تعدد الزوجات بمناطق الشمال: نتائج مخيفة.. وحقوق مهدورة للزوجات.. والتنظيمات الجهادية هي المشجع الأكبر

تعدد الزوجات بمناطق الشمال: نتائج مخيفة.. وحقوق مهدورة للزوجات.. والتنظيمات الجهادية هي المشجع الأكبر

هاني خليفة – حماة

تزداد ظاهرة #تعدد_الزوجات بشكلٍ لافت في مناطق سيطرة المعارضة بالشمال، خاصةً بعد اندلاع الاحتجاجات في #سورية في آذار 2011، لتكون المرأة والأولاد هما الخاسر الأكبر من تلك الظاهرة، دون وجود أية قوانين تمنع ذلك تضمن الحفاظ على الأسرة ومكوناتها ومساندة كل طرف للآخر ضمن الأسرة في تحدي الظروف المعيشية التي يواجهونها.

ويوجد بعض المحرّضين على تعدد الزوجات في الشمال، غير مبالين بتهدّم عائلات بأكملها، خاصةً وأن الغالبية الساحقة من النساء لا تقبل بأن يتزوّج زوجها عليها. في حين يرى بعض الرجال أن لهم أعذارهم ومببراتهم في تعدد الزوجات.

وجهة نظر الطرفين في ظاهرة تعدد الزوجات

خالد الخضر (البالغ من العمر 38 عام من إحدى قرى ريف #حماة)، يقول لموقع الحل، “تزوجت من امرأة ثانية لعدم إنجاب زوجتي الأولى سوى ولد واحد ذكر والباقي بنات وأنا أيضاً وحيد لأبي وأمي، ونحن أبناء قرى ريفية نعتز بكثرة الأولاد، خاصةً وأنني ميسور مادياً ويحق لي شرعاً الزواج بأكثر من امرأة “، بحسب تعبيره.

أما مريم النوري (إحدى نساء بلدات ريف حماة تبلغ من العمر 33 عاماً)، أكدت أنها أصبحت مطلّقة منذ حوالي ثلاث سنوات ولديها ثلاثة أطفال أكبرهم عمرة خمس سنوات، وذلك “بسبب عدم قدرتها على تحمّل وجود زوجها مع امرأة أخرى في ذات المنزل، فهي لم تتوقّع أن يتزوّج زوجها من امرأة أخرى كونها تزوجته وتزوّجها عن حب مسبق، وتعمل الآن في إحدى مشاغل الخياطة في المنطقة من أجل أن تصرف على أولادها”. مشيرةً إلى أن “معظم الرجال لا يطبّقون الشريعة الإسلامية إلا بموضوع الزواج، متناسين هدم أسرهم وتشرّد أطفالهم في كثير من الأحيان”.

التنظيمات الجهادية تروّج لتعدد الزوجات وتقدّم مغريات

تعمل التنظيمات الجهادية، التي تسيطر على مساحات واسعة من الشمال السوري (أبرزها #هيئة_تحرير_الشام التي تعتبر #جبهة_النصرة نواتها)، على الترويج لقضية تعدد الزوجات، من خلال خطب المساجد والمكاتب الدعوية لديها والجلسات المتكررة مع الأهالي، وذلك من باب أن “الكثير من الرجال والشباب قُتلوا على الجبهات أثناء مقاتلتهم قوات النظام، وهؤلاء لهم زوجات وأبناء لا بد من وجود أشخاص آخرين يتزوجون من النساء ويرعون الأطفال”.

الناشط الإعلامي خالد الصالح، بيّن لموقع الحل، أن التنظيمات الجهادية “قدّمت الكثير من المغريات في الشمال حول قضية تعدد الزوجات، خاصةً لمن يتزوّج أرملة مقاتل، فالتنظيمات تدفع المهر وتؤمّن له المسكن وتدفع نفقة الأطفال (إن وجدوا)، فالمتقدّم للزواج لا يبقى عليه سوى العيش مع تلك المرأة، ما دفع الكثير من الرجال للزواج بامرأة أخرى، الأمر الذي تسبب بهدم الكثير من الأسر وتشرّد الاطفال وانتشار عمالتهم، بعد الزواج الثاني لأبيهم وعدم تحمّل أمهم للظروف المعيشية الصعبة، خاصةً وأن الرجل بمجرّد زواجه الثاني فإنه ينسى عائلته الأولى ويصبح الاهتمام الكامل لزوجته الثانية”، بحسب وصفه.

جرائم مخيفة وحالات انتحار سببها تعدد الزوجات

مصطفى العمر (من سكان إحدى قرى مناطق المعارضة بـ #سهل_الغاب غربي حماة)، يقول لموقع الحل، إن عدة جرائم تم ارتكابها لها علاقة بتعدد الزوجات، حيث أوضح أن “امرأة في إحدى قرى المنطقة لجأت إلى قتل زوجها بمساعدة أخيها وألقياه في بئر، فقط لأنه أراد أن يتزوج من امرأة ثانية”. مضيفاً أن “امرأة أخرى في قرية أخرى تجرّعت السّم لأن زوجها تزوّج امرأة أخرى وتم إسعافها إلى مشفى في المنطقة لإنقاذ حياتها”.

وأوضح العمر أن كثيراً من الرجال في المنطقة تزوّجوا على الرغم من تردي أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، وعند زواجهم أهملوا بشكل كلي الزوجة الأولى وأطفالها واهتموا بزوجتهم الثانية، لتعاني الأولى هي وأطفالها أوضاعاً صعبة فإما أن تصبح مطلّقة وينظر إليها المجتمع نظرة سيئة، أو تعمل هي وأطفالها ليعيشوا بعد إهمال زوجها لها بسبب زواجه الثاني.

لا حقوق للمرأة الثانية بمناطق المعارضة

المحامي سمير النعسان أفاد موقع الحل، بأن ظاهرة تعدد الزوجات لا تقف عند الزواج فقط، فتلك النساء أو الفتيات اللواتي يتزوجن من رجل متزوّج في مناطق سيطرة المعارضة لا يوجد ما يحفظ لهن حقوقهن، نظراً لعدم قدرة الزوجين على تثبيت زواجهما في سجلّات الدولة ولا يتواجد في جميع مناطق المعارضة بالشمال سجلات للأحوال المدنية في ظل الفوضى التي تعيشها المنطقة، حيث لا توجد إحصائيات ولو حتى تقريبية لنسبة تعدد الزوجات.

وشدّد النعسان على أن “الكثير من العائلات باتت تزوّج الفتيات راضيةً بالتعدّد، نظراً للظروف المعيشية الصعبة وعدم قدرة رب الأسرة على تأمين متطلبات المنزل والنفقة على أبنائه، ما يدفع الكثير من الرجال لتعدد الزوجات، نظراً لرخص المهر وعدم وضع أي شروط عليه”، بحسب وصفه.

الزواج الثاني من أبرز عوامل تفكك الأسرة وتشرّد الأبناء

ويشير أسعد الصافي (أخصائي بعلم الاجتماع)، إلى أن زواج الرجل من امرأة ثانية “يعد من أبرز عوامل تفكك الأسرة، ويدفع الأطفال إلى التسرّب من المدارس وإلى حمل السلاح أحياناً في صفوف فصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية لعدم وجود الأب”. مبيناً أن الزواج الثاني خلال سنوات الاحتجاجات في سوريا “أحياناً يكون استغلال للمرأة وفقرها، ولا حقوق لها لطالما زواجها كان عبارة عن عقد زواج عند رجل دين في المنطقة”. لافتاً إلى “وجود حالات عديدة لتجارب غير ناجحة لتعدد الزوجات ورغم ذلك فإن تلك الظاهرة تزداد بشكلٍ لافت في الشمال”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.