الأسد يساوم السويداء.. التجنيد أو مواجهة داعش

الأسد يساوم السويداء.. التجنيد أو مواجهة داعش

جلال بكور

يواصل “وفيق” التزامه الحي الذي يقطنه في مدينة السويداء، لم يغادر المدينة منذ مدة طويلة، خوفا من الاعتقال والسوق إلى التجنيد الإجباري في صفوف قوات النظام السوري.
“لا أريد أن أخسر أي شيء فداء للنظام بعد خسارتي دراستي وعملي” يقول “وفيق” (اسم مستعار) لموقع “الحل السوري”. مضيفا أن كل ما قام به النظام من تسهيل هجوم “داعش” على المحافظة وقتل وخطف مدنيين، ثم الحديث عن معارك وخسائر وطرد “داعش” من تلول الصفا في بادية السويداء، جاء بهدف ابتزاز أهالي المحافظة وإخضاع أبنائهم للتجنيد الإجباري، وفق تعبيره.

وقال الشاب : “لو أراد النظام أن يحمينا، فنحن لا نريد حمايته، نحن قادرون على حماية أنفسنا، لقد قاومنا داعش ولم يكن النظام موجودا، لكن النظام يريد حماية نفسه، وجعلنا محرقة، لن أذهب لأقاتل في إدلب أو حلب، عندما يهجم أحد إن كان داعش أو غيره على السويداء سأدافع عنها، وكل الشباب هنا مستعدون للدفاع عن السويداء، ولن أقبل بالقتال في مكان آخر مع أي طرف.”

وشن تنظيم “داعش” في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز الماضي هجوما على مدينة السويداء وريفها الشرقي، ما تسبب بمقتل وجرح العشرات، كما خطف التنظيم حينها 29 مدنيا جلهم أطفال ونساء أعدم التنظيم منهم أربعة وتوفيت شابة خلال الاحتجاز، فيما أفرج عن ستة منهم الشهر الماضي بموجب اتفاق تبادل أسرى مع النظام، وفي الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن النظام عن “تحرير” باقي المختطفين وزعم أن ذلك تم عبر عملية عسكرية.
وأعلن نظام الأسد قبل أيام تمكنه من طرد تنظيم “داعش” من منطقة تلول الصفا آخر الجيوب التي يسيطر عليها “داعش” في بادية السويداء، فيما لم يتم تحديد الوجهة التي سلطها عناصر “داعش”، ويشار إلى أن الاخير مازال يسيطر على جيوب في بادية حمص المجاورة مما يشير إلى احتمالية عودة التنظيم إلى المنطقة في وقت لاحق.

فيلق في السويداء
وهناك فيلق من الشباب والرجال في السويداء يحاول نظام الأسد جلبهم إلى بسطار التجنيد تحت إمرته، مستعينا هذه المرة بشيخ عقل طائفة الدروز الموحدين والمزاعم الإعلامية التي روج لها إعلام النظام عن عملية تحرير المختطفين من أهالي السويداء لدى “داعش”.
ويُقدّر عدد المطلوبين للخدمة العسكرية في صفوف النظام من أهالي السويداء قرابة ثلاثين ألف رجل وشاب بحسب مصادر محلية، وذلك ما يعادل فيلقا عسكريا مؤلفا من فرق في الجيوش المحترفة.

وفشل النظام منذ مارس آذار عام 2011 بإخضاع معظم شباب السويداء للتجنيد الإجباري حيث فر الكثير منهم إلى خارج سوريا، والتزم الباقون مناطقهم خوفا من الاعتقال على حواجز النظام خارج السويداء، في حين التحق جزء منهم بالميليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام، وبعضهم التحق بفصيل “رجال الكرامة” الذي التزم الحياد ورفض القتال إلى جانب نظام الأسد ضد المعارضة السورية.

وقام رئيس “مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز”، حكمت الهجري مؤخرا بدعوة شباب محافظة السويداء إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية، حيث زعم في بيان أن مرسوم العفو الصادر عن النظام مؤخرا يأتي في مصلحة المتخلفين لتسوية أوضاعهم.

الأمن أو التجنيد
وبدوره حمل بشار الأسد أهالي السويداء مسؤولية خطف “داعش” لمواطنين وقتل العشرات في الهجوم على المحافظة في تموز الماضي، وزعم أن التخلف عن الالتحاق بقواته تسبب بغياب “الجيش” عن المنطقة مما حال دون حمايتها والدفاع عنها.
ويحمل كلام بشار الأسد رسائل للسويداء بأن “داعش” قد يعود إلى مهاجمة المحافظة في وقت ما، ومن أجل الأمان وحماية المحافظة على الشباب الالتحاق بقواته.
وقبل ذلك عرض النظام على وفد من وجهاء السويداء أن يلتحق شبابها بالفيلق الأول والذي تنتشر قطعاته في ريفي دمشق والقنيطرة، وجاء ذلك العرض تزامنا مع التراخي في عمليات التفاوض مع “داعش” حول المختطفين، إلا أن العرض لم يلقى تجاوبا في السويداء.

انقسام؟!
وفي حادثة تشير إلى أن انقساما بدأ في السويداء حول التجنيد الإجباري وقد يؤدي إلى تزايد نفوذ النظام أكد مصدر لـ”الحل السوري” مفضلا عدم الكشف عن اسمه، أن لديه معلومات عن التحاق أكثر من مائة شاب من السويداء وريفها خلال الأسبوع الماضي بقوات النظام حيث تم نقلهم إلى شعبة التجنيد الواقعة في حي المزة بدمشق بعدما سلموا أنفسهم للنظام المتمركز في شعب التجنيد في “السويداء، شهبا، صلخد”.

وبدوره قلل الشاب “بهجت” الرافض للتجنيد الإجباري من أهمية ذلك مؤكدا على أن معظم شباب السويداء يتوافقون معه في الرأي بأن النظام يريد جرهم إلى مستنقع الدم لذلك يأبون الالتحاق بقواته قائلا: “الدليل على ذلك أن عدد المطلوبين للنظام يفوق الثلاثين ألف شخص فيما الملتحقون بالعشرات فقط”، مضيفا لموقع “الحل السوري: “الأمور في السويداء ليست سهلة على النظام، وما قام به شيخ الطائفة قام به تحت ضغوط، النظام لن يستطيع إجبار أحد على التجنيد ولا المشيخة أيضا، ولو أراد النظام أن يرضخ السويداء عليه أن يقتحمها، وسيرى حينها العجب من شبابها.”
وتابع: “إن عروض النظام مفادها أنكم لن تروا الأمن والأمان ما لم تعودوا إلى الخدمة العسكرية، وهذه مساومة رخيصة ومكشوفة لن تنجح في جر الشباب إلى الفخ.”

وأضاف أن شباب السويداء بات يعي تماما ما يدبر له من النظام مشيرا إلى أن العشرات من شباب السويداء قتلوا ضمن قوات النظام في دير الزور وريف حمص بينما كان النظام ينقل “داعش” من جنوب دمشق ووادي اليرموك إلى السويداء، مؤكدا على أنه “لو كان لدى النظام نية حماية السويداء لقضى على داعش ولم يسمح بنقلها إلى المحافظة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.