الدراجات النارية في دير الزور.. وجه للعمل وآخر للموت

الدراجات النارية في دير الزور.. وجه للعمل وآخر للموت

حمزة فراتي – ديرالزور

شهد عموم محافظة #ديرالزور خلال الآونة الأخيرة، انتشاراً واسعاً للدراجات النارية، ولم يعد الأمر مقتصراً على الاستخدام الشخصي أو هواة ركوبها فحسب، بل وصل إلى منعطف جديد يحمل هوية تجارية، ويتحول إلى مصدر دخل يومي لبعض الشباب العاطل عن العمل، أو من يرغب بتحسين دخله اليومي، إلى جانب استخدامها بشكل أساسي لشريحة كبيرة من أبناء المحافظة، لقضاء أعمالهم اليومية،

“الدراجات النارية وسيلة نقل ومواصلات رخيصة وسهلة الاستعمال مقارنة بتكلفة التنقل بسيارة أجرة أو سيارة خاصة، بين الريف والمدينة أو بين أحياء المدينة المأهولة أو التنقل بين القرى والبلدات في الريف، وذلك بحسب محمد الصويلح 32 عاماً (من مدينة ديرالزور) والذي أشار أيضاً إلى الشريحة الأوسع لمستخدميها، وهم أصحاب الدخل المحدود والفقراء والمستضعفين في الأرض من العمال والموظفين والفلاحين وغيرهم، وخاصةً في الأرياف التي نزح غالبية قاطنيها خلال الحرب التي شهدتها المنطقة قبيل خروج تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) منها.

وقد ارتفعت أسعارها، حيث يبلغ سعر الدراجة الجديدة 450 ألف ليرة، والمستعملة كحدٍ أدنى، 175 ألف وحسب نظافتها، وهي ليست وسيلة نقل فردية فقط، بل تنقل أيضاً أسرة بكاملها، كما وتُنقل عليها أكياس السماد والبذار وغيرها من مستلزمات المزارع، وفق قوله.

حضور يومي في الشوارع وأزقة المدينة

باتت الدراجات النارية في الأحياء المأهولة (#الجورة و#القصور و#هرابش)، تسجل حضوراً يومياً في شوارعها وأزقتها، يكاد يفوق حضور البشر وخاصة بعد عمليات التعفيش الأخيرة التي شهدتها غالبية المناطق التي دخلتها قوات النظام في قرى وبلدات الريف الشرقي، حيث تم نقلت غالبية الدراجات النارية المعفشة إلى داخل تلك الأحياء، الأمر الذي لا يعد مقبولاً في أحياء تشهد أزمة ازدحام خانق في غالبية شوارعها التي تعج بالنازحين من مختلف الأحياء المدمرة، وفق الصويلح.

والذي أشار إلى دورها و كثرة استخدامها خلال السنوات الخمس الأخيرة امتداداً إلى وقتنا الحالي، وخاصةً على إثر تقطّع وسائل النقل الأخرى وقلتها وعدم انتظامها وقلة المحروقات وتوقف معظم الطرقات الرئيسية والفرعية عن العمل نتيجة الدمار الذي تعرضت له في وقت سابق، مشيراً إلى السبب الرئيسي لاستخدامها “وهو استهلاكها القليل”.

من جهتة أحمد الجاسم 28 عاماً (من ريف ديرالزور الشرقي) الذي يبحث عن دراجة نارية يشتريها، يقول إن “السيارات الزراعية (الجرار والتريلة والكية) والدراجات النارية أصبحت من مقومات الحياة الأساسية بالمنطقة بعد موجات النزوح والتعفيش التي تعرضت لها في أواخر العام الماضي، نظراً لاستخدامها اليومي والكبير، مشيراً إلى أن “أسعار بعضها وصل إلى 500 ألف ليرة سورية بسبب احتكار تجارتها من قبل تجار النظام وسماسرته، نزولاً إلى 120 ألف ليرة، لبعض الأنواع القديمة” وفق تعبيره.

ضحايا الدراجات

بعد فك الحصار عن أحياء مدينة ديرالزور في مطلع العام الجاري من قبل قوات النظام، وتوفر الوقود وفتح طرق المواصلات مع غالبية المحافظات الأخرى، إلى جانب انتعاش ظاهرة التعفيش ومنها تعفيش الدراجات النارية، تضاعف تعدادها بل واستخدمت في التعفيش حتى، وبالتالي ازدادت الحوادث وتضاعفت، رغم شكاوي الأهالي المتكررة، لكن ويل لمن يحتج أو يعترض على ذلك منهم بشكل مباشر فعددلابأس به مستخدميها بداخل الاحياء هم عناصر النظام والعناصر الموالية له، بحسب مالك الطوقان 44 عاماً (من سكان الأحياء المأهولة بديرالزور).

يتابع الطوقان حديثه لموقع الحل، قائلاً، إن “مع عودة الحياة التدريجية إلى بعض أحياء المدينة، ازدادت الحاجة لاستخدام الدراجة النارية في التنقل وقضاء الحاجة، في ظل شح المواصلات الأخرى وارتفاع أجورها إن توفرت، حيث يستخدمها الطالب وعامل الدولة وموظفيها والمواطنين بشكل عام، إلى جانب ازدياد الحوادث وخاصة للذين لا يخضعون للرقابة (عناصر المليشيات وعناصر النظام)، وما يزيد الأمر سوءاً قيام الأمن الجنائي التابع للنظام، بحملة تستهدف الدراجات النارية، لكنها لا تشمل عناصر النظام والمليشيات الموالية له، وإنما المواطنين العاديين فقط”.

حوادث كثيرة شهدتها أحياء المدينة خلال الأشهر الماضية، ما بين وفيات وإصابات خطرة ومزمنة، وهو الأمر الذي أكده الطبيب ع. أ 55 عاماً (من سكان الأحياء المأهولة) لموقع الحل، مضيفاً إلى وصول العديد من الحالات وبشكل يومي لحوادث خطرة سببت بها الدراجات النارية او كانت جزء منها.

وفي الشهر المنصرم، أصيب الشاب إبراهيم صافي 23 عاماً، من حي #هرابش، إصابة خطيرة كادت أن تؤدي بحياته، نتج عنها شلل جزئي أقعده طريح الفراش، حيث قالت والدة الشاب الحاجة أم إبراهيم 48 عاماً لموقع الحل، إن “ابني لم يكن يحب هذه المهنة ولكن صعوبة توفير لقمة العيش أجبرته على مواكبة الظروف والعمل سائق دراجة نارية تعود ملكيتها لعنصر من الدفاع الوطني في الحي.

وتابعت : الآن هو طريح الفراش، وعنصر الدفاع الوطني يطالبه بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بدراجته، وهذا يعد أمر مضحك ومبكي بنفس الوقت، وفق تعبيرها.

وأضافت: مؤسف جداً الحالة التي وصلنا لها في أحياء المدينة أن يرمي الشباب أنفسهم لأعمال خطرة لأجل توفير لقمة العيش، في وقت لا يوجد معيل أخر لأسرتهم سواهم.

حصار المدنيين في أعمالهم
يقول خ.ر موظف في أحد دوائر النظام لموقع الحل إنني “أسكن الآن في منزلي بداخل حي الحميدية رغم الضرر الكبير الذي تعرض له نتيجة القصف السابق، استخدم دراجة نارية للذهاب إلى العمل والعودة، وتمت مصادرتها من قبل الأمن الجنائي عنوة بدون تقدير لظروفي رغم شرحها لهم، فهي وسيلتي الوحيدة لنقل أطفالي إلى المدرسة ووصولي إلى وظيفتي، بينما عناصر الدفاع الوطني وعناصر النظام والعناصر من الجنسيات الأخرى من حملة السلاح، لا أحد يجروأ على الكلام معهم حتى، نحن محاصرين بعملنا وحياتنا إلى الآن ولم ينتهي الحصار باستمرار تلك التجاوزات” وفق تعبيره.

وحال ي.غ 22 عاماً (طالب في جامعة الفرات) مشابه تماماً لسابقه، يقول لموقع الحل، إنني “استخدم الدراجة النارية للوصول إلى الكلية فهي تقع خارج أحياء المدينة، نتشارك أنا وزميل لي في ثمن الوقود لتجنب استخدام المواصلات، فدراجتي غير نظامية، لكنها لا تحمل السلاح ولا تطلق النار، بل كتباً ودفاتراً، تم مصادرتها من قبل الأمن الجنائي، بينما من يتسبب بالحوادث والمشاكل علناً من عناصر النظام والمجموعات الأخرى من حملة السلاح مستثنون من ذلك ويختتم بقوله (خيار وفقوس المعاملة بداخل مناطق سيطرة النظام في عموم المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.