الموافقة الأمنية وأفضلية أبناء القتلى.. ينسفان مرسوم العفو بالنسبة للموظفين

الموافقة الأمنية وأفضلية أبناء القتلى.. ينسفان مرسوم العفو بالنسبة للموظفين

جلال بكور

“كل قانون أو مرسوم يصدره بشار الأسد يبقى حبرا على ورق ولا يعمل به إذا كان معارضا لمصالح مؤيديه المنخرطين في الدفاع عنه” يقول “عدي الحمد” خريج كلية الحقوق في جامعة البعث.
تقدم “عدي” عدة مرات لمسابقة توظيف لدى حكومة النظام في حمص، ونجح في امتحان الوظيفة عام 2013، إلا أنه رفض في المرة الأولى بسبب طلب الموافقة الأمنية منه، حيث كان عليه الذهاب إلى فرع أمن الدولة للحصول على تلك الموافقة ولم يقدم على ذلك خوفا من الاعتقال.
وفي عام 2014 صدر قرار من النظام ينص على إعفاء طلاب كلية الحقوق من الموافقة الأمنية ونجح “عدي” أيضا في امتحان مسابقة الوظيفة، وعين في جامعة البعث إلا أنه لم تمض سنة على توظفيه حتى داهمت منزله دورية من الشرطة العسكرية بهدف سوقه إلى الخدمة العسكرية، ليقوم بالفرار عن طريق المهربين خارج مناطق سيطرة النظام.

وأضاف “عدي” لموقع “الحل” أن الكثير من المتقدمين إلى الوظائف نجحوا لكنهم لم يوظفوا مرجعا السبب إلى إصدار القانون رقم 36 لعام 2014، والذي قضى بحجز نسبة خمسين بالمائة من الوظائف لمن يوصفون بأنهم “ذوي الشهداء ومن في حكمهم”.

وأوضح أن أولئك يتم إعطاؤهم الأسئلة قبل امتحان المسابقة ليبدو نجاحهم مطابقا “لأحكام قانون العاملين الأساسي رقم 50 لعام 2004 وتعديلاته”، ولاحقا تم إصدار قانون تحت مسمى “المرسوم رقم 22 لعام 2017 القاضي بتعديل المادة الثانية من القانون 36 ليتم بموجبه منح “أبناء الشهداء” درجات زيادة “تثقيل العلامات” وبالتالي تم قوننة عمليات الغش التي كانت تتم في السابق، كما منح القانون “أخوة وأخوات وزوجة الشهيد” حق الحصول على الوظيفة.

وفي السياق ذاته، قال مصدر مطلع على عمل “وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل” في حكومة النظام لموقع “الحل” إن مؤيدي النظام باتوا المسيطرين على الوظائف بنسبة تتجاوز الثمانين في المائة من عموم وظائف الدوائر الحكومية، وخاصة الجامعات والمدارس والشركات العامة، ضاربا مثلا بكادر التدريس من حملة الدكتوراه في جامعة “البعث” بحمص حيث أصبحت نسبة العاملين من المؤيدين للنظام تتجاوز التسعين في المائة بينما كانت في السابق لا تتجاوز الثلاثين في المائة.
وأوضح أنه في الوقت الحالي وبالنسبة لأي امتحان مسابقة توظيف هناك شرط رئيسي هو إتمام الخدمة العسكرية، وتعطى أفضلية التوظيف لأقرباء وأبناء القتلى والجرحى في قوات النظام والميليشيات التابعة له.
ويضيف المصدر أن رئيس النظام يصدر مراسيمه ويصدق عليها في مجلس الشعب، لكن دائما ما تكون حرية التنفيذ مناطقة بالفروع الأمنية، والتي ترسل أسماء ناجحين قبل إجراء المسابقة، وتلك الفروع تعمل كل منها بحسب الضابط الذي يقودها.
وأضاف المصدر أن أعضاء اللجان القائمة على التوظيف دائما ما يتذرعون بنص المادة في “القانون رقم 50 لعام 2004 نظام العاملين الأساسي في الدولة” والتي تشترط في أن يكون الموظف غير محكوم بجناية أو جنحة شائنة أو مخلة بالثقة العامة، وبالتالي على من يريد أن يحصل على وظيفة جلب ورقة لا حكم عليه أو موافقة أمنية، وإن كان غير مطلوب للعسكريّة.

الاحتياط والعمل
ولا يزال الغموض يكتنف المرسوم “18 لعام 2018” الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد والذي يمنح بمقتضاه عفوا عاما عن كامل “العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكرية”.
ويستثني ذلك المرسوم وفق نصه الوارد على وكالة الأنباء الرسمية “سانا” من وصفهم بـ”المتوارين عن الأنظار والفارين من وجه العدالة”، مستدركا “إلا إذا سلموا أنفسهم خلال أربعة أشهر بالنسبة للفرار الداخلي وستة أشهر بالنسبة للفرار الخارجي من تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي.” وبالتالي فإن أي من المطلوبين لـ”الخدمة العسكرية أو الاحتياطية” سواء كانوا في مناطق النظام أم خارجها يجب عليهم تسليم أنفسهم كي يشملهم مرسوم العفو.
وتلك النقطة في المرسوم تعيدنا إلى التساؤل عن جدية النظام وعن مدى صدقه وهو من غدر بكثير من المنشقين والفارين بعد تسليم أنفسهم.

ويقول “محمد الحمصي” المنحدر من حي الوعر إن النظام حتى اليوم لم يف بوعده بالسماح للموظفين بالعودة إلى وظائفهم، كذلك في ريف حمص الشمالي، ومعظمهم مطلوبين للخدمة الاحتياطية، مؤكدا على أن النظام طلب من أولئك الموظفين الذهاب إلى فرع الأمن العسكري في حمص وجلب ورقة الموافقة الأمنية.
وأكد الحمصي على أن تلك الورقة طلبها النظام من الموظفين المدنيين ومن العسكريين المنشقين، مشيرا إلى أنه سجلت عدة حالات اعتقال طالت عددا من الشباب والرجال أثناء توجههم إلى مدينة حمص لجلب الورقة ومازال مصيرهم مجهولا.

ويتعارض المرسوم مع القرار الذي صدر في أيلول الماضي والذي يمنع المواطنين من التقديم إلى الوظائف الحكومية دون جلب ورقة تثبت “تأدية الخدمة الإلزامية”، وتلك الورقة هي “دفتر خدمة العلم” أو ما يعرف بين السوريين بـ”دفتر العسكرية”.
وعلى إثر ذلك القرار قام النظام بإيقاف مئات الموظفين عن العمل وقطع مرتباتهم الشهرية، وبخاصة في محافظتي السويداء والحسكة، وذلك لعدم جلبهم أوراق تثبت التحاقهم بالخدمة العسكرية والخدمة الاحتياطية.
وأكدت مصادر عدة من محافظة السويداء لموقعنا، أن النظام لم يعد أيا من المفصولين إلى عمله أو وظيفته في السويداء.
وتشير تصريحات نقلت عن مسؤول في جيش النظام إلى أن الذين أتموا الخدمة الاحتياطية سيكون لهم الأفضلية في التوظيف في الدوائر الحكومية، حيث صرح رئيس “دائرة التجنيد الوسيطة” لدى إدارة التجنيد العامة التابعة للنظام السوري، العميد عماد الياس، في لقاء أجرته معه إذاعة “المدينة FM” بأن كل من التحق بخدمة الاحتياط سيتم تسريحه وسوف يتمتع بامتيازات أكثر ممن لم يلتحق”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.