“العتالة”..نساء من ديرالزور يدفعن ثمن قوتهن بمشقة جسدية واجتماعية

“العتالة”..نساء من ديرالزور يدفعن ثمن قوتهن بمشقة جسدية واجتماعية

حمزة فراتي – ديرالزور

أجبرت ظروف العوز والحاجة التي تعيشها معظم مناطق سيطرة النظام في #دير الزور بعض النسوة بداخل أحياء المدينة المأهولة مثل (#الجورة و#القصور)، العمل في مجال “العتالة” والتحميل والتنزيل أيضاً، ليخضن، أسوة بالرجال، صراع البقاء تحت تلك الظروف القاهرة.

تقف خلود 25 عاماً بشكل يومي في سوق الهال الواقع بوسط الأحياء المذكورة سابقاً، تنتظر مع صديقاتها وصول شاحنات الخضار والفواكه القادمة من المحافظات الأخرى، ليقمن بتنزيلها، بعد الاتفاق مع صاحب الشحنة على البدل المادي، على الرغم من صعوبة هذا العمل.
خلود وصديقاتها اللواتي فرضت عليهن ظروف الحياة الصعبة، البحث عن مصدر رزق لتحسين وضعهن المعيشي وتأمين مصدر دخل إضافي لهن، نزلن إلى سوق الهال لحمل وتعتيل صناديق الخضار والفواكه، حيث كان العمل في هذا المكان سابقاً، حكراً على الرجال منذ عقود، لأنه يحتاج لبنية جسدية قوية.

تقول خلود لموقع الحل، إن “جميع المتواجدين في السوق ينظرون إلينا باستغراب ونحن ننتظر وصول شاحنات الخضار والفواكه وغيرها من المواد الأخرى، لنفرغها على مسؤوليتنا”، مؤكدة أن “العمل صعب جداً وأحياناً نبقى في السوق حتى وقت متأخر من الليل” لافتة إلى أن “هناك قطع تزن أكثر من 17 كغ، و أخرى قابلة للكسر، فهي تحتاج لبذل جهد كبير يضاهي جهد الشباب وحيويتهم”.
تتابع حديثها قائلة: إن “صعوبة هذا العمل والأجر الزهيد الذي نتقاضاه مقابل إنجازه، تقابله قصة عوز وحاجة ماسة لكل واحدة منا تجبرنا على الصبر وتحمل هذا الواقع المرير والتعامل معه” وفق قولها، موضحة: “مضطرة لهذا العمل لكي أجمع مبلغاً من المال يؤمن رغيف الخبز، الذي يقع عليّ حصراً، فوالدي متوفي ووالدتي عاجزة ولدي أخوة صغار يحتاجون للآكل والشرب وأحياناً للدواء، فانا أعمل طوال اليوم من أجل 2000 ليرة سورية”.

ظروف خديجة 28 عاماً مشابهة إلى حد كبير لظروف خلود، حيث تقول في حديث لموقع الحل، إن “عجز والدي عن العمل، ومرض والدتي، إضافة لعدم وجود شخص قادر على إعالة العائلة سواي وعدم توفر فرص للعمل أيضاً، أجبرني على العمل في سوق الهال متناسية كل ما يمكن أن أتعرض له من ألم ومرض نتيجة الحمل الثقيل، مشيرة إلى أنها “تعاني من ألم في الظهر لكنها تخشى زيارة الطبيب حتى لا يمنعها من العمل وستبقى تتحمل الألم والوجع حتى تضمن استمرار رزقها” موضحة أنها “قامت مع ستة من صديقاتها بإفراغ شاحنة تحمل 500 صندوق خضار وفاكهة”.

أجور العتالة الزهيدة
فأجور العتالة تحسب بالكم وحسب النوع والحجم والوزن (أكياس وصناديق صغيرة أو كبيرة وعبوات بلاستيكية وأيضاً عبوات كرتونية و تنك وغيرها) ، كما أن عمليات نقل البضائع من السيارة للأرض تختلف أجورها عن عمليات التستيف والمناولة في المستودعات، وهكذا.. مع ما يعنيه ذلك من استغلال مباشر يصب في مصلحة التجار أولاً وآخراً بشكل أرباح إضافية لهم، وفق خديجة.

أوجه أخرى للاستغلال
أن الاستغلال الجاري بحقنا في سوق الهال لم يقف عند حدود الأجور الهزيلة فحسب، والتي تنحو للانحدار يوماً بعد آخر، إثر استقطاب المزيد من النسوة والفتيات للقيام بهذه الأعمال، نتيجة ظروف الفقر والقهر المستمرة، بل هناك أوجه أخرى للاستغلال أبشع من ذلك، ربما لا تنتهي عند حدود التحرش اللفظي، وحتى الجسدي أحياناً، وعلى مرأى ومسمع السوق بمن فيه” تختتم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.