تحديات ومصاعب تواجه المنظومة التعليمية في ديرالزور

تحديات ومصاعب تواجه المنظومة التعليمية في ديرالزور

حمزة فراتي – ديرالزور

يواجه قطاع التعليم في ديرالزور صعوبات ولا سيما في المناطق التي خرجت حديثاً من تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية(#داعش)، فالطلبة العائدون إلى مقاعدهم الدراسية منهم من فقد أمه أو أبيه أو أحد أفراد عائلته، يحتاجوا لمعاملة خاصة من قبل إدارة المدرسة وفقاً للأزمة النفسية التي مر بها كل واحد منهم، فضلاً عن المعلمين الذين عانوا صدمات وأزمات مشابهة لأزمات الطلاب أيضاً.

التعليم في زمن داعش
يقول موسى الخليف 37 عاماً (مدرس من ريف ديرالزور الشرقي) لموقع الحل، إن “التنظيم أولى اهتماماً بالتعليم على طريقته، في فترة سيطرته على المنطقة في بداية 2014، إذ أحدث تغيرات جذرية في قوانين ومناهج التعليم، حيث أعلنوا سن الرابعة، السن الإلزامي لبدء تعليم الأطفال مع تركيز كبير على تعليم اللغة العربية، ومن ثم دراسة القرآن والعلوم الشرعية الإسلامية حتى سن الخامسة عشر، بعد هذه المرحلة، يتم إعداد وتدريب الأطفال على استخدام السلاح بشكل دقيق”.

كما قام بإلغاء عدة مواد من المناهج مثل التاريخ والجغرافية وعلم الاجتماع، وحذف كافة القصائد الشعرية التي تعود إلى العصر الجاهلي في مادة اللغة العربية، وقيدوا جميع الأساتذة بدورات شرعية حول تعلم مبادئ الشريعة الإسلامية، حيث حرم المتغيبين عن الدورات من التدريس وتعرضوا للمحاسبة والمسائلة، وتوجب عليهم أيضاً أثناء العملية التدريسية طمس كل الصور التي لا تتفق مع الشريعة، وتغيير كل ما يرمز للجمهورية العربية السورية إلى الدولة الإسلامية، وفق قوله.

لافتاً إلى أن “التنظيم فشل في استقطاب أهل المنطقة وأولادهم إلى مدارسه فشلًا ذريعًا، حيث فضلت نسبة كبيرة من العوائل النزوح والهرب خارج المنطقة، خوفاً على أبنائهم من الالتحاق بهذه المدارس”.

التعليم بعد خروج داعش من المنطقة

دفعت المنطقة ثمناً باهظاً لخروج التنظيم منها، تمثل بخسائر بشرية ومادية ذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى وعدد لابأس به من المفقودين، بحسب الخليف والذي تابع حديثه قائلاً، إن “المنظومة التعليمة في المنطقة تحتاج لعدة أمور مهمة وأساسية لتنهض من جديد، فيجب التركيز في الفترة الحالية على البُعد النفسي لدى الطلاب، وإيلاء اهتمام كبير لسبل التعامل معهم وخاصة مع الاطفال الذين حضروا مشاهد عنيفة خلال الفترة الماضية”.

“كما أن إعادة تدريس الفنون بمختلف أنواعها، إلى جانب تحضير مناهج دراسية جديدة (لأن العودة للمناهج الدراسية القديمة التي كانت مستخدمة قبيل سيطرة التنظيم لن تجدي نفعًا اليوم) من الأمور المهمة التي ستساهم في تحسين قدرة الطالب على تلقي المعلومات بشكل أفضل”.

والتركيز يجب أن يكون مضاعفاً في إعادة تأهيل وتدريب الكوادر التعليمية في مدارس المنطقة كافة، سواء الواقعة تحت سيطرة النظام أو قوات سوريا الديمقراطية (#قسد)، فمعظمهم خضعوا لتعنيف شديد من قبل عناصر التنظيم وهم بحاجة لتدريب وتأهيل أكاديمي ونفسي بشكل فعلي، وفق تعبيره.

مشكلات وعوائق تواجه التعليم

أهم هذه العوائق من وجهة نظر الخليف، هي التحديات التي تواجه المعلم والمنظومة التعلمية بشكل كامل، ففقدان المعلم لراتبه طيلة السنوات الماضية إلى جانب بقية الأزمات التي مر بها، آثر سلباً على نفسية المدرسين والتي ستنعكس آثارها على سير العملية التدريسية يشكل واضح، إضافة لكثافة الطلاب في داخل الصف الواحد، مشيراً هنا إلى مدارس شمال شرق نهر الفرات الواقعة تحت سيطرة قسد، حيث يوجد في الصف قرابة 90 طالباً، ناهيك عن فقدان المقاعد وعدم توفر المناهج والألواح ومستلزماتها، كل ذلك أثّر على العملية التعليمية بشكل مضاعف “.

وفي نفس السياق أضاف الخليف أن “التغيير المفاجئ للمناهج ومعلوم أن مناطق سيطرة داعش بديرالزور انقطعت عن التعليم لأربع سنوات متتالية، إبّان حكم التنظيم عليها سايقاً، فبقي المعلم بعيدًا عن تطورات المنهاج التعليمية في سوريا وهنا يشيد بالمدارس الواقعة تحت سيطرة النظام، فحدث هنالك تغيير للمناهج الدراسية، وخاصة في المرحلة الابتدائية، فالمناهج الآن، جديدة ولكن فيها شيء من الصعوبة، مشيراً إلى مشكلة أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها من التحديات في مدارس الأخير (النظام)، وهي مرحلة عبور الطلاب إلى مراحل متقدمة عن طريق سبر المعلومات، فقد تجد طالبًا في الصف الخامس الابتدائي لا يعرف الحروف ولا يعرف القراءة والكتابة أيضاً، فبالتالي هنا يحصل إرباك كبيير، فيضطر المدرس أن يعلمه الحروف وغيرها من الأساسيات، فهذه من أصعب التحديات التي تواجه المعلم في العملية التدريسية” وفق قوله.

يقول فيصل الحساني 36 عاماً (من مدينة الميادين الواقعة تحت سيطرة النظام) لموقع الحل، لدي طفل عمره اليوم ثماني سنوات، لم أسجله في المدرسة عندما كان التنظيم يسيطر على المنطقة، واليوم تم قبوله في الصف الاول الابتدائي، فهذا يعني ضياع عامين من عمره وهذا سيؤثر عليه مستقبلا، فكيف يمكن أن يلحق بأقرانه بالعمر ضمن نفس المرحلة الدراسية في المناطق الأخرى”.

المستوى العلمي للطلاب بعد داعش

مستوى الطلاب يكاد يكون دون مستوى المتوسط في كل مناطق ديرالزور التي شهدت معارك عنيفة خلال الأشهر الماضية، بحسب الخليف، والذي يرى بأن سبب ذلك هو كثرة التراكمات الماضية والصدمات النفسية والمشاكل التي مرت بها المنطقة من سيطرة داعش عليها وحتى لحظة خروجه من غالبيتها، ولتلافي هذا الخلل ورفع مستوى الطلاب قاطبة، يجب التكثيف من دورات التقوية وتقديم الدعم النفسي لهم بشكل مستمر ومكثف ” يختتم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.