الجبهة الشعبية – القيادة العامة من لبنان إلى سوريا .. الموقف والدور والسمعة  

الجبهة الشعبية – القيادة العامة من لبنان إلى سوريا .. الموقف والدور والسمعة  

رجا أمين

بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982 وتوصل الأطراف المعنية إلى اتفاق قضى بطرد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل فلسطينية أخرى من #لبنان، تراجعت حالة حمل وتخزين الأسلحة لدى الأطراف الفلسطينية في لبنان، لتتبقى بعض الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين أيدي بعض من تبقى من مقاتلين داخل المخيمات الفلسطينية بشكل خاص أو من انضووا تحت جناح ميليشا لبنانية ما.

عودة الفلسطينيين لاحقاً لاستجلاب السلاح كانت من الشرارات التي سببت حرب المخيمات والتي عادت بأضرار كبيرة على الفلسطينيين مدنيين ومسلحين. وبمرور الوقت وتوقيع اتفاق الطائف سلمت الميليشيات في لبنان –عدا حزب الله- أغلب أسلحتها إلى الجيش اللبناني، إلا الجبهة الشعبية القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل التي احتفظت بأسلحة متنوعة بل وفوقها مواقع وقواعد عسكرية خاصة بها على الأراضي اللبنانية، هي عملياً خارج سلطة القضاء والجيش والقوى الأمنية اللبنانية.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة هي منظمة مسلحة فلسطينية، قومية يسارية التوجه، موالية للنظام السوري بشدة، أسسها الضابط الفلسطيني السابق في الجيش السوري أحمد جبريل (مواليد 1938) في خمسينات القرن الماضي، ويبدو أن أحد أبناءه سيخلفه على كرسي قيادة الجبهة.

الجبهة الشعبية كانت قد قامت بعمليات عسكرية نوعية ضد الإسرائيليين في لبنان وفي الأراضي الفلسطينية التي يحتلونها، كنسف قطارات وسكك حديدية. واحدة من هذه العمليات اشتهرت لاستخدمها غير المتوقع للطائرات الشراعية في انتقال المهاجمين من لبنان إلى إسرائيل جواً. أغلب هذه العمليات يعتقد أنها لم تكن ممكنة دون التمويل الإيراني. ردت الجبهة جزء من الجميل الإيراني لاحقاً بتدريب مقاتلين لحزب الله في لبنان.

المنظمة ذات التاريخ الحافل تمتلك حتى اليوم دبابات ومدافع (155 و160)، وراجمات صواريخ، ومضادات دروع وطيران، وهي مصنفة كمنظمة إرهابية في أوروبا وأميركا.

بالعودة إلى قواعد الجبهة الشعبية في لبنان فهي:

  • موقع التل الأبيض في البقاع يضم عشرات المسلحين وسلاحا خفيفاً.
  • موقع كفر زبد في البقاع يضم قرابة 120 مقاتلاً وأنفاقاً اشتهرت بها الجبهة في عدة مواقع.
  • موقع قوسايا في البقاع على الحدوو السورية اللبنانية من الجهة اللبنانية، واحد من أكبر مواقع الجبهة، يقال أن طول أنفاقه يتجاوز 5 كلم، يحتوي على دبابات وأسلحة ثقيلة وراجمات صواريخ ومضادات دروع وطيران، يقدر عدد عناصره بـ 500 عنصر.
  • موقع حشمش القريب من موقع قوسايا ويعتقد أن هناك أنفاق تربط بين الموقعين، يقدر عدد المسلحين الذين فيه بـ 100 عنصر.
  • موقع السلطان يعقوب “لوسي” في المنطقة التي شهدت واحدة من أكبر معارك الدبابات في العصر الحديث والتي جرت بين الجيشين السوري والإسرائيلي خلال اجتياح 1982، لا يضم الموقع عدداً كبيراً من المسلحين، إلا أنه يستمد أهميته من المخازن التي يحتوي عليها.
  • موقع حلوى هو موقع صغير قريب من الحدود السورية وله أهمية خاصة عند الجبهة نظراً للحراسة الشديدة التي يتمتع بها.
  • موقع الناعمة جنوب بيروت هو الوحيد من مواقع الجبهة خارج منطقة البقاع، وهو يكاد يشرف على مطار بيروت، ويسيطر على طريق بيروت – #صيدا الذي يعد الشريان الذي يربط جنوب لبنان بالعاصمة. يضم الموقع أنفاقاً عديدة وكان أكثر من غيره من مواقع الجبهة هدفاً لغارات إسرائيلية متكررة.

أغلب هذه المواقع، وخاصة البقاعية منها تتمتع بالتحصين الطبيعي أصلاً، وأضيف إليها كلها فوق الحراسة البشرية، آلاف الألغام التي زرعت في محيطها لمنع أي تسلل إليها.

لا يتمتع مسلحو الجبهة الشعبية بود اللبنانيين المجاورين لمواقعهم، وهم غالبهم من المسيحيين والسنة، ولو استفاد هؤلاء السكان من بعض مشتريات المسلحين التي يقومون بها في القرى المجاورة لمواقعهم، إلا أن سوء سمعة هؤلاء المسلحين وعنجهيتهم والخط السياسي الذي يمثلون كلها أسباب تجعلهم بعيدين عن نيل احترام جيرانهم اللبنانيين.

ولكن، بعد إندلاع الثورة السورية ووصول المعارك إلى الزبداني وإلى القلمون السوري، بدأ الحديث عن محاولات تسلل لـ”الإرهابيين” السوريين إلى الأراضي اللبناني، لولا تصدي مقاتلي الجبهة الشعبية لهم وضربهم من خلال مواقعهم الحدودية، الأمر الذي أعاد بعض الاعتبار لهؤلاء المقاتلين في المنطقة.

مشاركة الجبهة الشعبية في الشأن السوري لم تقتصر على إدعاء التصدي لتسلل مجموعات إرهابية سورية معارضة إلى الأراضي اللبنانية، فهي إضافة للعب أفرداها أدوراً “تشبيحية” بحق اللاجئين الفلسطينيين السوريين والسوريين في المخيمات الفلسطينية على الأراضي اللبنانية، كان لمقاتليها مشاركة هامة في معارك النظام السوري ضد مخيم اليرموك فاطبقوا الحصار تحت إمرة النظام على أهلهم المدنيين الفلسطينيين في اليرموك، وصاروا جزءاً من المافيات الاقتصادية للحرب خلال أقسى فترات الحصار، كما قاتلوا في درعا والقنيطرة مواقع أخرى. وتدعي الجبهة الشعبية على لسان أمينها العام المساعد أن 420 عنصراً من عناصرها قد “استشهد” خلال مشاركة الجبهة في مؤازرة النظام السوري بالإضافة إلى أكثر من 800 جريح.

لطالما كانت سمعة الجبهة الشعبية سيئة، ولكن دورهم المفترض في الدفاع عن القرى الحدودية اللبنانية رفع من أسهمهم بعض الشيء، بينما تقول بعض المصادر المستقلة في المخيمات الفلسطينية أن التأثر بعقلية الجبهة يأتي من التأثر بالقوي الذي يستطيع فعل ما لا يستطيع غيره فعله، إذ يستقوي بسطوة من يستند عليهم مثل حزب الله والنظام السوري، أما المشاركة في القتال ضمن صفوفه، فهي وإن كانت خطيئة لا تغتفر، إلا أنها أمر يمكن فهمه بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجه فئة من الشباب الفلسطيني، فلم يعد أمامهم إلا حمل سلاح الجبهة الشعبية طلباً للرزق.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.