في بعض أسباب زواج اللاجئ السوري من المجتمع المضيف

في بعض أسباب زواج اللاجئ السوري من المجتمع المضيف

منار حداد – الحل

أدّى اللجوء السوري في الدول الأوروبية تحديداً، إلى حدوث تقارب بين المجتمع السوري في هذه الدول، وبين المجتمعات المضيفة لهم، ما مهّد الطريق أمام حدوث حالات زواج بين سوريين أو سوريات، وبين مواطنين من هذه الدول.

الظاهرة كانت متوقّعة، ولا سيما مع حدوث تجارب مشابهة في الدول الأوروبية، عندما قدمت إلى هناك جاليات عربية غير سورية، كالفلسطينية والعراقية وغيرها، دوافع مختلفة يقبل بسببها سوريون على الزواج من نساء في البلدان التي يلجؤون إليها، منها ما له علاقة بصعوبة الارتباط بين السوريين والسوريات بسبب ابتعاد المسافات بينهم، وقرارات تعقيد لم الشمل، وعدم قدرة اللاجئ على التنقل بين الولايات المختلفة في بعض الدول، وأخرى لها علاقة بالحصول على الوثائق، وذلك وفقاً لإجابات لاجئين في أوروبا على أسئلة طرحها موقع “الحل”.

ارتفاع مهر وعنصرية

لا توجد إحصاءات رسمية أو حتّى غير رسمية حول عدد حالات زواج السوريات والسوريين من مواطني الدول التي لجؤوا إليها في أوروبا، ولكن تظهر حالة غالبية اللاجئين، أن تعقيد عمليات لم الشمل حالت دون قدرة التواصل بين السوريين والسوريات من هم في أوروبا مع أقرانهم خارجها سواء داخل سوريا أو خارجها.

وتزامناً مع صعود الأحزاب اليمينية لتحكم في عدّة دول أوروبية، شهدت قوانين لم الشمل عملية تعقيد غير مسبوقة ما جعلها أمراً شبه مستحيل، الأمر الذي دفع بعض الشبّان للبحث عن شريكاتهنَّ من مواطني ومواطنات الدول المستضيفة.

كان قراراً سهلاً بالنسبة للاجئ السوري علاء (٢٩) الارتباط بفتاة فرنسية، ويقول إنّهما تزوّجا بعد أن لاحظا تقارباً بالأفكار فيما بينهما.

تعرّف علاء على “جيلي” الشابة الفرنسية (٢٤ عاماً) في أحد ضواحي العاصمة الفرنسية #باريس، كانت تساعده على ترجمة بعض الوثائق، وما لبثت العلاقة أن تطوّرت فيما بعد لتتكلّل بالزواج.

زواج علاء من الشابة الفرنسية جاء عقب عدّة أشهر من فشله بالزواج من شابّة سورية تعيش في باريس مع عائلتها، ويقول علاء إن والد الشابّة السورية طلب منه مهراً قدره ٣٠ ألف يورو على أن ُدفع قبل الزواج (مُعجّل)، إضافةً إلى ٢٠٠ غرام من الذهب وضرورة أن يكون لديه عملاً ثابتاً.

يتحدّث علاء عن سؤال غريب طرحه عليه والد الفتاة، حيث سأله عن طريقة قدومه إلى فرنسا، وعندما أبلغه علاء أنّه قدم عبر البحر، رد والد الفتاة بأنه جاء مع ابنته بالطائرة عن طريق الأمم المتحدة لكنه أردف: “لا يوجد مشكلة لدي رغم كونك جئت تهريباً”.

وعلى غرار علاء، برزت مؤخّراً ظاهرة “المهور المرتفعة” في أوروبا، وباتت حديث معظم الشباب هناك، حيث يطلب أهالي الفتيات أرقاماً فلكية بالنسبة للاجئ قدم لتوّه ويعيش على المساعدات ويطمح بتأسيس حياةٍ جديدة، ويختم علاء أنّه يشعر براحة تامة وتفاهم مع زوجته الفرنسية، وأنّهما تجاوزا كل الاختلافات الثقافية.

صعوبة لم الشمل

أشرف الخلف خرج من الحصار في حمص نحو الشمال السوري ثم إلى أوروبا ليبدأ بتأسيس حياته هناك، ولكن حالة أشرف كانت مختلفة تماماً، فما دفعه للزواج من امرأة من مواطني الدولة المستضيفة “ألمانيا” هو فشله بعملية لم شمل خطيبته في مدينة حمص لعدّة سنوات.

ويقول الخلف إن علاقة حب تربطه بخطيبته السابقة كانت مستمرّة منذ مرحلة ما قبل الثورة، ولكنّها لم تكلّل بالنجاح بسبب صعوبة لقاء طرفيها في مكان آمن على هذه الأرض.

بعد وصوله إلى أوروبا، فشل أشرف عدّة مرات بتقديم طلب لم الشمل، ويقول إن الصعوبة كانت بتأمين وثائق الزواج من مؤسسات النظام إضافة إلى تعطيل الحكومة الألمانية لقانون لم الشمل، ثم تأجيله عدّة سنوات حتى اتخذ قراراً مع خطيبته بالانفصال.

وشهدت السنوات الماضية، صعوداً متسارعاً للأحزاب اليمينية لتحكم عدّة دول أوروبية، الأمر الذي أدّى لتغييرات في سياسة هذه الدول تجاه اللاجئين، ومن بينها تقييد لم الشمل وجعلها أمراً صعباً.

ويوضّح الشاب أنه عقب انفصاله بعدّة أشهر، بدأ العمل في متجر للخيوط في مدينة بريمن، وهناك تعرّف على شابة ألمانية تصغره بعامٍ واحد، حيث تزوّجا بعد عدّة أشهر من المعرفة.

ويعتبر الخلف أن الزواج من امرأة اجنبية أمراً جيداً كونه يتيح للشخص أن يعيش تجربة جديدة ويتعرّف عن قرب من ثقافة أخرى وهو ما يتيح التنوّع للأولاد المستقبليين حسب تعبيره.

الفوز بالوثائق والهروب من الترحيل

وعلى غرار علاء وأشرف، فإن هناك أسباباً أخرى تدفع لاجئين سوريين للزواج من مواطنات أجنبيات في مجتمعات الدول المستضيفة، ويأتي على رأسها إمكانية أن يساعد ذلك اللاجئ في الحصول على وثائق نظامية كالجنسية والإقامة الدائمة، فضلاً عن شرعنة وجوده على أراضي الدولة المستضيفة، حيث ظهرت عدّة حالات زواج من هذا النوع.

إضافةً لذلك فإن هناك سبباً آخر يتعلّق بالوثائق، وهو رفض طلب اللجوء، أو منح اللاجئ حماية فرعية مؤقّتة ما يجعل مصيره مهدّداً بالبلد المستضيف، وهو ما يدفع اللاجئ لمحاولة ضمان بقائه عن طريق الزواج من مواطنة أجنبية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.