بعد التعفيش.. “التنحيس” ينتشر في ديرالزور ويطال ممتلكات الجميع

بعد التعفيش.. “التنحيس” ينتشر في ديرالزور ويطال ممتلكات الجميع

حمزة فراتي – ديرالزور

أفرزت سنوات الحرب الأخيرة التي عاشتها مناطق الصراع في #ديرالزور مصطلحات وممارسات عدة منها النهب والسرقة والتعفيش وغنائم الحرب والتشبيح وغيرها من مسميات أخرى، لم يكن ضحيتها ممتلكات أهالي المنطقة المدنيين فحسب، بل تجاوزتها لتصبح الممتلكات العامة مستباحة لهم بشكل كامل، ناهيك عن الفلتان الأمني والتسيب لانعدام المحاسبة من قبل مؤسسات النظام الأمنية، سواء في المناطق التي خرجت من تحت سيطرته أو حتى التي بقيت تحت سيطرته طيلة السنوات الماضية.

التنحيس!
المقصود به البحث عن معدن النحاس، فوق الأرض وتحت الأرض بل وبداخل الجدران حتى، حيث برزت هذه الظاهرة بعد انحسار ظاهرة التعفيش التي طالت كافة أملاك المدنيين في كافة المناطق التي دخلت عليها قوات النظام بعد خروج تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) منها، سواء في الريف أو المدينة.

محسن الصالح 30 عاماً (من أحياء مدينة ديرالزور المدمرة) تحدث لموقع الحل عن ظاهرة التنحيس، قائلاً، إن ” سابقة هذه الظاهرة هيا طاهرة التعفيش والتي لم يسلم حتى الحجر منها، حيث تمت بدون رقيب أو حسيب بل بغض الطرف أحياناً وبالتشجيع والحماية أحياناً أخرى فالقائم عليها عناصر من النظام ومليشيات موالية لهم أو سماسرة لهم” وفق قوله.
حيث جاءت ظاهرة التنحيس إكمالاً لسابقتها (ظاهرة التعفيش) لتطال أسلاك الشبكة العامة الكهربائية الأرضية والهوائية، وكذلك الشبكات والتمديدات الداخلية في منازل المدنيين بداخل الأحياء المدمرة، كما شملت أيضاً الأدوات الكهربائية التي تحتوي على النحاس، مهما كانت الكمية الموجودة فيها صغيرة أم كبيرة، كالمحركات والمولدات والتلفزيونات والحواسيب وغيرها، إذ يجري تحطيمها لاستخراج النحاس منها، ثمّ تأتي المرحلة الثانية، وهي حرق الكميات المجمعة للتخلص من المواد العازلة والبلاستيكية، ثمّ بيعها لتجار النظام سواء المتواجدين بداخل الأحياء نفسها أو خارجها في الأحياء المأهولة”.

لافتاً إلى “انتشار ظاهرة حرق المنازل المعفشة للتغطية على جرائم النهب والسرقة، حيث يستغل بعض تجار النظام، حاجة بعض العوائل الفقيرة أيضاً للعمل معهم، في جمع النحاس، دون الاكتراث للعواقب التي تحدث خلال ذلك، فبعض المنازل لاتزال مفخخة إلى الآن”.
بدوره تحدث ق.خ (أحد موظفي شركة الاتصالات السورية بديرالزور) لموقع الحل، عن تنظيم 14 ضبط سرقة كابلات نحاسية خلال ستين يوماً من البدء بالعمل في إعادة ترميم الشبكات المعطلة بداخل الأحياء المأهولة في بداية مايو الماضي، مؤكداً أن “الكابلات المسروقة في مدينة ديرالزور، تبلغ عدة كيلومترات وتقدر قيمتها بأكثر من 600 مليون ليرة”، موضحاً أن “السرقات تحدث ليلاً ويأتي العاملون في الصباح فلا يجدون الكابلات التي عملوا على تمديدها نهاراً”، منوهاً بأن “النحاس المسروق يباع بأثمان بخسة مقارنة بتكلفة الكابلات، وبشكل شبه علني في داخل الأحياء التي لم تخرج من سيطرة النظام مطلقاً” وفق قوله.

واقع مزري وتفاقم المآسي
فرغم فتح بعض الطرقات وترحيل الأنقاض بنسبة قليلة مقارنة بنسبة الدمار الكبيرة، لا تزال أحياء المدينة المدمرة ومناطق الريف الشرقي تفتقد للخدمات الأساسية وخاصة الكهرباء والصرف الصحي، وندرة الماء وعدم صلاحيته للشرب بسبب توقف معظم المحطات على العمل، إلى جانب ارتفاع أجور النقل وآجارات المنازل في داخل الأحياء المأهولة، ناهيك أيضاً عن تفاقم الفساد والرشوة والفوضى فيما يسمى بالدوائر الحكومية، بحسب المصدر ذاته.

تصريحات زائفة
تابع المصدر حديثه، قائلاً إن “مسؤولي النظام في المحافظة يصدرون بشكل دوري تصريحات لهم على وسائل الإعلام، عن تحسن الأمور واستقرار المنطقة، لكن هذه التصريحات مخالفة تماماً للواقع المزري الذي يعيشه أبناء المحافظة، بل لا تتعدى شاشة التلفاز حتى” وفق تعبيره.

ولعل آخر تصريح يثير الأسى هو لوزير إعلام النظام : أن نسبة الدمار في دير الزور لا تتعدى 5% وفي الأسبوع الذي تلى هذا التصريح، قام وزير التربية بزيارة لأحياء #الجورة و#القصور ولبعض المدراس فيها، حيث وزّع فيها بعض الحقائب المدرسية على الطلاب، وجرى تصوير ذلك، وكأن المدارس بخير وكافية، وتتوفر فيها المقاعد والمدافئ وكافة الأمور الأخرى، على مبدأ صورني فقط.. بينما غالبية مستلزمات العملية التربوية غير متوفرة، يختتم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.