بسام الحسين – دمشق

لعل الهفوة التي ارتكبها خطيب الجامع الأموي مأمون رحمة، بوصفه الصحفي جمال خاشقجي بشهيد الكلمة تدل بأن النظام السوري ينتهج السياسة نفسها في التعامل مع الأدوات سواء رجال دين أو ضباطاً أو حتى فنانين، حيث يتم حرق أوراق أي من هؤلاء الشخصيات في حال انتهاء الدور، أو في حال الذهاب أبعد من المطلوب وهو ما حصل مع رحمة.

رحمة وفي خطبته الأخيرة من على منبر الجامع الأموي وصف الخاشقجي بأنه صاحب قلم حر وأن “مملكة الرمال ضاقت بهذا الرجل ذرعاً حتى أرسلت نفراً من القتلة إلى سفارة بلادهم في تركيا لتصفيته”، لاشك بأن رحمة تلقى الأوامر من المخابرات السورية بمهاجمة السعودية على فعلتها، لكنهم وبكل تأكيد لم ينبسوا له ببنت شفة بأن الخاشقجي هو إنسان برئ، فلطالما أيّد الرجل ثورات الربيع العربي، وخصوصا الثورة السورية.

هذه الزلة دفعت جمهوراً عريضاً من مؤيدي النظام لشتم رحمة، والكثير منهم صفق لرحمة في الجُمَع السابقة وهلل له لطريقة إقحامه الموقف السياسة للنظام بخطبه، وبدؤوا بالتهجم عليه حالياً، وعلت الأصوات المطالبة بكف يده ومنعه من إلقاء الخطب، والبحث عن بديل مناسب يكون أكثر فهماً للواقع للأحداث الراهنة.

في الأسابيع القليلة الماضية أثار قضية الشيخ محمد خير الشعال مواقع التواصل الاجتماعي، التي طالب عبرها موالون للنظام بمحاسبته عن مجموعة من المحاضرات التي كان قد ألقاها أصلاً قبل فترة سنوات فهي ليست فيديوهات جديدة أصلاً، حيث كان الشعال ينتقد في تلك الفيديوهات إطلاق أسماء أجنبية للمواليد الجدد مثل “جوجو” و”ريتا”، والذي اعتبرته تلك المواقع بأنه يستهدف فئة معينة من المجتمع.

التسجيل الذي يعود إلى 2015 بحسب ما كتب الشعال على صفحته في فيسبوك، ومن خلال استطلاع رأي أجراه موقع الحل مع متابعين للشعال ومنهم عماد الملاح، وهو من متابعي الشيخ الشعال، قال بأن الهدف من تلك الفيديوهات الاساءة لتيار الشيخ “المعتدل الذي جذب شريحة واسعة من الشبان، سيما بعد صعود أصوات التطرف التي وصمت الاسلام بصفة الارهاب، فكان الغالبية يبحث عن هذا النوع من الخطاب الديني”.

الشعال يتعارض مع المرسوم 16

ووفقاً للملاح، فإن نشر هذه الفيديوهات القديمة، تزامنت مع مشروع القرار 16 الذي تعده وزارة الأوقاف لإعطاء صلاحيات أوسع للتيار الديني القريب من #إيران، مثل الشيخ مأمون رحمة، والذي دعا من فاته الحج من السوريين، “أن يقف على جبل قاسيون بدلاً من جبل عرفة والطواف بساحة الأمويين، أو مثل مفتي سورية أحمد حسون الذي أعلن الجهاد فرض عين على كل مسلم للدفاع عن محور المقاومة المهدد من أعداء الإسلام”.

وانبرى العديد من داعمي الشيخ الشعال للدفاع عنه، حيث قال ياسر الأشمر بأن الشيخ “يتحدث وفقا لرؤيته الفقهية، مستنداً إلى نص حرفي، ودروسه داخل المسجد لرواد المسجد وليست لكل الناس، وتم اجتزاء مقطع قديم من سياقه العام، ليتم محاسبته لعدم تحريضه الناس على القتال بجانب النظام منذ سنوات”.

ووفقا للأشمر فإن الشعال يحاضر منذ نحو 13 عام، ويعطي دروساً في مختلف جوامع دمشق، وكان يركز في جلساته على الدورة التأهيلية للحياة الزوجية، وتربية الأبناء.

الشعال في مجلس الشعب

وصلت درجة التحريض لإثارة الموضوع في مجلس الشعب، حيث طالب عضو مجلس الشعب محمد الجغيلي وزارة الأوقاف بتوضيح الاجراءات التي اتخذتها بحق الشعال، وقال النائب بأن ما يذكره الشعال في دروسه وخطبه يمثل إساءة لكل أمهات سوريا وبناتها.

الناشط عمار الشمالي له وجه نظر مخالفة لكل ما طرح من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فالموضوع من وجهة نظره يتعلق بترتيب الأولويات لدى النظام السوري، فبعد أن “تمكن النظام وميليشيات طائفية القضاء على الثورة في مختلف مدن القطر، تفرغ اليوم لكل من تخاذل في الوقوف معه منذ بداية الثورة، والشعال أحدهم حيث يعتبر من الأغلبية الصامتة التي لم تطبل له كما حسون وغيره”.

ويستشهد الشمالي بما يحدث اليوم من تصفيات واعتقالات في المناطق التي شهدت مصالحات، وكان آخرها الحملة التي طالت عشرات الأشخاص في اللجاة شرقي مدينة درعا، رغم كونها المنطقة الأولى التي عُقدت فيها اتفاقات المصالحة برعاية روسية، وشهدت مناطق عديدة حالات اعتقال بعد سيطرة النظام عليها، مثل الغوطه الشرقية وريف حمص الشمالي، وجنوب العاصمة، رغم ضمانات وتأكيدات روسية للمدنيين.

أبواق “المقاومة” والتهجم على شعائر دينية

وبحسب الشمالي فإن وسائل إعلام “محور المقاومة ساندت صفحات المخابرات السورية”، حيث انتقد مقدم برنامج أجراس المشرق على قناة الميادين، غسان الشامي ربطة العنق التي يرتديها الشعال، وعلّق بمنشور طويل أنه “ليس من الضرورة أن يعرف الشيخ المذكور معنى اسم ريتا، لكنه قطعاً يعرف ما بينها والبندقية، أو معنى اسم جورج الآرامي السوري وتدليعه جوجو، إلا أن الملفت هو تأثر الأشخاص الجالسين أمامه بهذا الكلام” معتبراً أن الشعال غمز من باب طائفي.

وطالب الشامي الدائرة المقربة من رأس النظام بنقل الكلام الذي صدر عن الشعال للأسد أو لأي مسؤول معني بمستقبل دمشق، لأن مثل هؤلاء يشعلون بلداً، وفقاً للشامي، ووصفه بأنه “صاحب الصوت الأخنّ والنظرة الثعلبية”.

وبالعودة إلى الناشط عمار الشمالي الذي وجد في حادثة الشعال رسالة من النظام لكل معارضيه في الداخل والخارج بأن الحساب العسير قادم لا محال، وختم الشمالي كلامه بالقول: “اذا كان الشعال وأمثاله من يتستر بالدين، والذين لا يفتؤون من شكر القيادة الحكيمة ووزارة الأوقاف، يلقون هذا المصير، فما هو المصير الذي ينتظر 6 مليون سوري خارج الحدود والذين التصقت بهم تهمة الخيانة العظمة سؤال بات جوابه واضحاً لكل سوري بعد حادثة الشعال”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة