روسيا تحاول حلها وإيران تمولها.. مامصير المليشيات الموالية للنظام بعد تعاظم نفوذها؟

روسيا تحاول حلها وإيران تمولها.. مامصير المليشيات الموالية للنظام بعد تعاظم نفوذها؟

حسام صالح

لعبت “المليشيات” التي شكلها النظام خلال معاركه مع المعارضة حجر أساس يعتمد عليها طوال السنوات الماضية، في عمليات القتال والاقتحامات كتشكيل غير نظامي في ظل النقص في قواته، لكن ما إن توسعت مناطق سيطرة النظام واستعادته مساحات واسعة من المعارضة، طفت إلى السطح أنباء تتحدت عن نيه النظام حل ما أسماها “القوات الرديفة”، والتي تتشكل من عشرات المليشيات المسلحة التي كانت تقاتل إلى جانبه، وذلك بتوجيه روسي للحد من حالة الفوضى والفلتان الأمني الذي تعيشه المناطق التي تتواجد فيها هذه المليشيات.

قد لا يبدو “حل المليشيات” أمراً سهلاً، فالعديد من المليشيات المنتشرة في ريف دمشق وحمص والساحل وحلب، زادت قوتها وتوسعت سطوتها، بل باتت في كثير من الأحيان تتقاتل فيما بينها، لأسباب متعددة (السيطرة على مراكز النفط كما حدث في دير الزور) أو (الاستيلاء على منازل المهجرين كما حدث في حلب) أو (للسيطرة على منافذ التهريب في ريف حمص)، في الوقت الذي لم يحسم النظام خياراته بعد فيما إذا كان ينوي دمج هذه الملشيات في جيشه، أم سيكتفي بحلها.

رغبة روسية
منذ زيارة رئيس النظام بشار الأسد لروسيا في 17 أيار من العام الجاري، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غيّر النظام موقفه من العديد من القضايا، كان أبرزها موضوع المليشيات الموالية التي كانت تقاتل في صفه، حيث ترى موسكو بحسب المحللين الروس أن هذه المليشيات لم يعد لها دور بعد بسط النظام سيطرته على المناطق التي تتواجد فيها، وخصوصاً في العاصمة دمشق وريفها، وهو ما شوهد فعلياً على أرض الواقع من قيام الشرطة الروسية في تسلم زمام الأمور،كمقطع الفيديو الذي يظهر قيام الشرطة الروسية باعتقال عدد من عناصر “الدفاع الوطني” في ريف دمشق لقيامهم بعمليات “التعفيش”.
واستدرك النظام خطورة هذه المليشيات مؤخراً أيضاً، وبدأ يرى أن تعاظم نفوذها سيشكل خطراً قد يحولها إلى سلطات موازية له أو بمعنى “دولة داخل دولة”، فصدر قرار بإيقاف عمليات التطوع داخل المليشيات، على أن يتم تخيير المتطوعين فيها بين تسوية وضعهم وتطويعهم في صفوف جيش النظام أو في صفوف (الفيلق الخامس اقتحام) بشكل رسمي، الذي تموله روسيا، أو من لايرغب منهم بإنهاء عقده وعودته للحياة المدنية شرط ألا يكونوا مطلوبين للخدمة الاحتياطية أو الإلزامية، لكن لحد الآن لم يتم تنفيذها على أرض الواقع لاعتبارات تتعلق بالدعم الإيراني للعديد من هذه الميليشيات ولا سيما “الدفاع الوطني” التي تتلقى التدريبات والتمويل من إيران بشكل مباشر.

ماهي أبرز المليشيات؟
نشر موقع ” “Middle East Eye البريطاني تقريراً مفصلاً حول خريطة المليشيات، وتشكيلاتها المتعددة وتوزع ولائها بين النظام وإيران، فهناك مليشيا “الدفاع الوطني، والمجموعات التي أسسها رجال الأعمال “جمعية البستان” التابعة لرامي مخلوف، وبعض المجموعات الممولة من جانب المنظمات الدينية “قوات الغضب المسيحية”، والمليشيات التي أسسها حزب البعث “كتائب البعث”، والمليشيات القبلية “صقور الفرات”، والمليشيات التابعة للجيش أو المخابرات “قوات النمر” سهيل الحسن.
ولعل المليشيا الأبرز، التي بدأ النظام فعلياً بحلها كانت، مليشيا “صقور الصحراء” التي أسسها رجل الاعمال محمد جابر قريب بشار الأسد، بمساعدة أخيه أيمن جابر المشرف عليها، والتي كانت مكلفة بحماية المنشآت النفطية، لكن النظام استخدمها في عدة جبهات، حيث تعمل هذه الميليشيا بمنطق العصابات، ويترأّس كل مجموعة شخصٌ مُقرّب من أيمن جابر، إلى أن قام النظام قبل أشهر بمساعدة المخابرات الجوية في اللاذقية بمداهمة مراكز المليشيات ومصادرة العربات المصفحة التي تمتلكها، وأجهزة الكومبيوتر التي يمتلكها، والتي كانت فعلياً أقوى المليشيات في منطقة الساحل السوري.

وبخصوص مدينة حلب، تنتشر مليشيات عشيرة “آل بري” التي تسيطر على حلب الشرقية، والتي دخلت في معارك الشهر الماضي مع مليشيات “كفريا والفوعا” التي تم تهجيريهم منذ أشهر وسكنت في عدد من الأحياء التي تسيطر عليها مليشيا “آل بري”، حيث كان الخلاف بينهم هو استيلاء مليشيات “كفريا والفوعا” على بعض المنازل في مناطق نفوذ “آل بري” ورفضت الخروج من تلك المنازل، ما أدى لاندلاع الاشتباكات واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والدبابات وخلفت قتلى بين الطرفين.
في حماة أيضاً، قسمت المنطقة إلى 3 مناطق نفوذ، أولها مليشيا “أحمد الدرويش” العاملة في ريف حماة الشرقي، ومليشيا “علي الشلة” العاملة في ريف حماة الغربي، ومليشيا “طلال الدقاق” في حماة المدينة، والتي تتبع جميعها لفرع “الأمن الجوي”، ومليشيات “درع الأمن العسكري” المنتشرة أيضاُ في حماة وحمص، حيث تشير مصادر لموقع الحل أن النظام بدأ بسحب البطاقات الأمنية والعربات الممنوحة إليهم، وتسليم نقاطهم والحواجز الخاضعة لسيطرتها لوزارة الداخلية.
لكن المصادر أكدت أن “عقب هذه عمليات التصفية لتلك المليشيات، انتشرت عمليات الخطف والقتل والسرقات، في تلك المناطق، من قبل العناصر ذاتها، لإيهام النظام بأنهم المسيطرين فعلياً على أمن تلك المناطق، وبعلم من ضباط النظام الأمنيين الذين ما يزالوا يؤمنون الغطاء الأمني والحماية لعناصر مليشياتهم”.

هل ينجح الدمج بالفيلق الخامس؟
لعبت المليشيات المساندة للنظام دوراً بارزاً في منع النظام من السقوط، لكنها في ذات الوقت عملت بصورة مستقلة، وأستباحت المناطق التي تتواجد فيها وأصبحت الحاكم الفعلي، ولم يقتصر عملها على الجانب العسكري فقط، بل بعمليات التهريب والخطف والابتزاز والنهب، ما أدى في كثير من الأحيان إلى صدامات واقتتال فيما بينها وخلافات على توزيع “غنائم الحرب” ومناطق النفوذ أيضاً.

لاشك أن النظام بحسب محللين استطاع حل العديد من المليشيات بمساندة روسيا في العديد من المناطق التي استطاع فرض سيطرته عليها، كالمليشيات التابعة لكتائب البعث، وأيمن جابر، والعديد من الميشيات الصغيرة، وخير عناصرها بين تسوية أوضاعهم القانونية، إما بالالتحاق بالفيلق الخامس، أو العودة إلى أعمالهم العادية، إلا أن المشكلة الحقيقة تتمحور في المليشيات الكبيرة “الدفاع الوطني” ذو الدعم الإيراني المطلق، والمليشيات التي تسيطر على المناطق البعيدة نسبياً عن سلطة النظام.
يصعب التنبؤ حالياً بمصير عشرات المليشيات التي تشكلت بدعم وتسهيلات من النظام، ويحاول حالياً التخلص منها، خصوصاً مع اختلاف تبعيتها أيضاً وبالتالي سيكون هناك تضارب في مصالح تلك المليشيات وصلاحياتها، يصعب التحكم فيها، فالأمر لايتعلق بمليشيا تسيطر علي حاجزين وتملك عدد من العربات، بل الحديث يدور عن المليشيات الممولة من الدول والتي توازي قوتها قوة “الجيش النظامي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.