المنازل التي لم تقصف آيلة للسقوط أيضاً . وساكنوها مهددون بالخطر

المنازل التي لم تقصف آيلة للسقوط أيضاً . وساكنوها مهددون بالخطر

بسام الحسين – دمشق

استيقظ أبو سعيد على صوت بكاء ابنته نور، بعد منتصف الليل، وهرع إلى الغرفة المجاروة ظننا منه أنها رأت كابوساً، إلا أن الدماء كانت تخضب وجهها، وبعض القطع الاسمنتية تحيط بها وباخوتها الصغار، يقول أبو سعيد: “إنها المرة الثانية التي تسقط هذه القطع من سقف المنزل، المرة الأولى لم يكن هناك أحد في الغرفة”.

“الحمدلله أنها لم تسقط على رأس إبنتي هبة التي لم تتجاوز 3 سنوات، ربما كانت في عداد الأموات الآن” يقول أبو سعيد، والقلق يساور وجهه، وبحسب عدد من سكان منطقة نهر عيشة فإن حوادث مشابهة حصلت مع العديد من السكان، إلا أنها جاءت سليمة في غالبيتها مع بعض الجروح الطفيفية.

عمليات الهدم لم تضع أوزارها

في تقريرها الذي أصدرته منذ أيام، قالت منظمة حقوق الانسان “هيومن رايتس ووتش”: “إن الحكومة السورية تمنع بصورة غير مشروعة السكان النازحين من المناطق التي كانت تحت سيطرة جماعات مناهضة للحكومة من العودة إلى ممتلكاتهم”.

وأورد التقرير شهادة لأحد سكان القابون، أكد فيها “أن الحكومة تقوم أيضا بهدم ممتلكاتهم دون سابق إنذار ودون توفير سكن بديل أو تعويض”.

وفي الشهر المنصرم، قدرت “الأمم المتحدة” كلفة الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في سوريا، خلال سنوات الحرب في سوريا، يصل إلى نحو نصف تريليون #دولار.

كما صدر تقرير على هامش اجتماع عقد في بيروت بمشاركة أكثر من 50 خبيراً سورياً ودولياً، بدعوة من اللجنة #الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (الأسكوا)، وجاء في التقرير أن ثلث العقارات دمرت جراء عمليات القصف، وبلغ عدد #المنازل المدمرة كلياً حوالي نصف مليون منزل، وما يقارب العدد ذاته تم تدميره جزئياً.

المنازل الناجية من الحرب.. قنابل موقوته

لكن السؤال الأهم من كل ما سبق، هل المنازل التي نجت من عمليات القصف المباشر تصلح للسكن، حاولنا الحصول على إجابة من خلال الحديث إلى المهندس المدني (خالد الحسين) الذي قال، “من الخطورة جدا العودة إلى المنازل التي كانت قريبة من المناطق التي تعرضت لقصف مباشر، ولعل بعض الأسلحة #الروسية التي تم تجريبها في سوريا تحمل قوة تدميرية هائلة تطال نطاق جغرافي أوسع من تلك الأسلحة التقليدية، وغالبية الأسلحة يصل تأثيرها لدائرة يبلغ نصف قطرها 9 كم.

ونفذ سلاح الجو #الروسي خلال عامين، 30 ألف طلعة جوية، شملت 90 ألف هجوم على #الأرض، وتم تجريب مقاتلات سوخوي 35، ومروحيات مي-35 القتالية الحديثة، واعترف رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي (فاليري غيراسيموف)، أنه تم تجرّيب 200 سلاح جديد في سوريا.

وبعملية حسابية سريعة نجد أن داريا لا تبعد عن مركز العاصمة #دمشق أكثر من 8 كم، هذا من جهة الغرب والأمر ذاته مع دوما وحرستا وعربين ومسرابا في الشرق ومخيم اليرموك وفلسطين في الجنوب، وبالتالي فإن الوحدات السكنية في دمشق باتت مهددة بكاملها، والأمر بكل تأكيد أكثر سوء في باقي المدن والمحافظات.

تغيير ديمغرافي ممنهج

وبالعودة لتقرير “هيومن رايتس ووتش” والصور المرفقة له التي تظهر أحياء #القابون، وعمليات الهدم الواسعة التي طالته منذ أواخر 2017، بعد انتهاء القتال هناك، والتي تؤكد استمرار عمليات الهدم حتى بعد خروج الجيش الحر من هناك، تظهر بأن خسائر المنازل في ارتفاع وأن العدد في ارتفاع مطرد.

وهنا يؤكد المهندس (خالد الحسين)، أن عمليات هدم الأنفاق التي يتذرع بها النظام، والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم في المدن التي انتفضت في وجهه وتم تهجير أهلها بعد حصارهم وتجويعهم، هذه العمليات تندرج ضمن سياسة التغيير الديموغرافي والعمراني للمنطقة بأكملها، ولعل الذريعة الأبرز اليوم هي تفجير أنفاق “الجماعات الارهابية” ما هي إلا جزء من سياسة طمس معالم هذه المدن أمام أي منظمة دولية ستعنى بإعادة الحقوق لأهلها في مرحلة “إعادة الأعمار”.

أبو سعيد المعتقل السابق في سجون النظام، يؤكد أنه خرج من المعتقل بأعجوبة وبمبلغ مالي كبير دفعه لبيع حصته من محل تجاري في سوق الخجا، وشراء منزل صغير في نهر عيشة بعد أن كان يسكن في الزاهرة، مشيراً إلى أنه بات اليوم مهددا بالموت جراء سقوط قطعة اسمنتية من سقف منزله هو أو أحد أبناؤه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.