عشرات آلاف الخريجين سنوياً.. هل تستطيع حكومة النظام تأمين فرص عمل لهم؟

عشرات آلاف الخريجين سنوياً.. هل تستطيع حكومة النظام تأمين فرص عمل لهم؟

منار حداد – الحل

منذ السنوات التي سبقت الثورة السورية، كانت #سوريا تعاني من شرخ كبير بين عدد خريجي #الجامعات سنوياً، وعدد الموظفين الذي يتم استيعابهم في الجهات العامة والحكومية بشكلٍ سنوي أيضاً.

جاء هذا الشرخ جراء السياسات الخاطئة للنظام بحكوماته المتعاقبة، سواء قبل الثورة أو بعدها، ما جعل الحصول على وظيفة حكومية لخريجي الجامعات السورية حلم صعب المنال، ومستحيلاً في بعض الأحيان، الأمر الذي دفع هؤلاء الخريجين، إمّا للانخراط في أعمال وحرف أخرى لا علاقة لها بشهاداتهم، أو الخروج من البلاد بحثاً عن فرص عمل بمجالات دراستهم.

برنامج يوفر ١٠٠٠ فرصة عمل

في السابع من شهر أيلول الماضي، أعلن مدير مرصد سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل (محمود الكوا)، عن برنامج يستهدف في مرحلته الأولى توفير ١٠٠٠ فرصة تدريب بمكان العمل للخريجين المقبولين من مختلف الاختصاصات الجامعية ما عدا (كليات الطب والهندسة).

وقال الكوا: “إن البرنامج يقوم بتزويد الخريجين الجدد المقبولين بالخبرات والمهارات العلمية من واقع العمل، وذلك خلال فترة التدريب الممتدة على ستة أشهر يتقاضى خلالها المتدرب مكافأة شهرية قيمتها خمسة وعشرون ألف ليرة بدءاً من تاريخ مباشرتهم لدى الجهات المفرزين إليها”.

وبيّن كوا أن البرنامج يعد أحد الحزم الاستهدافية التدخلية لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وذلك لمواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل ومتطلباته وللوصول والنفاذ بشكل أكبر لسوق العمل.

وأسّس النظام هذا البرنامج، بهدف ما وصفه بـ “دعم الخريجين الجدد من الجامعات والمعاهد السوري بالتعاون مع وزارة التعليم العالي”، حيث يشمل البرنامج خريجي عام 2016 و 2017 ويتم التسجيل عليه في الجامعات وفي جميع المحافظات.

ولكن في مقابل هذا البرنامج الذي يسعى لتوفير ١٠٠٠ فرصة عمل، تُقدّر وزارة التعليم العالي عدد خريجي مجمل الجامعات السورية بنحو ٥٠ ألف طالب وطالبة سنوياً، بحسب ما صرّح به وزير التعليم العالي في حكومة النظام (مالك علي)، وهو ما يشير إلى حجم الشرخ بين عدد الخريجين والشواغر المتاحة أمامهم.

التوظيف في سن الكهولة

يوضّح الباحث الاقتصادي (يونس الكريم)، أن التجربة السورية بالتعليم والتوظيف تشبه التجربة الهندية، فهي تقوم على تدوير الطلّاب في المدارس والجامعات إلى أطول مدّة ممكنة من أجل إبعاد مسؤولية توظيفهم قدر الإمكان.

وقال، “في سوريا يقوم النظام بامتصاص الأيدي العاملة لسنوات طويلة بالتعليم لتكون فترة العمل قصيرة جداً، حيث يتعلّم الطالب السوري ١٦ عاماً بين المدرسة والجامعة، ثم ينتقل للخدمة العسكرية لمدّة سنتين، وبعدها يأخذ راحة قبل الدخول في الحياة العملية، ما يجعل معظم السوريين الدارسين غير منتجين فعلياً قبل سن ٣٠ عاماً” مؤكّداً أنّه كان النظام يتبع هذه السياسة من أجل إبعاد مسؤولية توظيف الخريجين عنه.

وأضاف الكريم، “صحيح أن القطاع الشبابي في #سوريا هو الأكثر نسبةً في المجتمع ولكن فترة الإنتاج كانت في سن الكهولة بين ٣٠ و٥٠ عاماً، مشيراً إلى أن التوظيف في سوريا يقوم على ثلاث مراتب “الإدارة، والوظائف الإدارية ووظائف الخدمات” وكانت الشريحة الأكبر تتوظّف في قطاع الخدمات.

ويستحضر الكريم إعلان مصرف التسليف الشعبي، في عام ٢٠٠٨،  عن فتح باب التوظيف بـ ٣٦ شاغراً، تقدّم لها عشرات الآلاف، ثم رفع عدد الشواغر إلى ٦٠ ولكن ليس من أجل استيعاب أكبر عدد من المتقدّمين، بل من أجل استيعاب عدد الواسطات التي جاءت لهذه الوظيفة.

حلول غير ناجحة

ويؤكّد الكريم، أن سوريا كانت فقيرة أصلاً بسبب الرشاوي والفساد، ما جعل الدخل في معظم المهن يتساوى سواء للمتعلّمين أو لأصحاب المهن، ما دفع الشباب الذين يملكون شهادات تعليمية ولا يجدون وظائف إلى العمل في القطاعات المختلفة، موضحاً أن النظام كان يدخل الخريجين الجامعيين باهتلاكات عمرية لأّنه غير قادر على القيام بمسؤوليته تجاههم.

ومن الأساليب التي اتبعتها حكومة النظام من أجل إيجاد حل لزيادة حملة #شهادات العاطلين عن العمل، القيام بعمليات توظيف عشوائي في الدوائر الحكومية فباتت المؤسّسة التي تستوعب ٢٠٠ موظف، فيها ٢٠٠٠ موظّف، حتّى بات بعض الموظفين لا يجدون كراسي وطاولات للجلوس عليها، بحسب الكريم.

وأوضح أن ما زاد من هذه المشكلة، هو تراجع العملية التعليمية وزيادة عدد الطلّاب في الجامعات والمدارس ما أثّر على هذه العملية، التي لم تعد قادرة على تلبية احتياجات السوق وحصل شرخ بين متطلّبات سوق العمل والخبرات الموجودة لدى الخريجين الجامعيين، ما ساهم بتفاقم مأساتهم، حيث أن شهاداتهم لم تنفعهم بالعمل من جهة، وهم أصلاً لا يملكون قدرة على العمل بالحرف من جهةٍ اخرى.

ولفت الكريم إلى أن النظام أوجد مكتب التشغيل، وبدأ بعمليات توظيف برواتب لا تزيد عن ٧ آلاف ليرة شهرياً قبل الحرب، إضافةً إلى تنشيط تمويل المشاريع متناهية الصغر والتي تحصل على تمويل قدره ٢٠٠٠ دولار أمريكي فقط وكل ذلك في محاولة لردم الفجوة بين عدد الخريجين ومتطلّبات السوق ولكنه لم ينجح بذلك بسبب الانفتاح الرأسمالي الذي شهدته سوريا بعد عام ٢٠٠٥.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.