رأسها فصيل” شباب السنة” وذلك بوساطة ودعم روسي ودول عربية.
وقال مصدر من ريف درعا لـ”موقع الحل السوري”، إن مجموعات محلية تابعة لـ”حزب الله” اللبناني، أقدمت على مصادرة منازل من تم تهجيرهم إلى الشمال في بلدة الكحيل، كما قامت بحرق مجموعة من المنازل في البلدة ذاتها، وذلك في عملية انتقام “طائفية”.

التجنيد الإجباري
كما واصل النظام خرق ذلك الاتفاق عن طريق اعتقال الشباب وزجهم في قواته تحت “قانون الاحتياط” و”الخدمة الإلزامية”، ويقوم بزج المعتقلين في المعارك الدائرة مع تنظيم “داعش” في السويداء، كما نقل عددا منهم إلى جبهات حماة وإدلب ودير الزور.
وأكد الناشط “محمد الحوراني” لـ”موقع الحل السوري” أن قوات النظام باتت تتحكم بالأمور بشكل تام في درعا، وذلك منحها المجال لخرق “اتفاق المصالحة”، حيث اعتقلت عشرات الشبان من مدنيين وعسكريين وساقتهم إلى الخدمة الإلزامية، مشيرا إلى أن عمليات الاعتقال تتم على الحواجز المنتشرة في طرقات المحافظة وهي حواجز تابعة لـ”الأمن العسكري” و”الفرقة الرابعة”, فضلا عن عمليات مداهمة تطال منازل المدنيين.

وأوضح “الحوراني” أن اتفاق “المصالحة” ينص في الأصل على أن يخدم شباب درعا ضمن “الفيلق الخامس” و”قوات الغيث” وفي مناطق درعا تحديدا، ولا يسمح للنظام باعتقال أي ممن يحمل ورقة “المصالحة” وذلك “بضمانة روسية”، إلا أن النظام يقوم بالتحايل عن طريق اعتقال الشاب وإن كان من فصائل “المصالحة” على الحواجز في الطرقات بتهمة “المشاركة في أعمال إرهابية”، أو تهم أخرى مثل “الخوذ البيضاء” و”داعش”، ولا يقوم بمداهمة منازل سوى منازل المدنيين.

وأضاف أن النظام قام خلال الأسبوع الماضي باعتقالات في مدينة الحارة شملت 20 شخصا من بيوتهم بحجة وجود إدعاءات شخصية ضدهم، وبعد الاعتقال تم اقتيادهم إلى شعب التجنيد.
وذكر الناشط أن قوات النظام حاولت اقتحام منزل قيادي سابق في “الجيش السوري الحر” في شمال درعا بهدف اعتقاله، حيث اشتبكت معه ما أدى إلى مقتله مع مجموعة مع العناصر التي حاولت اقتحام المنزل.
وبدوره وثّق “مكتب توثيق الشهداء في درعا” اعتقال 39 شخصا على الأقل خلال سبتمبر الماضي، وقال إن من بين المعتقلين قياديون ومقاتلون في “الجيش السوري الحر” ممن رفضوا التهجير إلى الشمال السوري.

كما وثق المكتب، في بيان، وفاة 12 مدنيا في سجون النظام، بينهم ستة تحت التعذيب، في الفترة نفسها، على الرغم من التعهدات الروسية بعدم التعرض لمن فضل البقاء في المحافظة.

الميليشيات الإيرانية
ومن ناحية أخرى أشار “محمد الحوراني” إلى أن النظام خرق اتفاق “المصالحة” عبر السماح للميليشيات الإيرانية بالتواجد في المنطقة، حيث يقوم بمنح عناصر “حزب الله” اللبناني هوية سورية عن طريق السجل المدني في درعا، وذلك بهدف إخفاء هويتهم الحقيقية.

ويأتي ذلك في خطوة من النظام لعدم إثارة إسرائيل التي وافقت على سيطرة قواته على كامل جنوب غرب سوريا مقابل إبعاد العناصر المدعومة من إيران عن حدودها، ونتيجة للاتفاق مع إسرائيل قام النظام مؤخرا بافتتاح معبر القنيطرة بين هضبة الجولان المحتلة ومحافظة القنيطرة.

وأكد الناشط على مشاهدة الكثير من العناصر الذين لا يتكلمون العربية على الحواجز التابعة لقوات النظام، كما أن بعض الضباط ممن يرتدون الزي العسكري وعليه إشارات باللغة الفارسية تم مشاهدتهم في مناطق عدة منها تل الحارة الاستراتيجي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.